الحلقة الثالثة من فساد وزارة النقل : من أوصل المفتش العام للنقل وكيف يجري ترتيب ملفات الوزير وإغلاقها ؟

بغداد- العراق اليوم:

في هذه الحلقة واستكمالاً لما بدأناه في الحلقتين الماضيتين، تواصل مصادرنا المطلعة كشف المزيد من إسرار تعيين المفتش العام لوزارة النقل؛ وكيف أن الأمور  رتبت بشكل سريع بناءًا على علاقات عمل سابقة مع شقيق الوزير الحالي للنقل، نعني كريم لعيبي الذي شغل منصب وزير النفط ابان حكومة المالكي الثانية. وفي التفاصيل، تقول المصادر، ان الشقيقين لعيبي احتاجا الى خبرة وكفاءة قانونية (ومن حبال المضيف)،  لغرض ترتيب ملفات كبيرة تنتظر الوزير  عبد الله لعيبي خلال مرحلة تسلمه لمناصب رفيعة في وزارة النقل، ولم يجدا تعاوناً مطلوبا من مفتشي الوزارة قيصر عكلة او بشار عقراوي، بل ان الرجلين بادرا لفتح ملفات هامة وخطيرة وحساسة على طاولة التحقيق والبحث والتحري، مما يضع الوزارة والوزير في مهب الريح حال اخذت الامور سياقها القانوني واتخذت اجراءات قضائية قانونية، فما هو المخرج من الورطة؟. المخرج كان كما يؤكد المصدر، هو إختيار مفتش عام جديد موالي للوزير، وقادر على معالجة هذه الملفات داخل الدائرة وانهائها وتسويتها دون مشاكل، لذا لجأوا الى الموظفة الخبيرة في النفط سماهر ، التي نُقلت بعد وساطات وتدخلات عالية المستوى، من ملاك النفط الى النقل، كمفتش هذه المرة! وطبعاً فإن الأمر تم بإستشارة وتدخل من قبل شقيقه الوزير السابق كريم لعيبي الذي توسط لتعيين سماهر اول الأمر كمدير عام في النقل، الا ان هذا الامر ووجه بالرفض من قبل وزير النفط الحالي ثامر الغضبان الذي يتولى حقيبة النفط حالياً، الا ان الشقيقين لم يخب ظنهما فقد نحجا في تمرير هذه الموظفة كمفتش عام لوزارة النقل برمتها وليس مديراً عاماً في وزارة النفط، فمنصب المفتش العام في وزارة النقل خارج صلاحيات وزير النفط، ولن يقدر على منعه قطعاً، انما هو وكما معروف حصراً برئيس الوزراء وهيئة النزاهة ؛ وهكذا تمت الصفقة ونجحت العملية. واضاف المصدر، ان " هذا التعيين جاء مخالفا للضوابط، فهذه الموظفة تمتلك خبرة وكفاءة قانونية واسعة في المجال النفطي، ونالت شهاداتها العليا على نفقة وزارة النفط، فكيف تنقل الى وزارة أخرى غير وزارتها، ولمجال مختلف عن مجالها، وكيف وافق رئيس الوزراء، وهو الذي كان يشغل منصب وزير  النفط في حكومة العبادي، ويعرف أهمية وندرة التخصص النفطي العالي؟ لقد كان الاجدر به أن ينسبها مفتشاً للنفط على الاقل، كونها جمعت العمل الاداري والفني والقانوني في القطاع النفطي العتيد، فضلا عن خبرة ممتازة اكتسبتها في شركة سومو، اضافة الى شغور منصب المفتش العام في ةزارة النفط بعد التآمر المزدوج على المفتش السابق حمدان عويجل، ونقله الى وزارة اخرى، ولكن يبدو ان تحت أبط رئيس الوزراء وبطانته مرشحاً آخر لهذا المنصب!  وللأمانة فإن قرار الوزير الغضبان برفض نقل سماهر الى خارج وزارة النفط كمدير عام قرار صائب وموضوعي رغم اختلافنا معه في قضايا وموضوعات عديدة. لقد حصل هذا الالتفاف أثناء عملية التلاعب في ضوابط تعيين المفتشين العموميين في هيئة النزاهة، حيث تمت تسوية الامر على شكل صفقة بتدخل طرف ثالث في مجلس مكافحة الفساد وتم الدفع بشخص اخر لمنصب المفتش العام في وزارة النفط، وهكذا نجحت الخطة وتم تعيين سماهر بهذه الطريقة، وبذلك نجح اللعيبي عبد الله وشقيقه في تأمين منصب المفتش العام لصالحهم، وقبل ذلك قاما بنقل موظف اخر من وزارة النفط يدعى حسام ليتولى منصب مدير مكتب الوزير (وحسام هذا كان بمثابة الصندوق الأسود لكريم لعيبي) أيام كان وزيراً للنفط. وعدا سماهر وحسام، قام عبد الله لعيبي ايضاً بتعيين قريبه كريم المالكي بمنصب مدير عام المسافرين، وهو المنصب الذي كان يشغله عبد الله نفسه قبل ان يصبح وزيراً، والذي حدثت فيه مخالفاته بل وجرائمه ايضاً أبان توليه المنصب. وبهذا التعيين اكتملت اضلاع المثلث الذي سيتولى اطفاء الملفات المفتوحة من قبل المفتشين العموميين السابقين". وتابع المصدر، ان " هذا الاجراء سبقه عمل شبه سري قام به هذا الفريق منذ نيسان الماضي استعداداً لمعالجة هذه الملفات المتراكمة في مكتب المفتش العام؛ والغريب ان جميع كادر الوزارة تقريباً، كان يعلم بقرب تسمية السيدة سماهر لمنصب المفتش العام الجديد للوزارة، أي قبل صدور قرار تعيينها بأكثر من اربعة أشهر  ".

