وقائع “أشهر” محاكمة صحفية في العراق .. شارك فيها الجواهري والصدر

بغداد- العراق اليوم:

روى الخبير القانوني قصة محاكمة صحفية جرت في العاصمة بغداد عام 1947، اشتركت فيها العديد من الشخصيات العراقية المعروفة بين شاهد ومحام، من بينهم شارك محمد مهدي الجواهري وعبد الحسين الأزري ومحمد رضا الشبيبي ومصطفى جواد ومنير القاضي والشيخ علي الشرقي و محمد صادق الصدر الوزير ورئيس مجلس التمييز الجعفري آنذاك.

وأشار حرب إلى أن المحاكمة طالت قاسم حمودي المدير المسؤول لجريدة لواء الاستقلال إثر نشر الصحيفة قصيدة “تمثال العبودية” تحت اسم شاعر مستعار يدعى “صقر”.

وفيما يلي نص الواقعة كما رواها حرب :

تعتبر محاكمة السيد قاسم حمودي المحامي المدير المسووءل لجريدة لواء الاستقلال من أشهر المحاكمات الصحفيه ببغداد فلقد كان الحاكم القاضي المعروف عبدالعزيز الخياط وكان فريق الدفاع مؤلفاً من ثمانية عشر محامياً في مقدمتهم الثلاثه الكبار في تاريخ مهنة المحاماة الذين أشغلوا منصب نقيب المحامين فائق السامرائي وعبد الرزاق شبيب وداود السعدي، ومن شهود الدفاع الحاج عبد الحسين الازري الوزير والشخصيه البغدايه الشهيره والدكتور سليم النعيمي المحاضر في دار المعلمين العالية والشاعر الجواهري ومهدي مقلد الشاعر والمحامي وتم استمزاج رأي شخصيات كثيرة حول موضوع الدعوى منهم الشيخ محمد رضا الشبيبي الوزير والاديب والشخصية المعروفة والدكتور مصطفى جواد والدكتور جواد الحلبي وبعد النقض واعادة المحاكمه مجدداً تم الاستماع مجدداً الى الشهود الشيخ علي الشرقي الوزير والقاضي والشاعر والسيد منير القاضي عميد كلية الحقوق وحسين علي الاعظمي استاذ الشريعه الاسلاميه والحاج حمدي الاعظمي عميد كلية الشريعة الاسلامية و محمد صادق الصدر الوزير ورئيس مجلس التمييز الجعفري وصادق الاعرجي الاستاذ في وزارة المعارف وصادق الملائكة استاذ في الاعدادية المركزية وحامد مصطفى عضو مجلس التمييز الشرعي السني، وخلاصة الدعوى التي أنتهت بالافراج عن المتهم قاسم حمودي بعد أن حكم عليه أول الامر بالحبس لمدة سنه ولكن تم نقض الحكم واعيدت المحاكمة مرة أخرى فكانت النتيجة الافراج، اذ نشرت جريدة لواء الاستقلال يوم 21 آذار 1947 على صفحتها الاولى وفي إطار بارز الابيات التاليه بأسم مستعار( صقر) وتحت عنوان تمثال العبودية :

