الذكرى 13 لإستشهاد عذراء الصحافة العراقية أطوار بهجت

بغداد- العراق اليوم:

أطوار بهجت رحمة الله عليها صحفية شاعرة ملتزمة لها من الأخلاق ما تجعلها قريبة للجميع، محبة لعملها تكثر من حضور المناسبات الثقافية والأدبية خاصة تغطياتها المستمرة لنشاطات اتحاد الأدباء فكلما حضرنا مناسبة وجدنا أطوار موجودة كشاعرة منتسبة وكمراسلة لقناة العربية تحضر معنا برفقة كادرها التلفزيوني المتكامل ربما لحبها لعملها وكشاعرة أيضا وكانت باعتزاز كبير تطالبنا بمشاهدة تقاريرها الجميلة كلما كانت لديها نشاطات، شاعرة صحفية ومراسلة وأديبة لها ديوان شعري بعنوان «غوايات البنفسج» ورواية وحيدة هي عزاء أبيض

(1976) ولدت  و( 23 فبراير 2006استشهدت)

 ولقد توفي والدها وهي لما تزل في السادسة عشرة من عمرها في مدينة سامراء وتكفلت بمعيشة أمها وأختها الوحيدة إيثار. وعملت بعد تخرجها من الجامعة في صحف ومجلات عدة حتى انتقلت إلى العمل كمذيعة في قناة العراق الفضائية ومقدمة برامج ثقافية، وبعد 2003 عملت لحساب عدة قنوات فضائية حتى استقرت في قناة الجزيرة الفضائية ثم استقالت منها احتجاجا على الإساءة للمرجع الديني الشيعي علي السيستاني في برنامج الاتجاه المعاكس،

 لتنتقل بعدها للعمل في قناة العربية الفضائية قبل الغدر بها بثلاثة أسابيع. ولقد اختطفت واغتيلت مع طاقم العمل أثناء تغطيتها لتفجير ضريح العسكريين في سامراء في صباح يوم الأربعاء 22 فبراير 2006م، على يد مسلحين من قبل جماعات مجهولة.

فقيدة العراق والصحافة العراقية أطوار خريجة قسم اللغة العربية، في كلية الآداب في جامعة بغداد، وتخرجت في عام 1998، وكانت متفتحة على الحياة الثقافية ، وبعد ذلك عملت في مجلة ألف باء وجريدة الجمهورية في الصفحات الثقافية، وفي تحقيقات مجلة " الف باء"، وفي عدد من الصحف اليومية والأسبوعية، التي كانت تصدر ما قبل التغيير.

ربما من الضروري ان نتحدث عن عملية اغتيالها خاصة ان حادثة الاغتيال أخذت صورا وإشكالا شتى، فقد تضاربت الأنباء عن كيفية اغتيالها ولكن الثابت أنه عند ذهابها إلى سامراء لتغطية أحداث تفجير ضريح العسكريين في 22 فبراير 2006 تم اختطافها من قبل جماعات مجهولة، وعثر عليها مقتولة في اليوم التالي .

ولإن عملية الاغتيال التي تعرضت لها اطوار بهجت كانت في ظروف صعبة مر بها العراق فعام 2006 كان عاما متلبدا بأجواء طائفية مشحونة كانت فيها عصابات القاعدة في اوج نشاطاتها وعملاء القاعدة كثيرون وحالات الخطف والقتل اليومية كانت تكتنفها حالات الغموض لهذا كان اغتيال أطوار يحمل الكثير من التكهنات والتصورات فعصابات القتل المجهولة الهوية تعمل بصورة يومية والأجواء الأمنية صعبة خاصة ان أجهزة الأمن الحكومية كلها لا زالت تعاني الضعف بعد ان تم حل وزارة الدفاع وقوى الأمن كلها وكان من الصعب ان تجد جهاز مخابرات قوي لهذا كثرت التكهنات بمعرفة كيفية الاغتيال إلا أن بعض المنافذ ولأهمية الموضوع عملت الأجهزة الأمنية المتوفرة في حينها على البحث والتقصي ومتابعة الجناة وبعض التصريحات التي كانت هنا وهناك أكدت بعض صور الاغتيال وهذه بعض مما تم التوصل إليه في حينها .

أعلنت قيادة عمليات بغداد الثلاثاء 4-8-2009 اعتقال الشخص الذي نفذ قتل مراسلة قناة العربية في العراق اطوار بهجت في شباط / فبراير 2006. 

