بمناسبة ميلاد الحزب الشيوعي العراقي، قصي الصافي يلقي محاضرة في امريكا عن الفاشية بين الماضي والحاضر

العراق اليوم - خاص ساندييغو

على قاعة (عشتار) في منطقة الكاهون بمدينة ساندييغو الامريكية، وفي باكورة انشطة وبرامج الاتحاد الديمقراطي العراقي في ساندييغو بولاية كاليفوزنيا الامريكية بعد عقد مؤتمره الحادي عشر، وتزامناً مع احتفالات التقدميين والديمقراطيين العراقيين في الولايات المتحدة الامريكية، وفي مختلف بقاع العالم بحلول الذكرى الخامسة والثمانين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي، ألقى الكاتب العراقي قصي الصافي محاضرة مهمة بعنوان: " الفاشية بين الماضي والحاضر"، وقد قدم لها بإختصار السيد نجاح قينايا سكرتير الاتحاد الديمقراطي في كاليفورنيا، كاشفاً في تقديمه عن جدوى المحاضرة واهمية عنوانها في مثل هذه الظروف التاريخية الخطيرة، واسباب اختيار مثل هذه المحاضرة دون غيرها !

الفاشية كمصطلح ونشوء وممارسة!

بعد ذلك تحدث الكاتب الصافي عن الفاشية، منطلقاً من اصطلاحها اللفظي والتاريخي، مروراً بمصادر تغذية تياراتها، بما يوفر لمريدي واتباع هذه الحركة المبررات الكافية والعوامل المشجعة والمحرضة نحو المزيد من القتل، حتى تدفع شخصاً مثل موسوليني، وهو الأب الروحي والقائد الملهم لأجيال الفاشية سواء في ايطاليا أو في غيرها نحو مواصلة وتطوير آليات، ومناهج، وعمليات العنف والابادة والكراهية للأعراق، والشعوب، والطبقات والعناصر الأخرى. وقد مر المحاضر الصافي على ابرز المصادر "الإروائية" التي سقت تلك النفوس المتعطشة للقتل والتدمير، فمنحتها الديمومة والمواصلة على كره الآخر دون توقف، أو مراجعة، وكان مروره هذا مروراً وافياً وشافياً أفصح عن جهد المحاضر والمامه، بل واستعداده لهذه المهمة التي أجزم انها جاءت في وقتها، ولا اقصد بوقتها المتزامن مع تلك المذبحة الفاشبة للمصلين في نيوزلاندا، إنما اقصد بذلك التزامن الأوسع لما يحدث الان في امريكا واوربا عموماً من محاولات حثيثة لإحياء هذا الارث المهزوم منذ سبعين عاماً، وقد نجح المحاضر الصافي بالتغلغل في اعماق التاريخ، مستغلاً قدراته، ومهاراته الثقافية، وحسه التقدمي الإنساني، ومنهجه النقدي المساعد، والعادل، الذي يحتكم اليه هو ومن كان مثله في مثل هكذا منحنيات، والتواءات تاريخية تطرأ في مسيرة الشعوب والمجتمعات، وتشوه في كثير من الأحيان خارطات التاريخ والجغرافيا لدى الكثير من النقاد، والمفكرين، والعباقرة ايضاً، فتضيع الرؤى لدى من لايمتلك العلمية والتحليل المنحاز للحقيقة، ولدى من يفتقد ايضاً العمق الذي يجعله مبصراً لما يحدث من اشكالات وشطحات وانكسارات تاريخية، فمثلاً، ألم يكن نيتشه عبقرياً، لكن عبقريته لم تمنعه قطعاً من ان يكون عدواً شرساً للعامة والمرأة، وملهماً للطبقة المستغلة والمهيمنة ؟

ساعتان لم تكف !

رغم الساعتين التي استغرقها وقت المحاضرة، لكن الجمهور لم يشبع من زاد التاريخ الذي عرضه الصافي على مائدة اللقاء، كما ان المحاضر نفسه لم يستطع ان يأتي بكل ما لديه، وما أعده من متاع دسم في هاتين الساعتين، مما إضطره الى ان يوجز نهاياته على عجل واضح، فكاد ان يحرمنا من زبدة جهده الطيب، لولا اضطراره الى ان يتجاوز على الوقت المخصص، ويأتي لنا بزبدة ما نريد عبر اضافاته التي جاءت من خلال الحوار مع الجمهور، بعد ان فتح المقدم السيد نجاح قينايا باب الحوار، فكان هذا  الباب واسعاً رغم ضيق الوقت، وكان الجمهور الحاضر  - وهو مزيج واع من مثقفين وادباء ومناضلين ومواطنين بسطاء جاءوا من مختلف الاطياف والطوائف والالوان العراقية للاستفادة والإفادة ايضاً، فتحدث بعضهم بما لم يتحدث به المحاضر - بسبب الوقت- بينما اثار البعض الاخر من الحضور  اسئلة مهمة ورصينة، اجاب عنها الصافي بشكل واضح ومفيد ! ولعل الشيء الأهم الذي يجب ذكره هنا، ان المحاضر الصافي دق جرس التنبيه والإنذار لخطورة ما يحدث في اوربا وامريكا من احياء لتقاليد الفاشية والنازية، وبمساعدة بعض الزعماء السياسيين، ضارباً - أي الصافي - امثلة وقرائن عديدة، لكن اللافت في الأمر ان المحاضر الصافي الذي أثار ذاكرتنا جيداً، وشحنها بما يكفي لعدم نسيان ويلات الحروب والتدمير الفاشية عبر ازمان الماضي والحاضر، فإنه لم يرعبنا، ويخيفنا بالقدر الذي يجعلنا نغادر القاعة ونحن نلتفت خوفاً من سكين فاشية أو طلقة غادرة من بندقية موتور أبيض !

 

علق هنا