تفاصيل “ليلة الفياض” في الموصل.. لماذا فشل في إقناع حزب بارزاني بدعم المرعيد

بغداد- العراق اليوم:

هي الخضة الأولى التي يتعرض لها محافظ نينوى منصور المرعيد، منذ اختياره للمنصب في أيار الماضي، فمجلس المحافظة صوّت على إقالته في جلسة “خاطفة” أثارت سجالات وصدامات سياسية، خاصة وأن مجلس المحافظة “منحل” على يد البرلمان، وقراراته، محل شك وارتياب لدى فقهاء القانون..

القصة، بدأت منذ صدور قرار البرلمان العراقي الشهر الماضي، القاضي بحل مجالس المحافظات على وقع الاحتجاجات الشعبية، التي تشهدها العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى، حينها أوعز محافظ نينوى منصور المرعيد إلى نائبه الثاني حسن خلف، بتشطيب المجلس، وجرد الموجودات تمهيدًا لتسليم البناية التابعة لوزارة الموارد المالية، وذلك رغبة من المرعيد بعدم مواجهة المجلس في مسألة إنهاء وجوده، لذلك أوكل المهمة إلى نائبه الثاني.

تتشكل الخارطة السياسية في مجلس المحافظة من 39 عضوًا؛ يتوفر الحزب الديمقراطي الكردستاني، على أكثر من 10 مقاعد، بالتحالف مع الأقليات المسيحية، والأيزيديين، فيما يمتلك الاتحاد الوطني ثلاثة أعضاء، وتمتلك كتلة سند التابعة للنائب أحمد الأسدي، والمقربة من الحشد الشعبي هناك أربعة أعضاء، والمشروع العربي بزعامة خميس الخنجر، خمسة أعضاء، وكتلة الجماهير التابعة للنائب أحمد الجبوري “أبو مازن” تضم 3 أعضاء، فيما يمتلك حزب الحل عضواً واحدا، مع تيار الحكمة، يضاف إليهم أربعة أعضاء من التركمان، وعضوان من الحزب الاسلامي، وأربعة من بقايا كتلة النهضة التي أسسها محافظة نينوى السابق نوفل العاكوب وعدد من الأعضاء المتقلبين بحسب طبيعة المرحلة.

مثلت استجابة المرعيد لقرار البرلمان القاضي بحل مجلس المحافظة، حجر الزاوية في انبعاث الخلافات والسجالات الحالية، وتوجه المجلس إلى إقالة المرعيد. إذ تعرض رئيس المجلس عضو الحزب الديمقراطي سيدو جتو إلى تأنيب من قيادات كردية، بسبب ما اتهامه بالتماهي مع المحافظ، ولم يعترض بشكل صارم على قرار البرلمان، فضلاً عن غيابه عند بدء إجراءات التصفية.

جهات سياسية “نافذة” خارج المحافظة!

مصدر مطلع تحدث عن كواليس ليلة التصويت، إذ صدرت الأوامر من قيادات سياسية نافذة أغلبها من خارج مدينة الموصل، بالمضي قدماً بإقالة المرعيد، وخلال ساعات، وهذا ما حصل بالفعل، حيث طوّقت قوة أمنية، مجلس المحافظة، أول أمس الأربعاء، بالتزامن مع عقد جلسة الإقالة.

بعد ساعتين تقريبًا، صدرت إلى وسائل الإعلام استقالة ممهورة بتوقيع المرعيد، تسرب كذلك بأن تلك الاستقالة كانت في جيب النائب أحمد الجبوري “أبو مازن” وتضمنت الخطة نشرها في وسائل الإعلام، عبر النائب المقرب من “الجماهير” أحمد الجبوري لإثبات صدقية القضية بكاملها، لكن المرعيد سرعان ما عقد مؤتمراً صحفيًا قال فيه إن الإقالة لا يمكن أن تقدم بهذا الشكل، ولم أقدمها إلى المجلس أو إلى أي عضو.

وأضاف المرعيد، أن “ما حصل هو أن الأوامر صدرت من جهات سياسية خارج المحافظة وفي داخلها، تسعى للحصول على مكاسب مالية من نينوى.. إذ تعرضنا كثيراً للمساومات والابتزاز، وغيرها”.

