مسرّات صباحية .. وسط "دوشة" الانتخابات

بغداد- العراق اليو

جواد الحطاب

إزدحام المشهد الإنتخابي، وتلاطم الأسماء والنوايا، والمحاولات التسقيطية "الصغيرة" لم تمنع العصافير من الزقزقة، ولا البلابل من الهديل، ولا الأفراح المعفاة من الضغائن، من أن تحطّ على نهاري مثل حمام زاجل في جناحيه رسائل الودّ، والسلام، والأمل بيوم إبداعيّ لا أروع منه.. فهكذا عوّدت نفسي ان تنتمي – ما استطاعت- للأبيض والنوافذ المشرعة للأفق.

.

أولى المسرّات هي ما كتبه الشاعر الكبير، المعلّم، عيسى الياسري، ونشره على صفحته الشخصية، وتحت عنوان لافت، سحب من شمائله الكثير وطوّق عنقي به، لأنّه كتب

:

الشاعر جواد الحطاب

طفولة الشعر .. شجاعة الموقف

...............................

.

منذ تعرفي الأول عليه .. وحتى هذه اللحظة التي اكتب عنه فيها هذه الأسطر الصغيرة .. مازال يقف على عتبة طفولته الشعرية .. وموقفه الشجاع .. الذي كثيرا ما عرضه للمساءلة الامنية والإدارية .

وإلا أي مجنون يكتب مدافعا عن - عيسى حسن الياسري - المفصول من اتحاد الأدباء .. وصاحب الأسم المدرج في قائمة المرتدين التي نشرتها - جريدة بابل - المخيفة .. وطالب اللجوء في المفوضية السامية للامم المتحدة في الاردن .

.

ذات يوم حمل لي أحد الاصدقاء في عمان نسخة من - جريدة الزمن - التي يشرف عليها الطفل المجنون - جواد الحطاب - .. وطلب مني أن اقرأ ماكتبه - الحطاب - عني كان عمودا تحت عنوان :

" رسالة ماجستير تبحث عمن يطلق سراحها

رسالة ماجستير اشتغل عليها طالب آداب عراقي موضوعها - تجربة الشاعر عيسى حسن الياسري - , ومن المعروف أن تجربة الياسري القروية تذكر بالشاعر الروسي المعروف - يسنين - , هذه الرسالة تقدم بها الطالب إلى كلية التربية في جامعة بغداد , لكن أحد الاساتذة وهو من جيل الشاعر وله نفس الاهتمامات وقف ضد الرسالة ومشروعها ككل , بدعوى أن الشاعر الآن خارج العراق , وأنه - قد - ..

لانملك تعليقا على هذه - القد - ..

ولكن نقول للياسري , غدا سوف تكتب عنك ليست رسالة واحدة , وإنما اطروحات - دكتوراه - , فلا يصح إلا الصحيح .

-) جواد الحطاب - جريدة زمن - نهايات عام 1999)

.....

( الآن وانتخابات اتحاد الادباء على الابواب..

السنا بحاجة إلى هذا الصوت الشجاع .. لينضم إلى قائمة اصدقائنا وابنائنا الشجعان في تشكيلة الهيئة الإدارية القادمة ..

من أجل الدفاع عن حقوق اعضاء الهيئة العامة ... ؟

اعتقد أننا نحتاجه ونحتاج كل الاصوات الشجاعة التي لاتساوم على حقوق الادباء كل الادباء ..)

....... عيسى الياسري

- 2 –

في نهاية العام الماضي، أذكر، وفي سؤال لمحرّرة الصفحة الأخيرة في "جريدة المدى" قالت : ما الذي تريد ان تكونه، لو لم تكن شاعرا ..؟

وانبثق الجواب من أمنية طفولية ما زالت ترافقني الى الان

قلت : ان اكون " صانع طائرات ورقية " !!

.

كبرت .. والطائرات الورقية تعدّدت في سمائي، ولوّنت صفحتي في الحياة وفي هذا العالم الافتراضي المتحقق " الفيسبوك " ..

عشرات العشرات منها..

لكن طائرات "يحيى السماوي" لم تتعب من التحليق – والتحديق- بي، وحولي يوما، وكأن هذا الشاعر "السماوي" حطّ لأوراق طائراته عيونا زئبقية لا تعرف النعاس أو الملل !!

.

أمس، اصطدت واحدة منها، وقرأت فيها ما ودّ هو ان تصلني لأطير ، لأنّه يعرفني : ما انا الا عاشق الطائرات الورقية الملوّنة ..

