المحاصصة في عين العاصفة.. لماذا فوجئت الطبقة السياسية بالاحتجاجات؟

بغداد- العراق اليوم:

يرى تقرير نشره موقع “بلومبيرغ، أن المحتجين العراقيين يلقون بـ “اللائمة على نظام المحاصصة الذي أنشئ بعد الغزو الأميركي في 2003، والذي يوزع السلطة بين أحزاب تدعي أنها تمثل الشيعة والسنة والأكراد، لكنها تعمل على ترسيخ الطائفية وإهدار الأموال والسماح بازدهار المحسوبيات والفساد”.

وقال التقرير  إنه بعدما طفح كيل العراقيين من الفساد، والوتيرة البطيئة للتعافي من الدمار الناتج من الحرب ضد داعش، خرجوا، منذ بداية تشرين الأول الماضي، في مسيرات احتجاج عمت أنحاء العراق.

وكما هو الحال في لبنان، لفتتت كاتبة التقرير كارولين ألكساندر، وهي صحفية لدى موقع “بلومبيرغ”، إلى “تحويل المنتفضين مطالباتهم إلى إلغاء النظام الطائفي الذي تبنته الولايات المتحدة بعد قضائها على نظام صدام حسين في عام 2003. وبسبب عدم اتفاقهم على قرار موحد، شن كبار المسؤولين حملة قمع شديدة ضد المتظاهرين، ما وضع العراق في مواجهة أزمة جديدة”.

وتلفت ألكساندر لخروج الاحتجاجات بسبب “الكسب غير المشروع وشح فرص العمل وانقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه. وقد انطلقت المظاهرات في بادئ الأمر عبر حركة صغيرة من مدينة الصدر، حي واسع وفقير نسبياً في شرق بغداد. ولكن بعدما ردت قوات أمنية عراقية بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، امتدت الاحتجاجات نحو جنوب العراق وأصبحت عنيفة. وخلال الأيام الأولى للمسيرات، رفع متظاهرون صور عبد الوهاب الساعدي، نائب قائد جهاز مكافحة الإرهاب الذي أصبح بطلاً قومياً لدوره الرئيسي في إلحاق الهزيمة بداعش في عام 2017، والذي أحيل على التقاعد”.

وحول مطالب المنتفضين، يشير الكاتبة إلى “رغبتهم في إصلاح شامل لنظام الحكم في البلاد. ويدعو المحتجون إلى استقالة كامل القيادة السياسية، وإصلاح النظام القضائي لضمان المحاسبة، وتفكيك النظام الطائفي الذي أنشأه الأميركيون”.

ويرى التقرير أنه بـ “رغم اكتساح المظاهرات مناطق غالبية سكانها شيعة، وهم يشكلون معظم العراقيين، يقول محللون سياسيون إن هذه ليست انتفاضة طائفية. وعوض ذلك، هي حركة شعبية مع منتفضين يريدون تجاوز الهويات العرقية والدينية. وترفع الأعلام العراقية في كل مكان، كما استخدم متظاهرون عراقيون صوراً ولوحات تمجد التاريخ العراقي، وغالباً ما أنشدت حشود النشيد الوطني”.

وتشير الإحصاءات لزيادة عدد سكان العراق سنوياً قرابة مليون نسمة، ويدخل في كل عام سوق العمل قرابة نصف مليون لا يجدون وظائف. ويقول التقرير إن المحتجين يلقون بـ “اللائمة على نظام المحاصصة الذي أنشئ بعد الغزو الأميركي في 2003، والذي يوزع السلطة بين أحزاب تدعي أنها تمثل الشيعة والسنة والأكراد، لكنها تعمل على ترسيخ الطائفية وإهدار الأموال والسماح بازدهار المحسوبيات والفساد. وقد حل العراق في المرتبة 168 من بين 180 دولة على المؤشر الدولي للفساد في 2018. وأنشأت الولايات المتحدة نظام المحاصصة في العراق ضمن محاولة لتوفير الأمن”.

وتلفت الكاتبة لاستعادة العراق نموه الاقتصادي بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش وانتعاش جزئي في أسعار النفط والإنتاج في خامس أكبر منتج للبترول في العالم.

وفي الوقت نفسه، لا توجد فرص عمل لـ 25٪ من الشباب العراقي، كما لم يشهد العراق إلا تقدماً بسيطاً في مجال إعادة إعمار البنية التحتية. وما زال حوالي 1.8 مليون من النازحين داخلياً في حاجة إلى سكن. ويقدر البنك الدولي كلفة إعادة إعمار سبع محافظات تأثرت بالحرب مع داعش بقرابة 90 مليون دولار على مدى خمس سنوات. ولكن يعتبر الفساد من الأسباب الرئيسية التي تمنع تقديم الخدمات العامة.

وترى الكاتبة أن توقيت الاحتجاجات فاجأ السلطات العراقية التي حاولت استعادة النظام عبر فرض حظر للتجول، وقطع شبه تام لخدمة الانترنت. لكن لم ينفع ذلك سوى في إشعال توترات. كما أثارت تقارير حول قيام بعض القناصين بإثارة مزيد من الغضب بين المحتجين، وكذلك إطلاق عبوات غاز مسيل للدموع مباشرة على المتظاهرين، فضلاً عن اختفاء نشطاء واستهداف طواقم طبية. ومنذ الإطاحة بصدام وإعدامه، شهد العراق عدداً من الاحتجاجات ولكن ليس على هذا النطاق، وفقا للتقرير

علق هنا