بغداد- العراق اليوم: أرجع محللون ومراقبون سياسيون، عدم تمرير كابينة محمد توفيق علاوي أمسِ الخميس في مجلس النواب، الى جملة من الأسباب، من بينها، غياب التوافق الداخلي الشيعي حول هذه الكابينة، فضلاً عن خلل في تركيبة التشكيلة المُقترحة، بالإضافة إلى نقص التوافق السياسي الشامل مع القوى والمكونات السياسية الأخرى، مؤكدين أن " محاولة فرض حكومة علاوي كأمر واقع من قبلِ تحالف سائرون النيابي، فشل أول أمس بعد تضعضع جبهة تحالف البناء المؤلف من تحالف الفتح واتحاد القوى العراقية، وإئتلاف دولة القانون الذي اعلن مقاطعته لجلسة منح الثقة". وقال المراقبون لـ " العراق اليوم"، أن " هذه الجلسة كانت تسير وفق خطىً واضحة، وأن محاولات فرض الأمر الواقع من قبل ائتلاف سائرون النيابي لم تنجح كما في المرة السابقة، حين فرض عادل عبد المهدي كأمر واقع، وخصوصاً مع تراجع تحالف البناء بقيادة هادي العامري عن المضي في منح حكومة علاوي الثقة، بعد أن حاول الأخير وفريقه المفاوض، الانقلاب على مرشحيهِ الى هذا الموقع، وحاول إدارة الأمر بوصفه اختصاصاً حصرياً له، متناسياً ضرورة تكوين جبهة نيابية مساندة لنجاح مهمته في تمرير كابينة وزارية غير مكتملة كما قدمها". من جابنه، قال مصدر صحفي، أن " جدلاً كبيراً جدا يدور حول حكومة علاوي، بين رفض كردي، وآخر سني، مع أصوات رفض عالية في ساحات التظاهر، وحيرة شعبية تبحث عمن رشح علاوي بعد أن أخلى الجميع (أحزاب ومتظاهرين) مسؤوليتهم عن ترشيحه.
واضاف المصدر، أن " علاوي استبق امس جلسة التصويت باتهام النواب بقبض أموال باهظة مقابل إفشال تمرير حكومته، معلناً رفضه التصويت السري .. وهو مؤشر على أنه اولا أصبح مدركاً لسعة حجم المعارضين له، فيتخوف الفشل.. وثانيا أنه لايثق حتى بالمؤيدين له، لذلك يصر على التصويت العلني لاحراجهم.. وثالثا انه يحاول استفزاز القوى التي تقف وراء ترشيحه بانها قد تخسره، ليدفعها للتحرك والتحشيد لجلسة التصويت. واشار الى أنه " قد يتعثر التصويت، لكن ارجح أن حكومة علاوي سيتم تمريرها، فالعراق كما معروف هو بلد سياسة الساعات الاخيرة الحافلة بالصفقات.. و السيناريو الدولي المرسوم للعراق هو أن يتم تمرير حكومة ضعيفة مطعون بها، للانتقال الى حل البرلمان وتفكيك تحالفات القوى السياسية للوصول إلى انتخابات مبكرة تنتج خلطة سياسية هجينة لايحظى فيها الشيعة بقوة صناعة القرار التي ستنتقل لحلبة الكرد والسنة". وأردف "من يتابع ساحات التظاهرات سيفهم اللعبة بركنيها (الحزبية والدولية)، فمنابرها بلعت ألسنتها ولم تعد تتحدث عن مواصفات رئيس الحكومة التي أسقطت بها كل المرشحين السابقين لعلاوي.. ولم ترفع صوتا واحدا ضد اي سياسي فاسد سني او كردي، ولم تعلن عن أي موقف تضامني مع تظاهرات كردستان التي بدأت السبت ضد نظام بارزاني.. بل هيمنت عليها اجواء تمرير الحكومة الجديدة، بين رغبة الخروج من مأزق التظاهرات الشيعية وبين العبور الدولي لمحطة ثانية.
ولفت " بالتالي فإن حكومة محمد علاوي قد تمر بضوء أخضر أمريكي، وتسويق اعلامي ذكي، خاصة بعد صفقة علاوي بشأن تواجد القوات الأمريكية، فالكرد والسنة ليسوا اكثر من ورقتي ضغط في لعبة التغيير الناعم فضلا عن كون علاوي لايرتبط بأي صلة مع إيران ولم يكن لحلفائها اليد الطولى بترشيحه، وهذا اولى ركائز التغيير الناعم.لكن مع كل هذا، فإن حكومة علاوي ستواجه لاحقا مآزق سياسية وشعبية كبيرة جدا، ولا اظنها ستسمر بسلام. فيما أشار مصدر أخر الى أن " حكومة علاوي قد تواجه مصير السقوط في مجلس النواب بعد غد، لاسيما وأن أية انفراجة في المفاوضات لم تتحقق لغاية الآن، وأن الرجل بات مقتنعاً ان تمرير الكابينة يحتاج ضغوطاً دولية قوية على القوى السياسية الرافضة، وهو ما قد يتحقق في الساعات القليلة المقبلة".
*
اضافة التعليق