ملكتني كلمات طائرته :

(.. ثمّة رسالة دكتوراه جديدة في ايران عن شعر المقاومة..

يتناول شعر كلّ من.. جواد الحطّاب،

وسعدي يوسف،

ومحبّك، يحيى السماوي.. ).

.

شيئان استوقفاني في هذه الرسالة القصيرة، والمملوءة دفئا مثل قبلة

.

أولا.. كلمة " جديدة " ..

ترى من أخبر الولد الذي يذكّر من يناديه باسمه يا : يحيى، بأنّه هو "نبي" من أنبياء بني الله!!

والا .. ما أدراه بأنّ هناك "اطروحة دكتوراه" مطلوب الشروع بها من احدى الجامعات الايرانية، بعد عدّة رسائل ماجستير،في كليات هذا البلد، وقبل أيام من رسالته تواصل معي باحثها، وكما منشور هنا على اوراق طائرة كذلك !!

.

والذي استوقفني – ثانيا – انّ عنوان الرسالة التي جمعتني بكبيرين في الشعرية العراقية ( الأخضر بن يوسف، والسماوي بن زكريا ) كانت عن : "المقاومة".

-3 -

.

أنقل من كتاب سيصدر قريبا، خصّص لـ " المقاومة في شعر جواد الحطّاب" ما كتبه الصديق الرائع، ابن جيلي الذهبي، الشاعر والروائي والمترجم " الدكتور برهان الشاوي " بشهادة لا أجمل منها .. كتبها للتاريخ، تاريخنا الأدبي العراقي والعربي.. وعنونها..

:

جواد الحطاب..

الشاعر المقاوم بالموسيقى..والاستعارة.. المفارقة !

............................................................. برهان الشاوي

.

(.. على موائد عمرنا..

جميع فواكه العبوات

.

ويرسب أولادنا في الدرس

لايعرفون إعراب المفخخات

************************

(كان لبغداد أربعة أبواب:

باب الشام/ باب الكوفة/ باب البصرة/و... باب خراسان ..

.

لبغداد أبواب أربعة:

باب كلواذا، باب الظفرية/ باب السلطان/ و.. باب الطلسم ..

.

والآن لبغداد باب واحد:

باب الـ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه) .

******************** ( ديوان بروفايل للريح – رسم جانبي للمطر )

.

"حين تمر الهمرات أمامي

أشدّ على قبضتيّ في جيبي

وأحسد الديناميت"

.

"ادفعوا عني أبو غريب قليلاً

أريد أن أمدّد قلبي"

************************ ( ديوان إكليل موسيقى على جثة بيانو )

.

الشاعر جواد الحطاب محطّة خاصّة في الشعر العراقي المقاوم منذ الزلزال الهائل، واحتلال العراق العام 2003..

.

ومفهوم المقاومة هنا لا يعني استخدام قاموس الدم، ولا كتابة القصيدة التي تثير الحماس..وإنما النصّ الشعري الذي يثير الأسئلة عن جدوى الحياة في ظل المفخخات، والسيارات الملغّمة، والمدرعات المجنزرة لجنود جاءوا من أقصى العالم ليتجولوا في مدينتك،..وليزرعوا الرعب والذل أنّى توجهوا ..

.

القصيدة الحطّابية تؤرخ للعذاب، ولدرب الآلام الذي وجد الشعب العراقي يواصل المسيرة المرعبة فيه..ويكفي أن يكون عنوان ديوانه الجريء هو " إكليل موسيقى على جثة بيانو"..!..

.

جواد الحطاب شاعر يقف القارئ بإجلال أمام شجاعته الشخصية والشعرية..إذ أنه كتب نصوصاً عن الألم العراقي دون أن يفرّط بجماليات الشعر، واللغة، والاستعارة الفنية..

.

إنه شاعر يقاوم بالموسيقى، والاستعارة، والمفارقة...

وأنا على يقين بأن التأريخ سيؤرخ للشعراء والكتاب والأدباء والفنانين المقاومين..

وسيكون اسم الشاعر الحطّاب متوهجاً في صدارتها. ) برهان شاوي

.

3-

أيها الشعراء ..

العاشقون ..

.

ادعوكم الى الطيران ..

ولتكن أوراقكم الملوّنة

أحلام عباس بن فرناس ..

فما زالت في السموات أراض بكر..

وهناك "عيسى" و "يحيى" و "براهين" عالية على المسرّات.



علق هنا