ما العلاقة بين العملية التركية في سوريا وسجن بوكا في العراق؟.. تحليل غربي يجيب

بغداد- العراق اليوم:

تهدد العملية العسكرية التركية ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا، بتقويض مكاسب الحرب على داعش، التي تحققت بعد سنوات من القتال في سوريا والعراق. وبدأ التوغل التركي إثر قرار اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخيراً بسحب قوات أميركية من الحدود بين سوريا وتركيا، عقب مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ويشير جافيد علي ومارسيلا هوبر، في تحليل نشره موقع “ذا هيل” الإخباري، لدور أساسي لعبته قسد في تحقيق أهداف أساسية ضد داعش، بما فيها تدمير خلافته في العراق وسوريا. وتولت قسد، خلال العام الماضي، مسؤولية الإشراف على آلاف من سجناء داعش وأسرهم. وحسب الكاتبين، من المؤكد أن تسبب هجمات تركية ضد قسد ضرراً بالغاً لعلاقة القوات مع الولايات المتحدة، وستبعث بإشارة خاطئة حول الزعامة الأميركية لحلفاء محتملين آخرين، ولشركاء في معارك لاحقة ضد الإرهاب. تفريخ جيل جديد وكما يلفت الكاتبان، بعد فقدان داعش لخلافته الجغرافية في بداية 2019، وضع أكثر من 70 ألف من عائلات داعش (معظمهم نساء وأطفال) ضمن معسكر الهول في شمال شرق سوريا بحراسة قسد. وتفتقر قسد لموارد مناسبة تكفي لحراسة محيط المعسكر إلى ما لانهاية، وهي غير قادرة على التحكم بما يدور في داخله، وهو يدار، حسب معظم التقارير، من قبل أشد نساء التنظيم تطرفاً. وفي داخل ذلك المعسكر ما زالت عقيدة داعش قوية، وحذر الكاتبان من أنه في حال عدم تدخل المجتمع الدولي، فقد ينمو في المعسكر جيل جديد من أنصار داعش والمتعاطفين معه. دروس وبرأي الكاتبين، تعطي منشآت مثل معسكرات داعش في سوريا دروساً وعبراً. فقد أطلق، في عام 2009، سراح سجناء من معسكر بوكا في العراق عندما انسحبت الولايات المتحدة. وسرعان ما انتشر أولئك السجناء لإعادة تأسيس شبكات وعلاقات قديمة تشكلت خلال فترة التمرد، بمن فيهم أشخاص تربطهم صلات بالقاعدة في العراق. وقسم سجناء معسكر بوكا إلى معسكرين للسنة وللشيعة. وتم توزيعهم لاحقاً ما بين معتدلين ومتطرفين سنة. وسرعان ما أدركت الولايات المتحدة أنه عبر عزلها أشد السجناء تطرفاً، زاد التجنيد والتلقين. وبحلول 2012- 2013، دبر زعيم داعش أبو بكر البغدادي سلسلة من عمليات تسرب من السجن، في حملة أطلق عليها اسم “تحطيم الجدران”، ما أدى لهروب ما يزيد عن 500 سجين، أصبح عدد منهم شخصيات بارزة في داعش في أعقاب الربيع العربي والحرب الأهلية في سوريا. وفيما يصعب ذكر تقديرات محددة، تشير بعض التقارير لاحتجاز قرابة 12 ألف من مقاتلي داعش في سوريا. كما أشارت تقارير إلى أنه قبيل الهجمات التركية على قسد، بدأ داعش في إعادة تنظيم صفوفه. ونتيجة لهذا المنظور الواقعي من التاريخ الحديث، سيكون لخطر يطال العلاقة بين أميركا وقسد على حساب صفقة أكبر مع تركيا، تداعيات أمنية دولية كبيرة. وسوف يمكن ذلك داعش من استعادة معتقلين ذوي خبرة امتدت لسنوات في القتال والتخطيط لعمليات إرهابية. كما سيكون لهذا التطور قيمته في الدعاية، ما يعوم أنصار التنظيم من حول العالم.

لفتة ذات مغزى

وحسب كاتبي المقال، من شأن إنشاء شبكات أمان مع قسد – وخاصة ما يتعلق بسجناء داعش ومعسكر الهول – أن يكون بمثابة لفتة ذات مغزى ستحافظ على القيمة التي توليها الولايات المتحدة لحلفائها، وتضمن عدم عودة تنظيم داعش. وعلاوة عليه، تفيد إجراءات بناء ثقة بين قسد والحكومة في أنقره في الحفاظ على الوضع الراهن لحين ابتكار حل أمثل للوضع في معسكر الهول وسواها من المنشآت التي تديرها قسد. وسوف تثبت مثل هذه الإجراءات أنه ليس لدى قسد أية خطط لتهديد تركيا، أو التعاون مع (PKK). وتنظر تركيا إلى قسد كامتداد لحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي تعتبره تركيا تنظيماً إرهابياَ، ويشكل تهديداً لأمنها. ولربما لا يكون لدى قائد قسد، الجنرال مظلوم كوباني، خيار سوى التخلي عن السيطرة على معتقلي داعش وأسرهم. وفيما تصف قسد الوضع حيال معسكرات داعش “بالخطير”، يضغط مسؤول حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة على قسد لمحاكمة معتقلي داعش أو الإفراج عنهم. وحسب بيان صدر يوم الأحد الماضي عن البيت الأبيض، سوف تتولى تركيا مسؤولية مقاتلي داعش وأسرهم. ولكن بالفعل يعتقد عدد من خبراء الأمن بأن تركيا تفتقر للقدرة أو الإرادة السياسية لمتابعة هذا الالتزام المحتمل. ويرى الكاتبان بأنه من حق تركيا الإعراب عن هواجسها حيال قسد وعلاقتها بحزب (PKK) لضمان عدم تهديد أمنها الداخلي. لكن خبراء في الأمن القومي شاركوا لسنوات في مختلف جوانب الحرب ضد داعش، يعتقدون بأنه لا يجب على الولايات المتحدة التضحية بمصالحها القومية في هذه القضية البالغة الأهمية.

علق هنا