حزب الفضيلة والارتزاق من دماء الابرياء ... كيف استولى الحزب على مليارات الدنانير من تفجيرات وزارة العدل.؟

بغداد- العراق اليوم:

يضع المرء يده على رأسه من هول ما يسمع أو يقرأ عن فساد بعض الاحزاب الدينية الحاكمة، تلك التي قفزت للسلطة في غفلة من الزمن، مستغلةً رداء الطائفية تارةً، او رداء المظلومية تارةً أخرى، لتتحول الى امبراطوريات للفساد والخراب والنهب العام، وصولاً لتحولها لغربان تلعق دماء ضحاياها!!

هذه الحقيقة المرة، نكشفُ اليوم سطوراً مخزية منها، عبر هذه المعلومات التي ستنشر عن حزب الفضيلة الذي قفز الى وزارة العدل ممتطيًا صهوة المحاصصة الطائفية ليحولها الى اكبر مورد للنهب العام المنظم، والسرقات الفظيعة، وصولاً الى استغلال الكوارث التي مرت بها هذه الوزارة، وتحويلها الى رصيد مفتوح يستفيد الحزب منه، فحين تعرضت الوزارة الى تفجير ارهابي في العام 2009 في مقرها الكائن في منطقة الصالحية وسط بغداد، اضطرت للتحول الى موقع بديل، وما أن استوزر المالكي في حكومته الثانية الشيخ حسن الشمري، الذي كان يترأس كتلة الفضيلة في مجلس النواب، وزيراً للعدل حتى أحال الرجل اعادة اعمار مقر الوزارة المدمر الى شركة لتنفيذه مجدداً واعادة العمل به. الى هنا تبدو الأمور طبيعية، لكن غير الطبيعي أن نعرف ان العقد الذي احيل بكلفة اكثر من الحقيقية بثلاثة اضعاف، احيل ايضاً الى مقاول يقرب الى الوزير الشمري، حيث أنه أبن عمة الوزير، واستلم المقاولة بمبلغ 18 مليار دينار عراقي ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تعداه الى أن العمل بقي متلكأ طوال سنوات استيزار الشمري، مع صرف مستحقات الشركة أولاً بأول في اجراء عجيب، وحين فتح الوزير الجديد في حكومة العبادي، الدكتور حيدر الزاملي ملف المقر والمقاولة، انكشفت الكارثة امامه، حيث تبين أن الشركة استولت على المقاولة لغاية عام 2016 ، ولم تقم بانجاز العمل طيلة السنوات الماضية مع استلامها المبالغ التامة، ولأن الزاملي وزير مهني ومستقل كما يتأكد ذلك من خلال ادائه الوزاري، وسيرته المهنية الطيبة، فقد بادر كما يقتضي القانون والاجراء الاداري الصحيح الى فتح تحقيق بالموضوع واحالة كل المقصرين ومن ضمنهم الشركة الى هيئة النزاهة، وصولاً للقضاء الذي انصف الوزارة، وارغم الشركة على دفع الغرامات التأخيرية وسحب العمل، ليقوم بتكليف كوادر الوزارة باعادة اعمار المقر وبجهود وطنية خالصة، وأموال قليلة، لكن الأمر لم ينتهِ هنا، فقد ثارت ثائرة الحزب الذي رأى في إجراء الوزير الزاملي ضرباً لواحد من منافذه المالية المفتوحة، ومشاريعه التي يتربح منها، فكانت خطوات الحزب اللاحقة هي ازاحة الوزير "المتمرد" حسب اعرافهم من موقعه في لعبة مكشوفة وواضحة، للأسف ورط بها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، لكن مجلس النواب افشلها في فصولها الأخيرة، بعد ان رفض اقصاء الوزير الزاملي من موقعه. ولنعد لاكمال قصة ارتزاق الحزب من مأسي الناس وجراحهم، بل ومن دمائهم، فقد تعرض مقر وزارة العدل البديل في منطقة العلاوي ايضاً الى عمل ارهابي راح ضحيته اكثر من 30 موظفاً بريئاً قضوا في الأنفجار الذي استهدف طابق الوزارة الثالث، إذ وجد الحزب في هذه المأساة الجديدة باباً أخرى للاستفادة المالية، فبادر الى احالة المقاولة ايضاً الى أحدى شركاته التي يرأسها شخص من الحزب يدعى ابو صادق، وبكلفة فيها مغالاة واضحة في الاسعار، كما اتضح لاحقاً في لجان الكشف القضائية، وأعيدت للأسف نفس القصة، الاموال تصرف، ولا عمل يذكر، وسط فوضى واضحة بسبب تلكؤ العمل، واضطرار الموظفين الى العمل في كرفانات، ولأن الوزير الزاملي ويعود هنا الوزير الزاملي لأداء المسؤولية الوطنية والاخلاقية التي كلف بحملها مهنياً، وشرعياً، فقد بادر بانذار الشركة، رغم ضغوط الحزب الذي يظن ان الوزارة ملكه، وحين لم تجدِ الانذارات نفعاً، ذهب الوزير الى ابعد من ذلك، حين احال العقد للنزاهة والقضاء، وأعيدت الكرة بسحب العمل والتوجه لانجاز المهمة بارادة وطنية، فكانت هذه الضربات موجعة للحزب وحواشيه الفاسدة، والذي وجد أن الزاملي قد تجاوز الخطوط الحمر التي رسمها، فكانت النقمة والغضب ومحاولات الاقصاء واضحة على نهج الحزب الذي بدأ يضرب يميناً وشمالاً، مستخدماً نفوذه المتغلغل في اعماق مؤسسات الدولة لانهاء مسيرة الزاملي الحكومية، والتي انتهت بابعاد الزاملي عن العدل، وحرف مسار الاصلاح الذي بدأ فيه بقوة وايمان بأن الوطن يعلو فوق كل المصالح والانتماءات، ولكن يبدو أن هذا المسار لا يزال يجد من يعرقله كلما اقترب من مصالح تلك الجماعة الفاسدة أو هذا الحزب الذي اتقن مص دماء الناس!

علق هنا