بعد ان تم تثبيت بعض المعلومات ونتيجة لوضوح الموقف اكد اللواء عطا ان الاعتقال بني على متابعات استخبارية دقيقة، وحول تفاصيل الحادثة قال عطا .. ان غيث العباسي زعيم المجموعة المباشر طلب من ياسر تنفيذ هذه المهمة التي رافقه فيها شقيقه محمود وغزوان والسائق نعمان.

واضاف عطا نقلا عن ياسر الذي قال في اعترافاته :- اوقفنا سيارتهم على الطريق العام بالقرب من سامراء وطلبنا بطاقاتهم وطلبت من المراسلة الترجل من السيارة.

وأضاف «اقتدناهم لمسافة 800 متر ثم توقفنا على جانب الطريق، اطلق محمود وغزوان النار على المصور والمهندس بسلاح البي كي سي وقمت انا بإطلاق النار على اطوار بالرأس والعنق والصدر.

وكانت اطوار بهجت قتلت بعد خطفها مع اثنين من زملائها هما المصور عدنان عبد الله ومهندس الصوت خالد محسن أثناء محاولتهم دخول سامراء بعد تفجير القبة الذهبية للاماميين العسكريين في 2006.

وكانت السلطات العراقية قد أعلنت في يونيو/حزيران عام 2006 أن هيثم السبع، أحد قياديي تنظيم القاعدة في سامراء، هو المسؤول عن مقتل أطوار بهجت.

وكانت اطوار بهجت قتلت بعد خطفها مع اثنين من زملائها هما المصور عدنان عبدالله ومهندس الصوت خالد محسن، اثناء محاولتهم دخول سامراء بعد تفجير القبة الذهبية للامامين العسكريين.

جاسم العايف يتحدث عن اطوار

في الثاني والعشرين من شباط وعلى مشارف مدينة سامراء المقدّسة في محنة العراق المعروفة آنذاك ، سُفح دم الشهيدة الصحفية العراقية (أطوار بهجت) لتكون قرباناً لعذابات شعب وآلام أمّة . الرحمة على روحها في عليين.

من المؤكد أن المصير الفاجع الذي آلت إليه “أطوار” ، ونواح شقيقتها، الذي لا ينسى، وما تعرض له موكب تشييعها الى مثواها الأخير لن يمحى أبدا من الذاكرة بصفته مشهدا واقعيا مأساويا خالصا تختص به (دراما) الحياة العراقية الراهنة، مشهداً لا ينجو منه يومٌ من أيام العراقيين، وهم ينبثقون فيها من ركام سنوات القهر والقمع والدماء والحروب، والخوف، واللاعدالة، والبؤس، والموت المجاني، التي طالتهم وطحنتهم بمرارة وقسوة ، منذ أكثر من ثلاثة عقود..وما يلحقه بهم الإرهاب البشع بكل ألوانه ومسمياته وأرديته والواقفين خلفه والداعمين له والمحرضين عليه..

"على جناح ليلكة"..

هي مجموعة الشاعرة ( أطوار بهجت) تحتوي على إحدى وعشرين قصيدة بضمنها ما اسماها الشاعر الحطاب في نهاية المجموعة بـ (آخر القصائد) حيث عثر عليها مخزونة في حاسوبها الشخصي؛ وعمد إلى نشرها،

الشاعر جواد الحطاب مديرالعربية بغداد قال في حق أطوار

اعترافا بامتدادها في الحياة ، ونكاية بالقتلة..اقول :- اطوار بهجت عذراء الصحافة العراقية خالدة في الظمير والوجدان

تميزت قصائد أطوار في على جناح ليلكة.. بهموم وجودية-عاطفية، حاولت فيها الشاعرة ان تترسم حياتها اليومية الدافقة وروحها العالقة-المعذبة بين الغياب والحضور بثنائيات: الذكر- الأنثى، البوح-الكتمان، الحزن- الفرح، اليأس-الأمل ، الحرمان (العاطفي)- الغنى (اللامحدود)، الحرب – السلام ، الواقع – الممكن، الهدم-البناء، النبل-الغدر…الخ كاشفة في قصائدها القصيرة عن ذاتها ومشاعرها وحبها وعاطفتها، علنا ، وقلقها وحنقها وحزنها وفرحها ويأسها بإخلاص وجرأة نادرتين :

لا، لن اسكت..

