فصول من رواية نضال لم تنتهِ .. الحزب الشيوعي العراقي ومآثر قادة لن تجود البلاد بمثلهم

بغداد- العراق اليوم:

" الحزب استطاع البقاء في بيئة غير صديقة، وكان دائما من حملة الفكر والهم الوطني، لذا تمكن من استقطاب أشخاص غير شيوعيين"، هذا ما يقوله سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، الدكتور رائد فهمي الذي ترأس اللجنة المركزية للحزب في العام 2016، عقب مؤتمر صاخب، وشهد فيه تغييرات حاسمة في بنيته، وانطلاقة أخرى من إجل اسهامة مضافة، كي يمضي الحزب في طريق كفاحه الأبدي دون أن يتوقف، أو يتزحزع عن الأرض الأم، فهو راسخُ برسوخ العراق، وأصيل بأصالة شعب العراق، وبطموح ابنائه الباحثين عن ضوء في نهاية نفق طويل، طالت مسيرة البحث فيه عن منفذ.

وبالفعل أن ما يستقرأ مسيرة الحزب الحافلة منذ انعقاد أولى خلاياه في بغداد في الحادي والثلاثين من أذار عام 1934م، والى اللحظة الراهنة، سيجد أنه حزب يشق طريقه بين صخور صلدة، وتضاريس صعبة، وأرض يباب، وفؤوس حادة حملها الأصدقاء والأعداء على حدٍ سواء، وسيجد بوضوح تام أن هذا الحزب وقادته ومناضليه يحفرون في اخدود صخري متكلس، بأزميل الصبر، ونزاهة القضية، وعدالة النضال التحرري من إجل بناء تجربة وطنية، تصان فيها الكرامة، ويحفظ فيها حق المجتمع، وتعلو فيها قيم الاشتراكية الفاضلة.

فمنذ أولى الخلايا التي انبثقت من هناك، ومنذ أن تأسست لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار، ورأسها الشيوعي المخضرم عاصم فليح، وقبلها كانت الحلقات الشيوعية تتشكل ببطء شديد في بيئة صعبة، وكان طليعو  العراق انذاك، يحبون في طريق تأسيس حزب للفقراء ولعامة الشعب، فكانت حلقات المثقفين الماركسيين (حسين الرحال، وأمنة الرحال، محمود احمد السيد، عوني بكر صديقي، وعبد الله جدوع) وغيرهم، خميرةً البناء الماركسي في العراق.

وانطلق الحزب بسرية تامة يكافح ويناضل، وقبل ذلك يُعلم مبادئه الجديدة لفئات ظلت خارج الحسبان لعقود وسنوات طوال، ومن ثم انطلق الحزب الشيوعي العراقي بتسميته هذه في العام 1935، ليظل فليح على رأسه الى العام 1941، ومع احداث مايس والحركة التحررية انذاك، صعد للقيادة المناضل الوطني يوسف سلمان يوسف (فهد)، الذي ادار نضال الحزب بظروف بالغة التعقيد، لكنه وهو القادم للتو من موسكو بعد انهى تعليمه في جامعة كادحي الشرق، بدأ بعمله التنظيمي الحقيقي، ليسجل الحزب الشيوعي حضوراً لافتاً في عقد الاربعينات من الألفية الماضية.

في نهاية العقد الأربعيني ومع تكرر اعتقال الشيوعيين، وحملات النظام الملكي الرجعي، ووصول الكفاح الشيوعي الى ذروته، لاسيما مع اسقاط معاهدة بورتسموث الشهيرة في  1948، ودور الحزب القيادي في الاحتجاجات والأضرابات الشعبية، لم يجد النظام انذاك، حلاً سوى إخراج قادة الحزب فهد ورفيقيه حازم وصارم من السجن، واعدامهم بتهمة قيادة الوثبة من داخل السجن ليتعرض الحزب بعدها الى أسوء سيناريو يتعرض له حزب ناشئ.

فيتولى الشاب الشيوعي ساسون دلال، وهو في عقده الثاني، قيادة التنظيمات التي تعرضت لعسف وقمع شديد، وباندفاعه الثوري الواضح وتأثره بإعدام فهد، فأن مصير ساسون لم يختلف عن فهد، حيث اعدم ليتسلم الراية حميد عثمان لثلاثة اشهر فقط، حيث اعتقل، ويتولى القيادة بعده الشيوعي المعروف بهاء الدين نوري، ثم يعتقل نوري ايضاً، ويتولى القيادة كريم احمد، وهنا بقي الحزب يعاني من التشظي وغياب المركزية التنظيمية.

في العام 1955 قيض للحزب شخصية شابة، شيوعية صلبة هو المناضل والشهيد البطل حسين أحمد الرضي (سلام عادل)، الذي عمل على لم شمل التنظيمات، ووأد حركات الانشقاقات بسياسة واضحة، وحكيمة، ليقود الحزب في مرحلة تعد الأخطر، والاكثر تأثيراً في تاريخ العراق السياسي المعاصر... وللحديث صلة..

علق هنا