هل سيغادر الحزب الشيوعي سفينة " سائرون" قريباً ؟

بغداد- العراق اليوم:

بعد مرور أكثر من عام ونصف العام على تشكيل تحالف "سائرون" الذي يضم التيار الصدري مع الحزب الشيوعي العراقي، لا يبدو النجاح حليفاً له، إذ يشير مراقبون وبرلمانيون، بل وأعضاء من التحالف نفسه، وحتى زعيم "سائرون" الروحي، مقتدى الصدر، إلى اخفاقات كثيرة وتقاعسٍ واضح في تنفيذ البرنامج الانتخابي، وما وُعدت به جماهير الأحزاب ضمن التحالف. كذلك، تشير تسريبات من النجف، حيث منزل الصدر ومقر تياره الرئيسي، إلى وجود خلافات حادة لا يكشف عنها الأعضاء بين أبرز طرفي التحالف؛ "الشيوعي" و"الصدري"، بشأن تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات، الذي أقصى الأحزاب والكيانات الصغيرة عن الحصول على مقاعد في الحكومات المحلية. ووُلد تشكيل تحالف "سائرون" منتصف يناير/كانون الثاني من العام الماضي، إذ نجح التيار الصدري في التحالف مع أعرق الأحزاب الوطنيةالعراقية، المعروفة بتاريخها النضالي، وسمعتها النظيفة، والتي تحظى بإحترام عام من جميع القوى السياسية في داخل العراق وخارجه. لقد تشارك الطرفان - الحزب الشيوعي والتيار الصدري- طيلة الفترة السابقة لهجة التهديد باللجوء إلى المعارضة، والاتكال على التظاهرات لتصحيح المسارات السياسية والحكومية. ومع استعداد الأحزاب لدخول حلبة التنافس في الانتخابات المحلية التي من المفترض أن تُجرى نهاية العام الحالي، قد يتهشّم التحالف الذي حافظ على تماسكه رغم كل الاختلافات بينهما، خصوصاً أنّ الحزب الشيوعي بات يدرك أن لا نصيب له من مقاعد الحكومات المحلية في ظلّ قانون انتخابات ظالم، حسم النتيجة لصالح الأحزاب الكبيرة مسبقاً، وفقاً لقانون "سانت ليغو" المعدل الذي اعتمد قاسماً انتخابياً 1.9 في احتساب أصوات الناخبين وتوزيعها بين الكتل المتنافسة. إلا أن الحزب يملك الآن خيار التوجه إلى القوى المدنية المشتتة، وقيادة جبهة جديدة بهدف تحقيق المشاركة الفعلية في الحكم، وتنفيذ مفردات برنامجه الوطني. وعلى الرغم من ذلك، رأى النائب في البرلمان العراقي عن تحالف "سائرون" رعد المكصوصي، أنّ "تحالف سائرون تمكّن من كسر العرف السياسي الذي دمّر البلاد، وهو بناء التحالفات على أساس الطائفة والمذهب، واختار أن يكون متنوعاً بلا اكتراث للتخندقات الطائفية، الأمر الذي ساهم بخلق تحالف رديف آمن بالفكرة نفسها، وهو تحالف البناء الذي ضمَّ السنة والشيعة". وأوضح المكصوصي ، أنّ "تحالف التيار الصدري مع الأحزاب العلمانية والشيوعية، مثّل تغييراً نوعياً عن التحالفات السابقة، وتمكّن من خلق كيان عابر للطائفية"، مضيفاً أنّ التحالف "ما زال موحداً، وتجمعه رؤية واحدة مع الحزب الشيوعي والأحزاب المدنية. وليس بعيداً أن يستمر سائرون بتشكيلته الحالية لدخول الانتخابات المحلية بمكوناته". أمّا جهاد جليل، وهو عضو بارز في الحزب الشيوعي العراقي استقال عقب إعلان تشكيل تحالف "سائرون" ودخول حزبه مع التيار الصدري، فقال في حديث صحفي، إنّ "تحالف سائرون مكوّن من الحزب الشيوعي وحزب الاستقامة"، معتبراً أنّ "الأخير هو حزب شكلي