بغداد- العراق اليوم:
هذا ملف أخر من ملفات الفساد الرهيب الذي يجتاح العراق دون سؤال ولا جواب ولا رادع، ولا هم يحزنون ! فهذا الملف أخذ بالتمدد والتوسع بحرية تامة، وأعني ملف فساد شركة، المفترض أنها شركة "أجنبية" تستثمر في العراق منذ عام 2003 ولغاية الآن، - يبدو أنها ستظل الى ما شاء وقدر الله، ما دامت قد وطدت أسس امبراطوريتها المالية الهائلة من جيوب العراقيين الذين تنتهبهم بلا رحمة، وما دام بعض ضعاف النفوس يقدمون مصالحهم على مصالح الوطن والمواطن - ! أنها امبراطورية "شركة زين للإتصالات" التي أخذت تنتشر في كل ارجاء العراق، لا لتقديم خدمات مثلى حسب المعمول به في كل بقاع العالم، إنما لمضاعفة عمليات النهب والسرقة العلنية للمواطن البسيط الذي بات أعظم حلمه أن يلتفت أحد لمأساتهِ مع هذه الشركة التي تنهبه كل يوم، ومع كل حاجة الى اجراء مكالمة هاتفية، أو تصفح مواقع الانترنت أسوةً بكل البشر في عالم تحيط به التكنولوجيا من كل اتجاه. وفيما يتنعم البشر بهذه الوسائل يجدها العراقيون نقمة أخرى وقعت عليهم، في ظل جشع وسيطرة شركة لا تجد في العراق سوى محطة لجباية 40 مليار دولار سنوياً دون وجه حق، فيما تضطر ذاتها الى تقديم افضل الخدمات في البلدان التي تعمل فيها بعقود مماثلة لعملها في العراق، ويتساءل هنا العراقي لماذ هذا الفارق بيننا وبين غيرنا ؟ والجواب يأتيه مخيباً لآماله، لأن في تلك البلدان حكومات حريصة على مصلحة مواطنها، أما في العراق فالجواب واضح!
نهب وموت!
ملفات فساد هذه الشركة طويلة وشائكة وعويصة ايضاً، ولربما تشبه المشكلة العراقية بكل تفاصيلها المملة، لكن هذه الشركة زدات عليها، في أنها تغولت لدرجة يصعب الآن الحديث بمثل هذه العجالة عن ملفات فسادها، الملفات التي تبدأ من سرقة المواطنين عبر التلاعب بفواتير المكالمات والخدمات، ولا تنتهي عند تهربها الضريبي، واشاعتها الفساد مع المؤسسات المكلفة بمراقبتها، وأيضاً تسببها بنشر امراض فتاكة بسبب قدم الاجهزة والمعدات المعتمدة في الارسال والاستقبال لإشارات البث التي تعمل عبرها الشركة "الكويتية" الأصل، والتي تربطها علاقات متشابكة مع ساسة ومسؤولين أمنيين كبار، ومع رجال دين فاعلين في العراق! وتعليقاً على هذا يقول رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، النائب هيثم الجبوري عن فساد هذه الشركة: ( إن سرقات “زين” لم تقف عند هذا الحد، وفساد الشركة وصل لقيمة تصل إلى مئات الملايين من الدولارات تحت بند الغرامات، فالخدمة المتردية وعدم الإلتزام بالمهل الزمنية المحددة لتحسينها تسبب بتراكم الغرامات، ولأنها تعودت على الخداع، فقد اتبعت الشركة اسلوباً للتنصل عن دفعها بالتواطؤ مع هيئة الاتصالات والاعلام). ويضيف الجبوري، أن هنالك ديوناً على شركات الهاتف النقال في العراق، ومن بينها زين، تصل إلى ترليون دينار ، فضلاً عن تريليوني دينار غرامات دون أن تتم جبايتها، إذ تدفع مبالغ لفاسدين في هيئة الاتصالات لتأخير دفعها وتمديد مهل الانذارات ، وأن ايرادات شركات الإتصالات يعادل 40 مليار دولار سنوياً ، وهو ما يوازي ايرادات النفط” حسبما أفاد النائب هيثم الجبوري.
زين والتهرب الضريبي والرشى الطائلة !