وأشارت المصادر الى ان " العمل  لطمطمة هذه الملفات قد بدأ منذ ابعاد القاضي بشار عن منصب المفتش العام، بسبب قربه من وزير البلديات الحالي بنكين ريكاني، الذي كان يشغل سابقاً منصب وكيل وزير النقل، لذا فقد كانت الأمور مهيأة تماماً لتصفير الملفات المحفوظة في مكتب المفتش العام ضد الوزير لعيبي، وبالفعل فقد نجح هذا الفريق بايجاد تخريجات قانونية فنية لهذه الملفات من إجل تسويتها نهائياً، ومن بين هذه الملفات ملف شركة نقل المسافرين اثناء تولي لعيبي لمنصب المدير العام، وفيه فساد ملف الكراجات وفساد اعاشة المسافرين في الخطوط الجوية العراقية، وغير ذلك من القضايا التي تؤرق لعيبي وشقيقه". وذكرت مصادرنا بأن قرار "تعيين كريم المالكي أحد اقارب الوزير، بمنصب مدير عام شركة المسافرين، رغم ان الرجل كان موظفاً بسيطاً لاتتعدى وظيفته مديراً لمكتب الخطوط الجوية في إحدى مدن سوريا، وهي وظيفة اشبه بالإبعاد، نقول ان قرار تعيينه بهذا المنصب المهم يعد خطوة اخرى على طريق معالجة جميع  الملفات والارتكابات الإدارية والمالية التي خلفها المدير السابق - وهو الوزير الحالي - ". وبينت ايضاً، " ان تعيين المفتش الجديد السيدة سماهر جاء بتأثير ودعم من قبل تحالف الفتح، الذي ترشح الوزير لعيبي  فيه على دولة القانون وبدعم وتأثير من نوري المالكي الذي يرتبط بعلاقة قرابة ايضا مع الوزير، كما تم تعيين شخص اخر يدعى زيد الأسدي في وزارة النقل ضمن صفقة التعيين هذه، والتي كانت تتضمن اشتراط النائب ياسر عبد صخيل تعيين هذا الشخص (زيد الأسدي) مديراً للمكتب الخاص لوزير النقل، ثم يمنح بعدها منصب وكيل الوزير دفعة واحدة! ولفتت المصادر الى ان هذه التحركات كانت تمول بشكل مباشر من قبل شركة تكسي بغداد، وهي ذات الشركة التي كانت قد عرضت على النائب محمود ملا طلال مبلغ مليون دولار وسيارتين فارهتين مقابل التراجع عن استجواب وزير النقل عبد الله لعيبي في مجلس النواب، ورفض الأخر واعلن ذلك في الإعلام، وقد جاء هذا العرض عبر وسيط يملك معرضا لبيع السيارات في وسط بغداد".

وللحديث صلة في حلقة قادمة..

 

علق هنا