في مقال جريء نشر اليوم في جريدة الصباح .. القاصد يكتب عن (عدم فائدة) مجلس مكافحة الفساد

بغداد- العراق اليوم:

الحرب على الفساد

د. حسين القاصد

من المفترض أن تكون قد بدأت هذه الحرب _ رسميا_ بعد بيان النصر على داعش وتحرير الموصل ، وقد أعلنت عنها الحكومة السابقة ؛ ولأن توقيت اعلان الحكومة السابقة كان قريبا من الاستحقاق الانتخابي ، فضلا عن كون الاعلان عنها كان متكئا على الزخم المعنوي الذي وفره النصر على داعش  ، اقول : لأن التوقيت كان مستثمرا الظروف التي تتيح له التسويق الاعلامي الذي يرقى لمرتبة الصدق ، بقي الشعب ينتظر أية يد من حديد تظهر وتعلن عن الضربة الاولى او البيان رقم واحد للحرب على الفساد ؛ فلقد سمعنا عن التوعد بالضرب بيد من حديد ، لكننا مازلنا نئن تحت سياط الفساد الاداري بكل اشكاله وحجومه .

بعد الانتخابات وما اسفرت عنه من نتائج ، وبعد تشكيل الحكومة الحالية برئاسة السيد عادل عبد المهدي ، عاد الحديث عن الحرب على الفساد لاسيما ان العراق _ كما هو مفترض _ قد انتهى من اخر الحروب العسكرية ، ولابد من التخلص من مخلفاتها ومن الذين انتهزوا انشغال البلد بالحرب فأخذت اموالهم وممتلكاتهم تتناسل بشكل مريب ، حتى اصبحت لهم سطوتهم على بعض الامور التي تخص دوائر الدولة بحكم سطوة المال وانتشار ابطال افة الفساد الاداري في اغلب مفاصل الدولة .

 ونحن اذ نحيي خطوة السيد رئيس الوزراء على نيته محاربة الفساد ، لابد لنا أن نسأل عن الآلية المناسبة لمحاربة الفساد ، فلكل حرب قواتها وكتائبها وفصائلها ؛ وهذه الحرب _ تحديدا_ لاتنفع معها سياسة الارض المحروقة ، لأننا نريد الجناة ونريد ماسرقوه ؛ ولقد سمعنا بتشكيل المجلس الاعلى لمحاربة الفساد الذي اعلنت عن تأسيسه رئاسة الوزراء ، لكن الأمر في ظاهره يبدو اجراءً اداريا ، قد يأخذ مسراه الوظيفي ، دون اية نتائج .

 ففي دولة مثل العراق فيها مؤسسات نزاهة ، وفيها مكاتب للمفتش العام في كل وزاراتها ودوائرها ، وفيها صحف ورأي عام ومتظاهرون ، وكلهم يشيرون الى جهات الفساد باسمائها وصفاتها الرسمية او الوهمية ؛ في دولة تملك كل هذا الصوت ضد الفساد ، ترى ما الحاجة  الى تشكيل جديد ستكون له رواتبه ومكاتبه ومخصصاته ، ونكون قد خلقنا تشكيلا جديدا دون مساءلة مكاتب المفتش العام في كل وزارة عن الفساد الذي حصل في وزارته .

 نحتاج من رئاسة الوزراء ان توفر الحماية لاصحاب الرأي حين ينتقدون او يوجهون اصابع الاتهام للجهات المفسدة ، ونحتاج من الحكومة ان تمنع القيود وتكميم الافواه التي تمارسها بعض الوزارات على منتسبيها ، حين يقومون بتشخيص خلل ما ، او يشيرون الى شبهة فساد ما ؛ فأغلب الوزارات تحاسب موظفيها على ممارستهم ( الرأي العام) ، لذلك كيف يتسنى للمواطن المهدد بالعقوبة من وزارته ان يوصل معلومة فساد الى المجلس الاعلى لمحاربة الفساد ؟

علق هنا