انقلاب سياسي قد يجبر رئيس الوزراء المكلف على الاعتذار عن تشكيل الحكومة

بغداد- العراق اليوم:

تحدث مقربون من رئيس الوزراء المكلّف محمد توفيق علاوي، الثلاثاء، عن أن الأخير وبرفضه لطلبات القوى السياسية السُنية والشيعية والكردية، جعل تلك القوى “تنقلب” عليه.

وبحسب تقرير لصحيفة العرب اللندنية  فإن علّاوي قد لا يستطيع إكمال مهمته ويقدم اعتذاراً عن تكليفه في أي لحظة، سعيا للتقرب أكثر من الشارع المحتج ضد فساد الطبقة السياسية، ولعدم إسقاطه من قبل البرلمان بشكل علني.

وأدناه نص التقرير:

“قالت مصادر سياسية في بغداد إن رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي قد يعتذر عن مهمة تشكيل الحكومة في أيّ لحظة، بعدما وصف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي رغبة رئيس الحكومة المكلف بتشكيل حكومة مستقلة عن الأحزاب بغير الواقعية.

وبعدما كان قاب قوسين أو أدنى من إكمال كابينته الوزارية بمباركة سياسية، كانت واسعة حتى قبل أيام، يبدو أن الفريق السياسي المناهض لعلاوي في طريقه لتحقيق الانتصار، إذ تبدّد الدعم السياسي الذي كان يعتمد عليه، في ظروف غامضة.

ويقول مقرّبون من علاوي إن رئيس الوزراء المكلف رفض طلبات من قوى سياسية شيعية وسنية وكردية بإشراك ممثليها في الحكومة، فانقلبت عليه. وبدلا من أن تقول هذه القوى الحقيقة، راحت تتحدث أمام الشارع عن أن تكليف علاوي لا يحقق مطالب المتظاهرين المرابطين في الشوارع منذ خمسة شهور، أو أن قرار التكليف لم يكن دستوريا، ما استدعى دخول رئيس الجمهورية برهم صالح في دائرة السجال الإعلامي ليؤكد أن اختيار علاوي تم بعد موافقة صريحة من غالبية القوى الشيعية والسنية والكردية.

وما لم يتحول علاوي عن رغبته في تشكيل حكومة مستقلة عن الأحزاب، فإن نيله ثقة البرلمان سيكون أمرا صعبا.

وألمح علاوي الثلاثاء إلى أنه يدرك طبيعة الحراك الذي يستهدف إحباط مساعيه لتشكيل حكومة مستقلة.

وقال رئيس الوزراء المكلف، “لقد وصل إلى مسامعي أن هناك مخططا لإفشال تمرير الحكومة بسبب عدم القدرة على الاستمرار في السرقات لأن الوزارات ستدار من قبل وزراء مستقلين ونزيهين”، مضيفا أن تفاصيل المخطط تتمثل في “دفع مبالغ باهظة للنواب، وجعل التصويت سريا”، خلال جلسة منح الثقة التي يتأرجح موعدها حتى الآن.

وعبّر علاوي عن أمله في أن “تكون هذه المعلومة غير صحيحة”.

وكان موعد جلسة البرلمان تأجّل من يوم الاثنين الماضي إلى يوم غد الخميس، فيما اشترط الحلبوسي على المكلف إرسال أسماء أعضاء كابينته لدراستها في مجلس النواب قبل عقد جلسة التصويت بثلاثة أيام، وإلا فإن جلسة الخميس لن تعقد.

وأشار الحلبوسي إلى إمكانية تكليف مرشّح جديد، في حال انتهت الثلاثون يوما الخاصة بتشكيل الحكومة من دون اكتمال الكابينة، وهو خيار كان مستبعدا للغاية قبل أيام.

وحمّل الحلبوسي رئيس الجمهورية مسؤولية اختيار علاوي لتشكيل الحكومة، مؤكدا أن برهم صالح ارتكب مخالفة دستورية برفضه تكليف شخصيات طرحت أسماؤها قبل علاوي.

لكن صالح ردّ سريعا بالقول إن رئيس البرلمان حضر شخصيا مراسم تكليف علاوي، ووافق على القرار صراحة.

ويقول مراقبون إن علاوي أبدى صلابة غير متوقعة خلال مرحلة اختيار أعضاء كابينته، ولم يصغ إلى مطالب الكتل السياسية التي يهمّها أن تحافظ على مكاسبها ونفوذها في مؤسسات الدولة.

ومع أن علاوي لم يختر في كابينته، وفق ما تسرّب من أسماء أعضائها، أسماء شخصيات بعيدة عن دوائر العمل السياسي المعروفة في العراق بعد العام 2003، إلا أنها لم تكن على صلة فعلية بأيّ طرف من الأطراف المتنفذة في الحياة السياسية حاليا، وهي خيارات تسبّبت في غضب حزبي كبير.

وحتى الدعم الصريح الذي كان يتلقّاه علاوي من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بدا أنه يتلاشى.

ومساء يوم الاثنين، قال الصدر إنه لم يختر محمد توفيق علاوي، لكنه صمت عن تكليفه أملا في عبور أزمة التظاهرات.

وجاءت تعليقات الصدر، بعد ساعات من تراجع تحالف الفتح المدعوم من إيران عن دعمه لعلاوي، متهما رئيس الوزراء المكلف بمجاملة أطراف سياسية على حساب أخرى، وضعف برنامجه الحكومي.

وتقول مصادر إن علاوي، إذا لم يكن قد قرّر فعلا استرضاء المعترضين خلال اليومين القادمين، فإنه لن ينتظر حتى يسقطه البرلمان علنا، وسيتخذ خطوة تقرّبه من الشارع المحتجّ ضد فساد الطبقة السياسية وتحكّم الأحزاب الخاضعة لإيران بمقدّرات البلاد.

