قوانين مثيرة للجدل .. النشيد الوطني انموذجاً

بغداد- العراق اليوم:

جبار الشويلي  / المستشار القانوني لممثلية الحكومة في مجلس النواب

 .. هضبات العراق .. الشمس في بلادي.. عراق القيم

هذه مقدمات لقصائد شعرية للشعراء  ( الجواهري.. السياب.. الغريري) رشحت لتكون واحدة منها نشيدا وطنيا لجمهورية العراق  وفقا لنص المادة ( ١٢ ) من الدستور والتي نصت على ( ينظم بقانون، علم العراق  وشعاره ونشيدة الوطني بمايرمز الى مكونات الشعب العراقي )

.. في الدورة الاولى لمجلس النواب طرحت مقترحات قوانين للعلم العراقي وشعار الدولة ونشيدها الوطني وكانت هذه المقترحات مثار جدل بين الكتل السياسية في مجلس النواب فكانت وجهات النظر مختلفة جدا عن روح ومضمون هذه المقترحات ووصلت مرحلة الجدال بشأنها  حدا لايطاق مما لم يصل معه الاتفاق على شكلا معينا للعلم العراقي وشعار الدولة  ونصا شعريا للنشيد الوطني واجبر هذا الاختلاف على ابقاء العلم بالشكل الحالي وبالالوان المعتادة له على ان يكون علما مؤقتا للبلاد ..

... اما بالنسبة للنشيد الوطني فكان نشيد ( موطني ) متسيد للصدارة وهو العربي شعرا ولحنا وتوزيعا والذي اعتمد بشكل مؤقتا من قبل مجلس الحكم العراقي عام ٢٠٠٤ ...

على اثر ذلك وفي الدورة الاولى لمجلس النواب قدمت مقترحات لنصوص شعرية لشعراء عراقيين كبار منهم  ( الجواهري والسياب ومحمد البصير  ) ووضعت لجنة الثقافة والاعلام تلك النصوص على طاولة التقاش والاختيار  لتأتي الاعتراضات مرة اخرى من ذات الكتل السياسية لاعتبارات عديدة لايمكن ذكر تفاصيلها هنا ..

 وقد يكون اهمها الاعتبار الطائفي  مما ادى الى ركن هذا المقترحات على رفوف اللجنة المختصة بعد ان كان هناك شبه اتفاق على قصيدة الشاعر الكبير  الجواهري ( سلام على هضبات العراق ) بعد ان قرات القرءاتين امام مجلس النواب ولكن...؟

بعد ذلك عدنا من جديد نستمع ولاكثر من ( 15 عام ) لنشيد ( موطني ) مجبرين عليه في كل المناسبات الوطنية والرسمية ..

نشيد ( موطني ) الذي لايعرف عنه العراقيين شيئا شعرا ولحنا وتوزيعا  وماهي مناسبة كتابته.. ومن الدولة التي اعتبرته نشيدا وطنيا لها قبل العراق ...؟

ولماذا تم  اعتماده نشيدا وطنيا لجمهورية العراق ...؟

الجواب .. هو اختلاف مكوناتنا السياسية  العراقية  في مجلس النواب على الاتفاق على قصيدة شعرية لتكون نشيدا وطنيا للبلاد بعد ان اختلفت وابتعدت عن روح القانون ومضمونه وذهبت  وراء افكارا وايدلوجيات محددة لتكون صورة او نصا شعريا معينا من خلال النشيد الوطني متناسية ان هذا النشيد يمثل العراق بأرضه وشعبه وحضارته وسمائه ...

... وبالعودة لذات الموضوع هذه الايام لطرح فكرة النشيد الوطني فقط دون العلم العراقي تتوسع دائرة الخلاف لتأخذ مدى اوسع في  الاوساط السياسية والثقافية والشعبية ليضاف نصا شعريا للشاعر ( اسعد الغريري ) مع نصوص الشعراء السابقين لتزداد بؤرة الصراع بشكل اكبر مما سبق   ..

وبودي هنا ان اضع بعض النقاط القانونية على حروف هذا المشروع ليكتمل المشهد بشكل يدل على دلالة ورمزية النشيد الوطني وعلى النحو الاتي ..

١.. تقدم فكرة النشيد الوطني من خلال طريقتين  :

الاولى ..  مشروع قانون يقدم عن طريق وزارة الثقافة والسياحة والاثار .. باعتبارها الجهة الحكومية الراعية لهذا المشروع ليعرض امام مجلس الوزراء للتصويت عليه وارساله لمجلس النواب للمصادقة عليه بالاغلبية البسيطة وفقا للمادة ( ٦٠ الدستورية )

الثانية : مقترح قانون يقدم عن طريق  ( ١٠ نواب ) او عن طريق لجنة الثقافة والاعلام النيابية مؤيدة بتواقيع عدد من اعضاء المجلس للتثنية علية  بدرس من قبلها ثم يرفع امام المجلس ليقرأ القراءتين ليتم بعدها المصادقة عليه بالاغلبية البسيطة لاعضاء مجلس النواب ..

ويسبق المقترحين اعلاه القيام بأجراء مسابقتين تقوم بها الجهات الرسمية المختصة احدهما للشعر والاخرى للحن والموسيقى كون هذه الفكرة ذات شان ثقافي مختص تتطلب توافر عناصر النجاح فيه..

ولكي تكون فكرة النشيد الوطني معبرة عن الواقع العراقي بكل مكوناته الحضارية والتأريخية والجغرافية والسياسية وابراز مقوماته من خلال هذا النشيد فلابد له ان يمثل العراق ماضيا وحاضرا ومستقبلا ..

وعليه  يجب ان يكون النشيد الوطني هذه المرة عراقيا خالصا من حيث الشعر واللحن والتوزيع الموسيقي وان لايقتصر الامر على نص شعري كتب لشاعر بعينه كبيرا كان ام لا  مؤثرا او غير مؤثر في الواقع الثقافي العراقي بقدر مايكون هذا النص الشعري متكاملا سهلا ممتنعا يحمل معاني وصور ودلالات بحجم العراق  دون الاقتصار على على بعض المكونات الاثنية والمذهبية والطائفية وهذا سر نجاح اي نشيد وطني لاي بلد ..

٢.. آخر المطاف هو ان نسمع ونشاهد قيام الجهات الرسمية حكومة وبرلمان امام بطرح مشروع وطني لمسابقة كبرى تتبنى فكرة  ( النشيد الوطني العراقي ) من خلال لجنة عليا تتكون من النخب والقامات المعرفية والثقافية في الجامعات والاتحادات والنقابات المختصة تتولى وضع آليات لاختيار النصوص الشعرية المشاركة في هذه المسابقة وكذلك الامر بالنسبة للالحان والتوزيع الموسيقي  وتقديم جوائز قيمة للفائزين الثلاثة الاوائل شعرا ولحنا لتقدم فيما بعد للجهات الرسمية المختصة لاختيار احدها ليكون نشيدا وطنيا لجمهورية العراق  مكتمل  الجوانب الوطنية البلاغية والتعبيرية المطلوبة يتغنى بحب العراق وشعب العراق وتاريخ العراق ولايمثل حقبة سياسية بعينها او مكونا او طائفة بذاتها وليكون نشيدا وطنيا دائما للعراق العزيز ...

 

علق هنا