الدعوة الى عدم احتكار المعرفة

بغداد- العراق اليوم:

المعرفة (ومنها المعرفة الدينية) صارت متاحة للجميع، ولم يعد بإمكاننا احتكار المعرفة الدينية. الخطب والأساليب التقليدية والمثاليات والقصص الوعظية ثبت أنها غير مجدية وأصبحت مملولة، وكل يوم يصلنا منها العشرات في رسائل الواتس والفيس. اقرؤوا الفلسفات الإنسانية والمناهج المعرفية بانفتاح كطلاب للمعرفة لا كأساتذة يعتقدون أنهم أنهوا المعرفة.

السخرية من أديان الآخرين وأفكارهم تدل على جبن وهروب من القراءة الفكرية المنفتحة. عاملوا الناس معاملة الند بدون فوقية أو طبقية. ولا تخجلوا أن تتعلموا من الناس.. احذفوا من قاموسكم كلمة "العوام" ولا تخاطبوهم مخاطبة الكبار للصغار، وكونوا على ثقة أن فيهم من هم أذكى منا. تبني مواجهة الإلحاد الذي لم يعد بالإمكان الإغضاء عنه، وإنني أنصح بمواجهته لا على قاعدة أنه عدو بل على قاعدة أنه محاولة مخطئة لفهم الوجود. أي مخاطبة الملحدين بهدوء وبما يقربهم لا بما ينفرهم، وهذا لا ينجح فقط مع الملحدين بل ينجح أيضاً في ساحتنا التي سترى فينا مرجعاً موثوقاً قادراً مثقفاً. وهذا يقتضي قراءة هادئة وواعية لطروحات هوكينغ ودوكينز وماركس لتثبتوا أن أطروحة الإيمان أذكى وأعمق. الانفتاح أكثر على الطروحات التنويرية واستيعابها بدل معاداتها، والاستفادة منها دون التخلي عن الصحيح من موروثنا. ابحثوا في القرآن عن القيم الإنسانية والعدل الإنساني، وتعاملوا مع القرآن ككتاب أنزله الله للإنسان وليس للمسلمين فقط. النقد هو السبيل الوحيد للتقدم والنهوض، فتعاملوا مع الانتقاد بفرح ورضا، فمعارفنا ومناهجنا ليست مقدسة، وليست جامدة، بل يجب أن تكون حيوية متطورة. وهذا لا يعني بالتأكيد أنها في مهب الريح، ولا يعني أن كل انتقاد صحيح، بل المقصود هو الانفتاح وعدم الانكماش، والبحث العقلاني عن إيجابيات النقد.

علق هنا