من قَصْفِ مفاعل تموز.. إلى جنوب بغداد

بغداد- العراق اليوم:

*وفيق السامرائي

لا أخفي أنني ورغم كتابتي آلاف المقالات منذ ربع قرن تركت الوضع العربي الإسرائيلي جانبا (تماما)، فالخلافات والصراع والصداقات والزيارات بينهم تمضي قدما وليت العراق يبقى بعيدا وبعيدا عن الشعارات. وبعد ضربتي معسكر آمرلي ومستودع عتاد جنوب بغداد التي لم تحاول الحكومة الإسرائيلية نفيهما بات مرجحا أن من قام بالفعل كانت طائرات إسرائيلية، ومثلما تكتمت إسرائيل رسميا لسنوات على قصف المفاعل النووي جنوب بغداد 1981 تتكتم اليوم رسميا. في 1981 أغارت (15) طائرة إسرائيلية من طراز  F15 و F16 على مفاعل تموز ودمرته وعادت سالمة في ذروة الحرب مع إيران، وبعد ان غادرت أجواء بغداد اشتعلت سماء بغداد بنيران الدفاع الجوي عبثاً، ولم يتهم العراق إسرائيل فورا رغم وضوح الأدلة. وكنت في (أس) وقتها وشاهدت كل شيء. يوم أمس كتبت عن قصف المستودع واليوم أكرر بنمط أوضح لاستكمال الحديث. هاجمت إسرائيل آلاف الأهداف في سوريا ولم تُغيِّر شيئا على الأرض، ولها حدود مشتركة وقصص حرب وصراع في سوريا ولبنان وغزة..، فما مصلحتها في تثوير مشاعر وموقف العراقيين ولم يتدخلوا ضدها؟ حتى في حرب أكتوبر 1973، صحيح أرسل العراق أفضل فرق جيشه للمشاركة بعد بدء الحرب، إلا أن القيادة العراقية سحبتها بعد وقف اطلاق النار مباشرة وفق مزايدات ومطالبة سطحية ثورچية فارغة بمواصلة الحرب، إلا أن الرئيس الراحل الأسد كان واقعيا جدا ووافق على وقف القتال بناء على تقدير سليم للموقف، والقوات العراقية لم تكن قادرة على تحقيق حسم قطعا! وهذا درسناه وناقشناه لاحقا في كلية الاركان، وقال أحد المتناقشين انه دخل بسرية دبابات فيها (12) دبابة وخرج بدبابتين، وذكر الحقائق لا يعني التقليل من الدور. لكن دعونا من الشعارات. ما بين إيران وإسرائيل من عداء بينهما، ويمكن أن يتغير بيوم واحد عندما تختار طهران ذلك، ويبقى خليجيون في صدمة مدهشة، ولكن لن أخوض في هذا الموضوع الذي فيه عقائد وعواطف ومواقف.. المهم: إسرائيل تخطئ الحساب إن عادت واستعدت (أي طرف عراقي) وإن مضت في قصف أهداف في العراق، فالسلاح كله تقليدي وبسيط ودفاعي والحشد وغيره معنيون بالدفاع عن العراق، وليس في حساباتهم حربا على إسرائيل، بل انهم دافعوا ضد إرهابيين تدفقوا من بطن الجزيرة مدفوعين بشعار أجوف عنوانه (استعادة العراق) الذي ساعدوا في مقتل مئات آلاف من أهله في حرب السنوات الثماني ولم يرسلوا جنديا (واحدا) للحرب معه. الخليجيون يخاصمون بعضهم بعضا وسيتحاربون بالنيابة أو مباشرة أو تآمرا، عدا الكويت، وعدا مسقط (نسبياً). ولن يعود مجلس تعاونهم مجددا كما كان قطعا، ولن تحارب إسرائيل معهم (قطعا)، فالبنادق الإسرائيلية ليست للايجار، وليس من مصلحة أطراف خليجية تحريك ذيول الطائفية في العراق وما حدث في 2013 و2014 لن يتكرر (قطعا) وليس من مصلحتهم صراعا إسرائيليا عراقيا (ولن يحدث). كفوا عن العراق، وكفى تهويلا في الحديث عن معسكرات إيرانية في العراق فهي ليست في حاجة لمعسكرات متقدمة ولن تضع سلاحا مهما خارج حدودها. فالعراق لن يعود لوهم عقائد (تكفيرية) بالية وليس لهم ولا معهم. بل مع نفسه. نعم الدور الإيراني موجود في العراق، وتآمر وأموال وذيول خليجية موجودون أيضا مع مغشيين وو.. على القيادة العراقية مراعاة سلطة الدولة المركزية الديموقراطية بكبرياء وتعزيز قدراتها وردع الفاسدين ومن يحاول زرع بذور التمرد والتقسيم (والعصيان) على الدولة.

ستمضي الأيام ويعود العراق أقوى.

علق هنا