أدرج ضمن دائرة تسجيل الأحزاب، ولكن واقعياً ليس له أي وجود، لأنه التيار الصدري باختصار، وتقوده هيئة سياسية وبعض الشخصيات القريبة من مكتب مقتدى الصدر، والدليل على ذلك أنّ أكثر من سنة مرت، ولم نشهد أي فعالية لحزب الاستقامة ولا حتى أي بيان أو موقف، مع العلم أنه يملك غالبية الأصوات والمقاعد في البرلمان. لذلك، لا يمكن القول إنّ الشيوعي تحالف مع حزب، إنما تحالف مع جماعة دينية". ولفت جليل إلى أنّ "تحالف سائرون تمكّن من جمع نقيضين، وهذه سابقة تحسب له، ولكن النتيجة لم تختلف عن التحالفات السياسية الأخرى، ونهج سائرون لم يختلف عن نهج كتلة الأحرار السابقة (تابعة للتيار الصدري)، لجهة التذبذب بالمواقف، وقد برهن تراجعه بشكل كبير بعد أن فشل بتقديم نموذج جديد في الساحة السياسية. كما أنه بسبب عدم انسجامه، خسر استمرار بقاء شخصيات سياسية مهمة في البلد ضمن تحالفه، مثل عمار الحكيم وحيدر العبادي، لأنه ظلّ يبحث عن توسيع نفوذه داخل الدولة ومؤسساتها". وبشأن دخول الحزب الشيوعي في الانتخابات المحلية مع التيار الصدري، اعتبر جليل أنه "الانتحار بعينه"، مضيفاً أنه "بعملية حسابية بسيطة ضمن قانون انتخابات مجالس المحافظات، سيتبيّن أن الشيوعي لن يتمكن من الحصول على مقعد واحد، ولكنه إذا دخل مع قوى مدنية أخرى من الممكن أن يحصل على شيء،". من جهته، أشار عضو التحالف المدني حذيفة صالح، إلى أنّ "سائرون يشيع عبر وسائل الإعلام وبياناته أنه التحالف الأكثر تماسكاً، إلا أنّ الحقيقة عكس ذلك تماماً، وحتى في الأيام الأخيرة وقع خلاف بشأن حصة الحزب الشيوعي من مناصب الدرجات الخاصة". وأوضح صالح في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الشرخ في التحالف سيُعلن عنه قريباً، مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية، لأنّ بقاء الحزب الشيوعي مع التيار الصدري، سيحرم الأوّل من الحصول على أي مقعد ضمن الحكومات المحلية في المحافظات". ويقول مراقبون إنّ الحزب الشيوعي كان أكثر دعوة وأعلى صوتاً في قضايا الحريات المدنية وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد والانتهاكات المختلفة في البلاد قبل دخوله مع الصدريين. إلى ذلك، أكّد الباحث والمراقب للشأن المحلي محمد الشريفي، أنّ "تجربة تحالف سائرون أثبتت نجاحاً في ساحات الاحتجاج فقط، خلال فترة التظاهرات، ولكنها فشلت على المستوى السياسي والبرلماني"، وأن "الشيوعيين لا تأثير واضحاً لديهم ضمن سائرون"، معتبراً أنّ "القرارات التي تحكم مصائر جميع أعضاء التحالف تأتي من النجف". وأضاف الشريفي أنّ "الخلاف بين الشيوعي والصدري، ما يزال قائماً، وقد يهدد مصير التحالف، بشأن قانون انتخابات مجالس المحافظات، خصوصاً في ما يتعلق بفقرة القاسم الانتخابي، فالصدريون صوتوا لصالح 1.9، الذي اعترضت عليه جميع الكتل والأحزاب الصغيرة"، مؤكداً أنّ "الانتخابات المحلية، تتطلب تحالفات سياسية جديدة. وحسب المؤشرات، فإنّ الحزب الشيوعي سيخوضها بتحالف سياسي جديد، بعيد عن التيار الصدري، وهذا الرأي مدعوم من أغلب القيادات السياسية الشيوعية".

علق هنا