أغنية (لا تكذبي) .. وقصة حب مؤلفها الشناوي، الذي خانته نجاة الصغيرة !

بغداد- العراق اليوم:

حظيت قصيدة "لاتكذبي" بالعديد من الأقاويل والحكايات والمرويات حول أحداثها، وفيمن كُتبت؟ ومتى؟ وأين؟، فالعديد من الأشخاص القريب والبعيد من الشاعر الراحل كامل الشناوي، له رواية مختلفة عن الآخر، كل منهم ينسب لنفسه قصة رؤية "الشناوي" وهو يكتب تلك القصيدة وينصب نفسه شاهدًا عليها وعلى أحداثها. إذن نحن أمام العديد والعديد من الحكايات التي تطوف حول هذه القصيدة، ولم يستطع أحد حتى الآن إثبات حكاية واحدة. ورغم أن الكاتب الصحفي مصطفى أمين كتب مقالًا بجريدة الأخبار في العام 1985 بعنوان "من قتل كامل الشناوي؟"، لكن الحقيقة أن هذه الأغنية هى التي أبقت "الشناوي" حيًا وحاضرًا في الأذهان إلى وقتنا هذا، وهو ما يكشف عن تقصير كبير من الوسط الثقافي الذي لم يلتفت إلا لهذه القصيدة وكأنها الإنجاز الوحيد الذي حققه "الشناوي" طيلة حياته. رغم أن له قصائد وأغنيات تستحق الاحتفاء بها، مثل قصيدة "نشي الحرية" التي كتبها يدعو فيها الشعب للثورة وغناها الموسيقار محمد عبد الوهاب ومُنعت بعد ذلك من الإذاعة المصرية. وله الفضل في اكتشاف العديد من الموهوبين الذين فتح له مكتبه بأخبار اليوم الذي وصفه "أمين" بالأم التي تحتضن الموهوبين والمبتدئين. كما وصف "أمين" كامل الشناوي، قائلًا: "كانت غدة الحب في قلبه تفرز باستمرار، ما مر من حياته يومًا إلا وكان يعيش قصة حب، وكنت أقول له أن قلبه كروايات سينما مترو في تلك الأيام، كل أسبوع فيلم جديد، وكان يسمى الفتاة التي يعشقها آخر صيحة، فإذا مضى أسبوع على الحب بحثًا عن تاجر الأشياء المستعملة ليلقي في جرابه بالحب القديم كما يرمي بالحذاء القديم". يحكي "أمين"، عندما كان "الشناوي" يعيش قصة حب مع نجمة سينمائية فاتنة، يقول لها: القاهرة نائمة الآن، فلا ترفعوا أصواتكم حتى لا تستيقظ.. فيفهم "أمين" أن تلك النجمة ما زالت نائمة، وهي كانت تقيم في فندق "الكونتينتال" بميدان الأوبرا، ويعتبر هذا دليلًا على أن العاصمة كلها مستغرقة في النوم، أما إذا كان تلك النجمة مبتسمة، فيعود "الشناوي" ويقول لهم: كانت القاهرة تبتسم اليوم، والشوارع تبتسم والسيارات تبتسم والعمارات تبتسم، حتى إنني رأيت جنازة في ميدان الأوبرا كان المشيعون يبتسمون والنعش يرقص! فيما وصف "أمين" ذوق "الشناوي" في الحب، فهو يراه "غريبًا"، قائلا: "كان ذوقه في الحب غريبًا، ودميمًا ولا يختار إلا ملكات الجمال، وكان ضخم الجثة ويصر على أن تكون معبودته دقيقة صغيرة قصيرة تكون معه رقم 50 فيكون هو الخمسة المستديرة وتكون هي الصفر الذي على اليمين". عاش الصحفي الراحل مصطفى أمين مع الشاعر كامل الشناوي، قصة حبه الكبيرة، التي تدور كلها حول اسم الفنانة "نجاة"، وهو الحب الذي أبكاه وحطمه وقتله في آخر الأمر. فأعطى "كامل" هذه المرأة كل شىء، المجد والشهرة والطبل والزمر والدعاية والشعر، ولم تعطه شيئًا، أحبها فخدعته، أخلص لها فخانته، جعله ملكة فجعلته أضحوكة، وكتب قصيدة"لاتكذبي إني رأيتكما معًا". ورغم أن الأقاويل دارت حول الفنانة "نجاة"، لكن مصطفي أمين لم يشر فيما كتبه إلى اسمها، واكتفى بكتابة "المطربة الكبيرة"، لكنه بالاتفاق مع الرسام سيد عبد الفتاح، رسم صورة أشبه بالمطربة نجاة وبجانبها "كامل الشناوي" وضعت في صدر المقال المنشور في أخبار اليوم بتاريخ 1 ديسمبر 1985، وعلى الفور هاتفت "نجاة" محاميها فتحي رجب ورفعت دعوى قضائية ضد "مصطفى أمين" ولم تكسبها، لأنه لم يكتب اسمها صراحة، بل أشار إليها فقط. من جانبه، قال الناقد الفني طارق الشناوي، إنه ظل 30 عامًا يبحث عن حقيقة الأمر، لكنه لم يتوصل إلى يقين أو معلومة مؤكدة تؤكد أو تنفى الرواية المعروفة، فلجأ إلى تحية كاريوكا، كمال الملاخ، لكن كلًا منهم روى القصة بشكل مختلف، واختلفوا حول الشخص الذي