أحمد عبد السادة يضرب على الوتر الحساس، ويناقش في مقال شجاع " حدود القداسة" وما حدث في ملعب كربلاء !

بغداد- العراق اليوم:

الفعاليات الفنية في ملعب كربلاء وإشكالية "القداسة".

أحمد عبد السادة

أنتجت فعاليات افتتاح بطولة غرب آسيا لكرة القدم في ملعب كربلاء الدولي انقساماً واضحاً بين فريق مؤيد للفعاليات وما تضمنته من عروض موسيقية وفنية راقصة ويعتبرها جزءاً من الملامح المدنية، وبين فريق آخر معترض على هذه الفعاليات الفنية ويعتبرها انتهاكاً لـ"قدسية" محافظة كربلاء حسب وجهة نظره، ولا شك أن هذا الانقسام الحاد يعيد طرح الأسئلة بشأن ما يسمى "قدسية المدن" وحدود هذه القدسية وعلاقتها بالحريات الشخصية والفعاليات الفنية ودستور الدولة العراقية. المعترضون على هذه الفعاليات يستندون - في اعتراضهم هذا - إلى الطابع "المقدس" لكربلاء بسبب وجود العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين فيها، فضلاً عن استنادهم إلى قانون محلي يسمى "قانون قدسية كربلاء" الذي أصدره مجلس محافظة كربلاء في عام 2012، وهو قانون فضفاض ومتعسف جداً لأنه يجيز للسلطات في كربلاء منع السفور والجهر بتشغيل الأغاني وعرض الملابس النسائية في واجهات المحال التجارية وتجريم واعتقال المخالفين ضمن كل الحدود الإدارية لمحافظة كربلاء بما فيها أطرافها، وليس منعها في المنطقة الواقعة بين العتبتين المقدستين والمناطق المحيطة بهما فقط. أنا طبعاً مع وجود وترسيخ قداسة خاصة ترتبط بالعتبتين الحسينية والعباسية المقدستين والمناطق المحيطة بهما، ولكني ضد شمول "كل" محافظة كربلاء بهذه "القداسة"، لأننا لو سلمنا جدلاً بصحة قداسة "كل" محافظة كربلاء بسبب وجود العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين فيها، فإننا سنفتح باباً لتحويل "كل" بغداد إلى عاصمة "مقدسة" بسبب وجود العتبة الكاظمية المقدسة فيها، وبالطبع ستشمل تلك "القداسة" محافظة صلاح الدين برمتها كذلك بسبب وجود ضريحي الإمامين العسكريين فيها، وهذا الأمر سيخلق أزمات قانونية ودستورية نحن في غنى عنها، كما سيخلق مشكلات واحتقانات اجتماعية كبرى غير مبررة بسبب تنوع الشرائح الاجتماعية في تلك المحافظات وتعدد ميولها الفكرية واختلاف وجهات نظرها بخصوص شكل الدولة والحريات الشخصية. الفعاليات الفنية التي جرت في ملعب كربلاء الدولي هي فعاليات جرت كجزء من حدث رياضي إقليمي جرى في مكان رياضي مغلق وبعيد عن العتبتين المقدستين، ولم تتضمن أي إيحاءات "فاحشة" ومخلة بالذوق العام والآداب العامة، وبالتالي فإن الضجة والاعتراضات التي أعقبت حدوثها غير مبررة برأيي وتندرج ضمن الاحتقانات والمبالغات التي سيستغلها أعداء العراق ويضخمونها من أجل تصوير وتسويق العراق كبلد منغلق يعادي الفن والموسيقى والتمدن!!

علق هنا