ويقول مراقبون إن تلميحات علاوي ربما تكون مقدمة لخطة أعدها مسبقا تتضمن قلب الطاولة على الأطراف السياسية، ومكاشفة الجمهور بمطالبها البعيدة عن مصالحه، ما يضع رئيس الوزراء المكلّف في جانب المحتجين الذين أسقطوا حكومة عادل عبدالمهدي، وهدّدوا جميع المراكز السياسية الراسخة، بما فيها تلك التي تستمد الدعم المطلق من إيران.

وعزا مراقب سياسي عراقي عدم منح الأحزاب الثقة لحكومة علاوي، على الرغم من الرفض الشعبي لاختياره، لأسباب تتعلق بخشية تلك الاحزاب من أن يكون ذلك بداية لتنازلات ستحرمها من الكثير من امتيازاتها.

وقال المراقب في تصريح لـ”العرب”، “ما لا تغفره الأحزاب لعلاوي أنه لم يتّبع الطريقة المعتادة في اختيار وزرائه، وأنه كان عليه أن يطلب منها أن تقدم مرشحيها ليختار وزراءه من بينهم”.

وأضاف المراقب “غير أن علاوي وقع في المحظور حين نظر إلى المشاركة في الحكم من جهة المحاصصة وأن اختياراته هي الأخرى لم تخرج عن نطاق العملية السياسية المعمول بها منذ 2003. فالوزراء الذين اختارهم علاوي سبق لهم وأن عملوا في الحكومات السابقة”.

وتوقع ألاّ يمرّ إسقاط حكومة علاوي حدثا عاديا، وأنه قد يفجّر صراعات متعددة الجوانب، لافتا إلى أن الطريق غير السالكة التي شاءت الأحزاب أن تمشي فيها قد تؤدي إلى نشوب صراع بين مؤسستي الرئاسة والبرلمان ما قد يؤدي إلى الإطاحة بالحلبوسي من أجل الإبقاء على علاقة متوازنة مع الأكراد من خلال برهم صالح”.

وهاجم رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الإثنين، رئيس الجمهورية برهم صالح متهماً إيّاه بالتجاوز على الدستور عبر رفضه ترشيح اشخاص قبل تكليف محمد توفيق علاوي بمهمّة تشكيل الحكومة.

وكشف الحلبوسي في مقابلة متلفزة تابعها “ناس”، (24 شباط 2020)، عن مضمون حوار جمعه بالمكلف محمد علاوي، أكد فيه أن الأخير أخبر الحلبوسي بأنه “كان يتوقف تكليفه برئاسة الحكومة منذ اكثر من سنتين، وأنه مستعد منذ تلك الفترة لهذه المهمة كما أن فريقه مكتمل بالنسبة للوزارات والمناصب العليا في الدولة”.

وأضاف الحلبوسي أن “محمد توفيق علاوي يتعامل بطريقة بعيدة عن المنهج الذي يتحدث به، ويجب ان يكون واقعيا اكثر، إذ أنه جزء من الطبقة السياسية التي حكمت البلاد، وكان يقود التفاوضات عندما كان في ائتلاف الوطنية، واتمنى عليه ان لا يتنصل من اي مسؤولية ويكون واقعيا، فالهروب من المسؤولية ليس حلّا”.

وتابع رئيس مجلس النواب مخاطباً المكلف بتشكيل الحكومة محمد علاوي، “اتمنى عليه خلال اليومين القادمين اقناع الشارع العراقي بكابينته الوزارية، وأن يعي مسؤولية ان تكون هناك طبقة من الشباب تتصدى للمسؤوليات”.

الحلبوسي نقل عن علاوي قوله أنه “لم يكن مرشح ائتلاف الوطنية عام 2006 لشغل المنصب الوزاري، بل مرشح برهم صالح في تلك الفترة”، وتساءل الحلبوسي “هل يعيد التاريخ نفسه؟ صالح رشّح علاوي قبل 14 عاماً، فهل كانت المخالفة الدستورية مقصودة؟، وهل ان رفض صالح لكل المرشحين السابقين كان من أجل الوصول الى تكليف محمد علاوي؟، هل تتكرر احداث عام 2006 بترشيح علاوي من قبل برهم صالح لوزارة الاتصالات، لتعود بتكليفه بتشكيل الحكومة؟”.

وبيّن “سألت علاوي في لقائي الأخير.. هل عملت وفق مصالح من رشّحك أم وفق منهج ومصالح الدولة إبان ترشيحك كوزير للاتصالات؟، لكن علاوي لم يُجب على السؤال”.

وبشأن إمكانية عقد جلسة تمرير الحكومة من عدمها يوم الخميس المقبل قال الحلبوسي إن “السير الذاتية للوزراء يجب ان تصل قبل موعد الجلسة بـ48 ساعة، وإذا تأخر المكلف قد نضطر الى تأجيل موعد الخميس”، مبيناً “ان لم يتمكن علاوي من العبور ونيل الثقة في جلسة الخميس، فمن الممكن ان يكون له موعد اخر على ان لا يتجاوز تاريخ الثاني من شهر اذار المقبل، وهي فترة مرور شهر على تكليفه، وسندخل مرحلة جديدة امدها 15 يوما لترشيح اخر من قبل رئيس الجمهورية”.

ولفت بالقول “ان لم نتمكن من اتخاذ قرار بأغلبية مطلقة، فذلك يعني ان المكلف لم ولن يتمكن من اقناع جميع الاطراف السياسية”.

علق هنا