قبل اشهر قليلة، كشف النقاب ايضاً عن تورط شركة “زين العراق” للاتصالات، بأضخم عملية سرقة للأموال العراقية في قطاع الاتصالات. وأفصحت المصادر عن خفايا جلسات “عقدت في عام 2016 لتسوية الديون والضرائب المترتبة على شركات اتصال عراقية أبرزها شركة (زين)، والبالغة حوالي ملياري دولار”، مبينة أن “تلك الجلسات أسفرت عن اتفاق بتسديد نحو 250 مليون دولار فقط من قيمة تلك الديون والضرائب في اطار (تسوية) مشبوهة”. وتحدثت المصادر عن أن “هذه التسوية انقذت الشركة من حجز اموالها في العراق بسبب تأخرها عن دفعها طوال سبع سنوات، بعد أن شملتها حملة الحكومة السابقة الاصلاحية قبل ان يتدخل متنفذون ويبرموا صفقة سميت تسوية في حينها”. وأوضحت ، أن “لقاءات عقدت في لندن ودبي وبيروت وعمان تمخض عنها اتفاق تسوية بقيادة شركة محاماة عالمية يقودها محامٍ فلسطيني وآخر مقرب من صهر وزير المالية الاسبق رافع العيساوي والذي يرتبط بعلاقات واسعة داخل وزارة المالية”. وواصلت، أن “الصفقة تمخضت عن اتفاق بدفع 45 مليون دولار لمتنفذين مقابل تقليص الديون والغرامات المترتبة على شركة زين والبالغة حوالي ملياري دولار الى 250 مليوناً فقط، وتم قبض مبلغ الرشوة ووزع على من شاركوا بتلك الاجتماعات في بيروت ودبي ولندن على مراحل”. وأضافت، أن “الصفقة تضمنت ايضاً منع أي تحرك في مجلس النواب العراقي بدورته السابقة لفتح ملف التسويات المبرمة مع شركات الهاتف النقال مقابل ديونها والغرامات المفروضة عليها خاصة وإنها كانت اقل من ما يستحقه العراق منها وبمقدار يصل الى أكثر من 80%”. وأكدت مصادر قانونية، بدورها، أنه “ورغم كل الملاحظات التي سُجلت في خلال الاعوام السابقة على الاداء ونوعية الخدمة التي تقدمها شركة (زين العراق)، يبقى الملف الاهم، ذلك المتعلّق بعمليات الاختلاس المنظّمة، والتلاعب بالحسابات التي تقوم بها تلك الشركة من أجل رفع قيمتها السوقية من جانب، والاستحواذ على أكبر قدر من الموارد المالية الصافية والتهرب الضريبي وعدم تسديد المستحقات التي بذمتها لحساب الخزينة العامة”. وتابعت، أن “أغلب الجهات الرقابية التي تشرف على حسابات تلك الشركات، وهذا القطاع، قد تم اختراقها من خلال دفع (الكومشنات) والعمولات الكبيرة، وإسكات وسائل الاعلام عبر ضخ الإعلانات وبصورة منتظمة من اجل عدم فتح ملفات الفساد التي رافقت عمل تلك الشركات او تسليط الضوء على أدائها”.
القروض الربوية .. كيف تنهب شركة زين رواتب العراقيين ؟
وفي ملف فساد اخر لهذه الشركة يقول الإعلامي زهير الفتلاوي، ان " الشركة تنهب رواتب الموظفين والمتقاعدين عبر قروض ربوية فاحشة، حيث كتب قائلاً " صفقات مشبوهة تسعى لتنظيف جيب المواطن لجأت اليها (شركة زين) ومنها التعاقد مع شركة (الكي الكارد) من اجل منح قروض مالية وبنسبة فائدة تصل الى 50%، ولا نعلم كيف سمحت وزارة المالية ومصرف الرافدين بتمرير هذا العقد سيء الصيت بحجة عدم توفير الكفيل ولكن يتم “سمط” المواطن المقترض ومن غير الممكن ان تبني شركة زين طموحاتها واهدافها على شبهات الفساد واستغلال حاجة الموظف الى هذا القرض وابتزازه ابشع ابتزاز واستغلال لا مثيل له ، ومن غير الانصاف ان تكون اخلاق ومباديء وزارة المالية ومصرف الرافدين هكذا باستغلال حاجة المواطن العراقي لهذا القرض وخنقه .
كيف تنشر شركة زين مرض السرطان في العراق !
