ترشيح قاسم الأعرجي لرئاسة الحكومة العراقية أشاعة أم حقيقة.. وهل يصلح الرجل حالياً لهذا الموقع الخطير ؟

بغداد- العراق اليوم:

تداولت مواقع وصحف عراقية وعربية تسريبات سرية، حول اتفاق مبدئي لتشكيل حكومة عراقية جديدة خلفاً لحكومة عادل عبد المهدي التي تواجه تراجعاً هائلاً في حظوظ بقائها بعد فشلها في تنفيذ تعهداتها بالقضاء على الفساد والفقر، وبحسب النشر المشار اليه، وبعض التسريبات الواصلة الينا؛ فأن اتفاقًا اولياً قد حصل لترشيح النائب الحالي ووزير الداخلية السابق قاسم الأعرجي لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة في خطوة للدفع بشخصية سياسية مهنية وذات اداء جيد في السابق، وخبرة وقدرة على المعالجة الجادة والسريعة لملفات حاكمة وضاغطة، وبغض النظر عن نفي الأعرجي شخصياً لهذا الخبر، وصرف النظر عن مدى تطابق التسريبات من عدمها مع الواقع السياسي؛ فإننا نسوق رؤية محايدة في اطار احتمالية تحقق هذه التسريبات، فمثل هذا الترشيح برأينا ورأي الكثير من المعنيين في الحقلين السياسي والإعلامي، سيكون طوق نجاة، ومثابة جديدة لإنعاش الواقع الحكومي المحتضر، كما سيكون نقطة تحول درامتكية في الأداء الحكومي المشلول حاليا بفعل العوامل الداخلية والخارجية. وسنقولها بصدق ان ترشيح قاسم الأعرجي لهذا المنصب هو عين الصواب بعملية تسهيل اجراءات نقل السلطة لشخص مهني لا خلاف عليه، ولا ملفات غامضة او فاسدة تطارده، ولا ماض يستحي منه محبوه، بل على العكس فإن للرجل تاريخاً جهادياً مكافحاً للطغيان يفخرون به، يتمثل بحمله البندقية بوجه الدكتاتورية الصدامية سنوات، فضلاً عن وجود اجماع وطني عربي واقليمي حول نزاهته وكفائته وعلو  كعبه في إدارة شؤون (دولة)، أقصد الدولة العراقية التي لم يفهم حتى هذه اللحظة أغلب العاملين في قيادتها معنى وشكل الدولة، ناهيك عن قدرة الاعرجي على كسر الجمود السياسي، وعبور تراكمات الماضي الثقيل، مع المرونة العملية في تفكيك الغام مزروعة في طريق اعادة البلاد الى حضنها الأقليمي وعمقها العربي. الأعرجي شخصية وطنية خالصة النوايا، اثبتت الوقائع على الأرض قدرتها على بناء اواصر التقارب وفق المنظور الأعلى في تحويل العلاقات السياسية الى أداة بناء، ومحطات لتوشيج خيوط العمل المشترك من إجل صناعة الوحدة المطلوبة ازاء القضايا الاستراتيجية، كما في سجل تعامله مع ملفات الارهاب والعلاقة بدول الجوار، او عبر تحويله وزارة الداخلية الى جهاز اتصال وطني مع كل الفرقاء، وحتى ممن يحسبون انفسهم معارضين للنظام السياسي بعد ٢٠٠٣، في خطوة اثبتت قدرة واضحة للرجل على تحويل الخطاب السياسي الفئوي الى خطاب الدولة، وقدرة ممتازة في فرز ما هو شخصي او حزبي او مذهبي عما هو وطني، وايضاً خطاب دولة ومؤسسات حقيقية تحترم نفسها وتحترم الخصوصيات وتراعيها، لكن لا تعليها على الخطاب الموحد الذي يتعامل مع الجميع كمواطنين من ذات الدرجة، لهم ذات الامتيازات وعليهم نفس الواجبات. فهذا الرجل الذي عرفته القوى الوطنية صلباً وشرساً في مواجهة اعتى الدكتاتوريات، وعرفته فيما بعد متصالحاً مع الجميع، متقارباً ضمن اطار القانون والدستور، ومقدساً لسيادة القانون على الجميع؛ استحق برأينا هذا الحب الشعبي المنوع، وهذا الدعم السياسي الوطني الذي قلما وجده سياسي عراقي آخر، وإستحق ما ناله من احترام عربي، طالما تطلع اليه مسؤولون كبار في عراق اليوم، خاصة وإن الرجل واضح ومقروء مثل كتاب ناصع مفتوح، لا يحمل عقيدة الثأر والبطش، ولا تثقل كاهله أحمال الضغائن والحساسيات المختلفة، وخير شاهد ما تعامل به مع عوائل خصوم الأمس من ابناء قيادات النظام السابق وعناصره، حين حول الداخلية الى مأوى لكل مواطن يبحث عن حل لقضاياه داخل حدود الوطن وخارجه، رافعاً شعار لكل مواطن محترم وبريء  كافة الحقوق، الا من اثبت القانون تقصيره او تجريمه فيأخذ جزاءه حسب القانون لاغير. أن هذه السعة والقدرة على التفاعل والتحول لرجل دولة، بنت للأعرجي مقبولية سياسية واضحة، والأهم منها بنت له مقبولية اجتماعية وشعبية اكير، حيث يحظى الرجل اليوم بأهتمام واحترام مختلف الوان واطياف الشعب العراقي،  من كتاب وفنانين ومثقفين وشيوخ عشائر ومنظمات مجتمع مدني وعمال وكسبة؛ لذا فهو محط ترحيب واحتفاء اينما حل، وهذا الذي دفع بالكثير من متظاهري العراق الى ان يرحبوا   بل  وان يجمعوا  على أنه خيار ناجح وناجع لحلحلة ازمة تكاد تجهز على كل شيء لو استمرت القوى السياسية في غض النظر عن الواقع، وحاولت القفز على إرادة الجماهير التي تنادي بشخصية متصالحة مع الواقع وقادرة على اعادة الأمل والثقة لنفوس الشباب الغاضب. ختاماً نقول: إن ما تردد من لغط وتسريبات حول ترشيح قاسم الأعرجي لمنصب رئيس الحكومة القادمة بعد استقالة أو إقالة حكومة عبد المهدي، وما يتردد عن نية المتظاهرين يوم 25 تشرين الحالي بطرح اسمه ورفع صوره كخيار أول هو وسام شرف سيفخر به الاعرجي ويعلقه على صدر تاريخه الوطني، حتى لو لم يتم طرح اسمه من قبل تحالفي الفتح وسائرون، بل وحتى لو رفض الاعرجي ترشيح هذين التحالفين فيكفيه شرفاً أن أمهات شهداء وضحايا التظاهرات الوطنية سيرفعن صوره يوم الخامس والعشرين مع صور فلذات اكبادهن، وهل هناك مجد أعظم من هذا المجد ؟

علق هنا