ثورة التوك توك... تاريخ عراقي جديد لثورة الجياع

بغداد- العراق اليوم:

ابتكر الحراك الشعبي الواسع في العراق أساليبه الخاصة، وطور من آلياته الاحتجاجية بشكل يؤمن استمراريته وفاعليته، لاسيما مع المماطلة الواضحة من قبل الحكومة الحالية التي فجرت الأوضاع ولم تستطع احتواء الغضب الشعبي، فقد ظهرت وسائل ممانعة واحتجاج شعبي جديدة لم يعرفها الحراك الشعبي سابقا. في هذه المرة بالذات، تحولت مركبات "التوك توك" إلى إحدى أدوات احتجاجات العراق التي انطلقت مطلع أكتوبر/تشرين الأول الحالي، حيث تبرع سائقو تلك المركبات الصغيرة التي تستخدم لنقل الأفراد في الأحياء الفقيرة، لنقل المصابين والقتلى من ساحات التظاهر، فضلاً عن تقديم المساعدة للمتظاهرين والمعتصمين. وقدم محتجون الشكر لسائقي "التوك توك"، فقال المتظاهر احمد حميد، إن أصحاب التوك توك أثبتوا ولاءهم للوطن من خلال دعمهم للتظاهرات."ونحن نعجز عن شكرهم فهم سطّروا أروع ملاحم الوفاء. إنهم يضحون بيوم عملهم، ويقدمون الخدمات مجاناً للمتظاهرين". من جانبه، قال عماد سائق التوك توك، إنه نقل عدداً من ضحايا التظاهرات من ساحة التحرير بوسط العاصمة بغداد إلى المستشفى، ويؤكد أنه "سقط عدد كبير من الشهداء مقارنة بما يُعلَن، والإحصاءات التي تنقلها وسائل الإعلام لأعداد القتلى والمصابين أقل مما رأيناه بأعيننا". وأشار  إلى أن "سائقي التوك توك يعملون دون خشية من الموت. فأنا شخصياً أُسعِفتُ أربع مرات بعد اختناقي بالغاز  الذي تطلقه علينا القوات الأمنية، ومرة من تلك المرات كانت أثناء نقلي لشهيدين إلى مستشفى الجملة العصبية، التي وصلت إليها بأعجوبة، رغم تأثري بالغاز". وقال سائق التوك توك مهند عبد الزهرة، "أفخر بأني سائق توك توك. فنحن اليوم ركيزة مهمة في هذه التظاهرات، وجميعنا هنا في ساحة التظاهر أصحاب قضية واحدة هي الوطن". وأوضح مهند بأنه اشترى التوك توك بالتقسيط، لأنه لم يكن يملك ثمنه، وهو يعيل أسرته المكونة من خمسة أشخاص، ورغم ذلك "فحين بدأت التظاهرات تركت العمل والتحقت بساحة التحرير. أنا والتوك توك فداء للوطن". ولمركبات التوك توك دور واضح في تظاهرات العاصمة بغداد، فلكونه سريعاً وصغير الحجم، يمكّنه من دخول الشوارع الضيقة والخطرة لنقل المصابين والقتلى. وقال احد المتظاهرين ، إن "سيارات الإسعاف لا تستطيع الوصول إلى كثير من المصابين، لاكتظاظ الشوارع بالمتظاهرين، واستهداف القناصة لطواقم الإسعاف، فتحمّل سائقو التوك توك هذه المهمة النبيلة والخطيرة بجدارة وشرف".

علق هنا