وفي تحقيق استقصائي للصحفي العراقي مشتاق طالب، يكشف فيه عن تفاصيل هامة عن اسباب الانتشار الكبير لمرض السرطان في العراق، ومن أهم أسبابه ابراج شركة زين للأتصالات التي تنتشر عشوائياً وبلا أي تخطيط. يقول صاحب التحقيق " معظم شركات الاتصالات في العراق تستخدم تقنية قديمة وهي الموجات القصيرة والتي يتم بناء ابراجها في الأحياء السكنية , ولهذه الموجات آثار سلبية على صحة المواطن وتسبب أمراضاً سرطانية , ولم تسعَ الحكومات العراقية لفرض استخدام تقنية الموجة الطويلة كما هو الحال في دول العالم والتي يتم نصب الابراج فيها خارج الأحياء السكنية . وبموجب تقنية الموجة القصيرة فأن الانترنت يكون مجاناً , كما يؤكد ذلك مراقبون , إلا ان الشركة تبيع سعات الانترنت بأسعار مرتفعة مقارنة مع دول الجوار ولم نرَ أية عقوبات بهذا الشأن لان هناك الكثير من السياسيين العراقيين يمتلكون «أسهم» في هذه الشركة. المخالفات التقنية مستمرة حسب هيأة الاتصالات, في عمل تلك الشركات وخاصة شركة زين التي استخدمت 5 نطاقات لأرقام المشتركين دون موافقات رسمية, مما استوجب فرض غرامة عليها تقدر بـ 100 مليون دولار , وبعد أكثر من سنة على فرض الغرامة صرّحت الشركة بأن القضاء العراقي ألغى الغرامة في حكم جديد له, مما أثار ردود أفعال غاضبة في الشارع العراقي. فالكثير من السياسيين المتنفذين يمارسون ضغوطاً على المحاكم العراقية بسبب مصالحهم المرتبطة مع تلك الشركات ومن بينها (زين العراق)، خاصة وإن القضاء العراقي ضعيف للأسف وإن معظم الأحكام الخاصة بقضايا الفساد لا ترتقي ومستوى الجريمة, بل هناك أحكام على متهمين بالفساد من المتنفذين والمدعومين من أحزاب سياسية ضعيفة جدا , بينما نجدها على غير المدعومين أشد وأقوى.
من يحمي زين وفسادها ؟
لربما يتساءل البعض عن الجهات التي تقف وراء هذه الشركة الكويتية، وتوفر لها الحماية بعد كل ما قامت به من تجاوزات وسرقات بحق العراقيين، النائب عن تحالف سائرون علاء الربيعي يكشف في تصريح مثير له، عن تورط قيادات سياسية كبيرة بعدم فتح ملفات فساد شركات الهاتف النقال. وقال الربيعي، إن "هناك أسماء لشخصيات سياسية متنفذة وقفت مع شركات الهاتف النقال (شركة زين وآسيا وكورك) الذين كانوا شركاء لهذه الشركات وقاموا بتوقيع عقود مقابل رشى". وأكد الربيعي، أن "هنالك بعض الوزارت بالاضافة لهيئة الاعلام والاتصالات تعاملوا بخلاف القانون مع هذه الشركات التي لم تسدد ما بذمتها للحكومة العراقية وتم إطفاء بعض الديون بطرق ملتوية". وتابع، أن" لجنة الإعلام والاتصالات تعمل على كشف أسماء جميع من يقف خلف تلك الشركات اذا ما عرقلوا عملية فتح ملفات الفساد المتعلقة بشركات ( زين وآسيا وكورك) التي تسدد ضرائب في كردستان وتمتنع عن دفع المستحقات المتعلقة بذمتها للحكومة الاتحادية بتواطئ من قبل شخصيات متنفذة مقابل مبالغ مالية كبيرة وسط صمت مطبق من قبل هيئة الاعلام والاتصالات وهيئة النزاهة".
ملاحظة أخيرة: لقد وضع " العراق اليوم " يده على وثائق رسمية وصور فوتوغرافية ، وتسجيلات صوتية خطيرة، تؤكد ضلوع بعض المسؤولين الكبار في الدولة، لاسيما في الحكومة العراقية السابقة والحالية، وسنقوم بنشرها في حلقات تباعاً.. فنسترعي إنتباه القراء الكرام ..
*
اضافة التعليق