لمن التمثال في الكرخ تباهى وتبختر

وأزدرى بالشعب لما أن تعالى وتكبر

ألمن قاد جيوش العرب للنصر المقدر

أم لمن قد دحر الاعداء في الجيش المظفر

أم لمن قد مط للأمه تاريخاً مسطر

هو رمز للعبوديات والحق المعفر

أيها الشامخ في الجو على من تتبختر

ان تكبرت على مجد هوى فالله أكبر

وحيث ان هنالك تمثالان في الكرخ هما تمثال الملك فيصل الاول والثاني تمثال الجنرال ( مود) قائد القوات البريطانيه التي أحتلت بغداد سنة 1917 اذ ان الاتهام يرى ان المقصود هو الملك فيصل والاخرون يقولون ان المقصود الجنرال( مود) وهذا هو اساس الدعوى، وبعد يومين من النشر أي في يوم( 1974/3/23 ) تم القاء القبض على قاسم حمودي المدير المسوؤل للجريده وتمت احالة الدعوى من حاكم ( قاضي) تحقيق الرصافه الجنوبي الى محكمة جزاء بغداد الاولى وكان الاتهام على وفق المادتين 25و31 من قانون المطبوعات رقم 57 لسنة 1933وقد قررت المحكمة ايقاف صدور الجريدة نتيجة المحاكمة وكان نائب المدعي العام السيد سعيد الصفار وحضر محامو الدفاع وأبتدأت المحاكمة ببيان المدعي العام وخلاصته ان مقاصد ومعاني الأبيات تمس ذات جلالة الملك فيصل الاول وليس الجنرال مود وطلب الحكم على المتهم وتم تدوين هوية المتهم الذي أقتصرت أقواله على انه سبق وان اجاب قاضي التحقيق وان المحامين سيتولون المهمه وطلب محامو الدفاع جلب خبراء لمعرفة الجهة التي تصرف اليها هذه الابيات ولكن المحكمه لم تر حجة، وطلب المحامون من المحكمه الاستماع الى شهادات أحمد المناصفي ومحمد رضا الشبيبي وعبد الحسين الازري والجواهري ومحمود الملاح ومهدي مقلد ومحمد بهجت الاثري وسليم النغيمي وهاشم العطية وفي الموعد الجديد للمحاكمه قال الشاهد الحاج عبدالحسين الازري ان المقصود الجنرال مود وهذا قول الشاهد محمود الملاح ومثل ذلك قال الشاهد الدكتور سليم النعيمي وكذلك الشاهد الشاعر محمد مهدي الجواهري، ثم طلبت المحكمة من المحامين بيان دفاعهم حيث أنصرف الى ان المقصود من القصيدة الجنرال مود وبالنسبة للملك فيصل تولوا الرجوع الى قانون الاسرة المالكة رقم 49 لسنة 1938 الذي عدد الاسرة المالكه وليس من بينها الملك فيصل الاول اذ يعتبر رب الاسرة المالكة وليس من الاسرة وبالتالي فأن الفعل لا يشكل جريمة لعدم وجود نصا صريحا في التشريع يعده جريمة، وطلبوا براءة المتهم وطلب نائب المدعي العام عددا من الشهود الادباء ولكن المدعي العام وجه كتاباً مستعجلاً الى المحكمة تضمن صرف النظر عن الاستماع لهوءلاء الشهود وفي جلسة يوم (1947/4/15) قدم نائب المدعي العام بيانه وبعد مناقشتة للقضية لغوياً وقانونياً طلب من المحكمة تجريمه والحكم عليه وعقّب المحامي عبد الرزاق شبيب على ما ذكره نائب المدعي العام وطلب من المحكه الاستماع الى أجوبة الشعراء والادباء حيث قدم ستة اوراق لستة منهم، هم الشيخ محمد رضا الشبيبي والشيخ بشير الصقال والشيخ محمد جواد الجزائري والمحامي أحمد المناصفي والدكتور داود الحلبي والدكتور مصطفى جواد الذين أبانو بمطالعاتهم التحريرية المسلّمه الى المحكمه برائته، وعقّب نائب المدعي العام ثم تلت المحكمة قرار التجريم الذي أوضح ادانة المتهم وحكمت عليه بالحبس لمدة سنة وتعطيل الجريدة لنفس المدة وتم استئناف الحكم امام المحكمة الكبرى التي قررت رد اللائحه الاستئنافية لكن محكمة تمييز العراق قررت نقض قراري التجريم والحكم واعادة المحاكمةوكان رئيس محكمة التمييز المستر( بريچارد) والاعضاء حسن سامي تاتار ومحمود خالص وحمدي صدر الدين وابراهيم الشابندر حيث تم الاستماع الى شهادة الشيخ علي الشرقي والسيد منير القاضي وحسين علي الاعظمي والحاج حمدي الاعظمي وفي جلسة المحاكمة قررت المحكمة انتداب خبراء آخرين هم محمد صادق الصدر وصادق الاعرجي وصادق الملائكه وحامد مصطفى وهم من التمييزيين الشرعي الجعفري والسني وكذلك السيد رزوق غنام لشخصيته واستمعت الى شادتهم وفي يوم 1947/8/4 قررت المحكمه الافراج عن المتهم ورفع الحجز عن الجريدة بعد ان استمعت الى المشهورين من المثقفين والادباء والعلماء ببغداد.

علق هنا