كانت معه "نجاة" في ذلك اليوم. فالفنانة تحية كاريوكا، قالت، إن "الشناوي" كتب هذه القصيدة في شرفة منزلها المطل على نهر النيل بالجيزة، وكمال الملاخ قال إنه كان يلتقي بالـ"الشناوي" دائمًا في الصباح الباكر، فالتقى به في أحد المرات بفندق سميراميس وهو يهم لمغادرة المكان، وكان ينهى أمامه قصيدة "لاتكذبي". حتى الأديب "يوسف إدريس" الطرف الآخر في الحكاية، عندما سُئل لم يعلق واكتفى بقهقهات عالية. وقال الناقد الفني، إن إحسان عبد القدوس نشر على حلقات في جريدة «الأهرام» رواية «وعاشت بين أصابعه»، استوحاها من قصة "الشناوي ونجاة"، فغضبت "نجاة"، فلجأ "عبد القدوس" إلى تخفيف إشاراته في الفصول الأخيرة من الرواية. وقال "مأمون الشناوي" شقيق الشاعر "كامل الشناوي"، إن كل ما أثير حول هذه القصيدة محض افتراء. أما مصطفى أمين في مقاله قال، إن "الشناوي" القصيدة في شقة "أمين" بالزمالك، وسمها الموسيقار محمد عبد الوهاب "إني ظبطكما معًا". كتب "الشناوي" القصيدة، أمسك التليفون وكان بسماعتين، الثانية كانت في يد "أحمد رجب" و"أمين"، بدأ "الشناوي" يلقي القصيدة بصوت خافت، تتخلله الزفرات والتنهيدات والعبرات والآهات، وكانت "المطربة" صامتة لا تقول شيئًا ولا تعلق ولا تقاطع ولا تعترض، وبعد أن انتهى "الشناوي" من إلقاء القصيدة، قالت المطربة: "كويسة قوي.. تنفع أغنية، لازم أغنيها!"، وانتهت المكالمة الهاتفية، وكان "الشناوي" جثة هامدة لا تتحرك "على حد وصف أمين". وبعدها سمع "الشناوي" أن تلك المطربة الكبيرة أحبته، فعندما علمت بعذابه قالت لأصدقائها: "مسكين كامل الشناوي، لقد دمرته الغيرة". فكتب إليها "الشناوي" يقول: "صدقيني إذا قلت لك، أنني لست مسكينًا، ربما كنت كذلك لو أنني استسلمت للوهم الذي علقني بك، ولكنني قاومته ورفضت، وجعلت من كبريائي حصنًا يحميني منك، ومن قلبي، ولاشىء يقوى أن يدمرني لأننى أحيا، ومادمت حيًان فإن العواصف التي تهب من حولي لا تزيدني إلا قوة، تبدده حفنة من الهواء، ولكني جبل لا أبالي العاصفة، بل أحتفي بها، وبدلًا من أن أتذمجر في الفضاء أجعلها تغني من خلال صخوري، وليس صحيحًا أني أغار من أى إنسان تعرفينه، فالغيرة لا تكون إلا ممن تحبينهم، وعرفت بالتجربة أنك لا تحى إلا ذاتًا واحدة، لا أستطيع أن أغار منها لأنها مختبئة في ثيابك، إنك تحبين نفسك، وتغارين ممن يشاركونك حبها، بل إنك تناصبينهم العداء، ومن أجل ذلك عاملتني كما لو كنت عدوك الطبيعي، أحببتك فكرهتني، قدمت إليك قلب، فطعنته بخنجر مسموم". يقول "أمين"، إن تلك المطربة الكبيرة مضت تثير "الشناوي" بأنها تعشق فلانًا طبيب، وعلانًا محامي، وتخرج مع ترتان المهندس، فلم يصمت "الشناوي" وكتب يقول: "ليتك تعلمين، أنك لا تهزينني بتصرفاتك الحمقاء، فلم يعد يربطني بك إلا ماض لا تستطيع قوة أن تعيده إلينا أو تعيدنا إليه، كنت أتعذب في حبك بكبرياء، وقد ذهب الحب، وبقيت لي كبريائي، كنت قاسية في فتنتك، ونضارتك وجاذبيتك، فأصبحت قاسية فقط". ورغم كبرياء "الشناوي" الذي كان واضحًا في كتابته إلى تلك المطربة، فوجىء به "أمين" يتردد على المقابر، بعدما طاردته لعنة تلك الحب وعذبته، وكانت هذه عادته الجديدة، فسأله ماذا حدث، فابتسم "الشناوي" وقال: "أريد أن أتعود على الجو الذي سأبقى فيه إلى الأبد". وبعد وفاة "الشناوي"، التقى "أمين" بتلك المطربة، وأخبرها أنه كرهها طول حياته منذ قصيدة "لا تكذبي إني رأيتهما معًا"، فقالت: إنني لم أحبه، هو الذي كان يحبني، إنني كنت أحبه كصديق فقط، وطلب مني الزواج فرفضت لأننا اختلفنا في كل شىء فأنا رقيقة وهو ضخم، وصغيرة وهو عجوز، أجد متعة في أن أجلس مع الناس، ومتعته أن يجلس معي وحدي، أنا لا أريد أن يعرف الناس من أحب، وهو يريد أن تعرف الدنيا كلها أنه يحبني. فرد عليها "أمين": أن أصدقاءه يعتقدون أنك قتلتيه، فقالت: لا.. إنه هو الذي انتحر.

علق هنا