بالتوازي، كان رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض قد وصل إلى محافظة دهوك للمشاركة في منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط، الذي استمر حتى عصر الأربعاء، يوم الإقالة، ليلتقي بعد المؤتمر، قيادات كردية بارزة ويبحث معها تداعيات قرار مجلس المحافظة ضد حليفه منصور المرعيد.

وبحسب مصدر مطلع فإن الفياض توجه بعدها إلى محافظة نينوى، وبات فيها ليلة الاربعاء – الخميس، لتوظيب الأمور هناك وتثبيت الوضع الحالي، ودعم المرعيد، في ظل ما يتعرض له، لافتًا إلى أن “الكتل السياسية في نينوى نقمت على المرعيد، بعد استجابته لقرار البرلمان، ولم يكن أمامها سوى الهجوم عليه، أو الموت سياسياً في نينوى، لغاية الانتخابات المقبلة، خاصة وأن الكثير من تلك القوى مرتبطة بأعمال ومصالح، وأموال يجب أن تدفع وغيرها”.

ويضيف المصدر أن “الفياض أخفق في إقناع المسؤولين الكرد بمسألة حل المجلس وفق قرار البرلمان، وأن المرعيد نفذ القرار فقط، ولم يستصدره هو بنفسه، لكن تبريرات الفياض لم تكن مقنعة للمسؤولين الكرد، الذين قالوا إن هناك مجالس محافظات ما زالت تعمل، مثل مجلس محافظة صلاح الدين، بترتيب من المحافظ”.

وأوضح المصدر أن “الخلافات بين منصور المرعيد، والحزب الديمقراطي، لم تكن وليدة اللحظة، إذ سبق أن أبدى الحزب امتعاضه من انتشار الفصائل المسلحة في المدينة، دون سعي حقيقي من الفياض لمنع ذلك، وهو ما يشكل مصدر قلق للحزب ومصالحه”.

تفاصيل "ليلة الفياض" في الموصل.. لماذا فشل في إقناع حزب بارزاني بدعم المرعيد

وصبيحة الخميس، توجه المرعيد إلى العاصمة بغداد، واستصدر كتاباً من الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات، جاء فيه إن قرار الإقالة باطل بنص القانون 51 من قانون المحافظات، الذي يقضي بأن كل أمر فيه إعفاء أو إقالة ورد في هذا القانون يسبقه جلسة استجواب الشخص المعني”.

المرعيد يقطع الطريق ويستنفر خمسة أجهزة أمنية

ووجّه المرعيد كتاباً إلى قيادة عمليات نينوى، وشرطة المحافظة، وقيادة الحشد الشعبي، ومديرية الأمن الوطني، ومديرية أمن واستخبارات نينوى، طالبهم فيه منع أعضاء مجلس المحافظة المنحل من دخول مبنى المجلس، أو عقد أية جلسة ضمن الحدود الإدارية للمدينة.

هل البديل نجم الجبوري؟

وتبحث الكتل السياسية بشكل مبدئي استبدال المرعيد، بشخصية تحظى بالقبول، من أغلب القوى في المحافظة، إذ يشير عضو في مجلس المحافظة إلى تداول اسم قائد عمليات نينوى السابق، الجنرال  المتقاعد نجم الجبوري، لما يحظى به من شعبية واسعة ومقبولية من أبناء المدينة”.

ويضيف العضو الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن “أسماءً أخرى متداولة إلى جانب الجبوري، لكن كل ذلك يخضع لتوافقات الكتل السياسية، خاصة وأن وضع المجلس حالياً معقد بشكل كبير، مع صدور كتاب من المحافظ يمنع عقد الجلسات، ويغلق المجلس، لكن في النهاية نحن نسير وفق القانون والدستور”.

ويشير إلى أن “تداول اسم الجبوري، جاء ربما ليشكل طوق إنقاذ للمجلس، لما يتمتع به هذا الرجل من شعبية كبيرة، ستكون داعمه في حال طرحه للتصويت، وبالتالي سينعكس ذلك على شعبية المجلس أو يحصل على تأييد، إضافي”.

علق هنا