أنوي أن أزرع هذا الأفق صراخا..

أحبك

يــا…”

“أتبرأ من سنوات ست

وليالي شوق بالآلاف

أتبرأ من قلب

لا أعرف مم يخاف

أتبرأ..

أتبرأ..

أتبرأ..

لكن من سيعمد قصائدي حين تتركني!؟

وتجهر -:

“إني أحبك..

هل أخشى العالم

حسبي أني امرأة قُدت من حب .

وتثق في أن الاتجاهات أربعة وتستثمر ذلك في حبيبها:

"انت شرقا .. أنت غربا.. أنت جنوبا.. وشمالا أنت”.. والشاعرة تتعامل بعفوية مع كلماتها وصورها التي تعبر عن عواطفها الذاتية المغلفة بأحزانها الأنثوية التي تكابدها تجاه (آخر) تراه دائما غائباً- حاضراً في :-

“..نهارات لن تجيء.. وحروف لن يسمعها (!!) ودروب لن يقطعها .. مع ان ثمة أياماً “أدمنته فيها”.. موجهة له “الشكر” لأنه-:

فتح بوابة قلبها”

لكنها تريد منه:

“قبل أن يرحل عليه ان يغلقها..”

مع انها كلما أضاعت روحها وجدتها عنده حيث تنعكس هذه الثنائية عليها هي ايضا-:

“أدرك أن لا احد يسمع مني

سواي أنا..”

“كلما كتبتك

تلطخت أصابعي بدم الورق..

كلما دمعت عينا حروفي..

ذروت فيهما

رماد هجرك..”

وعند اقتراب يأسها وإحساسها المتزايد به تعلن:

“ما الذي يجبرني اذن

على (اقتراف) الحياة

سواي أنا..”

ويستمر الحطاب في حديثه عن الشهيدة بالقول

ان الشاعرة تعتمد في قصائدها على تقديم صورها الشعرية بنوع من الكشف العلني والمفارقة (العاطفية) دون مواربة مع إحساس متعاظم بخذلان (وجدانها) من (الآخر) الذي لا ترغب في إخفاء ملامحه الخاصة وتقدم عنه صورة مناسبة ليبدو اكثر وضوحا في الأقل بالنسبة لها ولنا ايضا .. ونتلمس في قصائدها “إيجازا” لكنه إيجاز مبعثه عدم القدرة في التواصل لخلق عالم قائم بذاته داخل القصيدة الواحدة ، وبالرغم قصرها تريد الشاعرة ان تقول فيها كل ما تريده بعجالة و تنفض يدها منها بسرعة مع احتفاظها بحنينها العفوي التلقائي دون الاهتمام بـ” التنظيم الفني” للقصيدة، وهذا عائد، كما اعتقد، إلى محاولة قول كل شيء في قصائد قصيرة موجزة ومحاولة اعتماد الومضة- المفارقة:

” هدمت بنيانك في روحي

وعلى أنقاضك بنيت آخر

…..

حين استوى البنيان

وجدته أنت”

…..

“كلما أضعت روحي

وجدتها عندك

اليوم-:

أضعت روحي وأضعتك”

صدرت المجموعة عن مؤسسة “اطوار بهجت” ومقرها في البصرة والتي كما جاء في الصفحة الاخيرة من الكتاب أنها أسست بعد استشهادها في سامراء بتاريخ 22 فبراير 2006 – سامراء ذاتها التي ولدت فيها “اطوار” عام 1976- كما تذكر المؤسسة إنها تسعى إلى التعبير عن تطلعات من شأنها أن تسهم بدور اعلامي- ثقافي وإشاعة الرؤى والأفكار الوطنية-العراقية لبناء إعلام حر مستقل ورصد ومراقبة أي خرق وانتهاك لمبادئ حرية التعبير عن الرأي والحقوق الانسانية في العراق ومساندة الصحافيين والإعلاميين العراقيين، والدفاع عن الذين تقيد أو تنتهك حرياتهم ، والسعي من اجل برنامج إجتماعي لحماية الصحفيين في العراق مع ضمان حقوقهم.

:تقول أطوار ..

عندما تفقد المرأة حبيباً تكتب قصيدة، وحين تفقد وطناً تكتب رواية.. ترى أي كتابة ستلخصني اليوم وقد رزقت بالفجيعتين معاً؟ أنا التي خسرت كل شيء، فغني بذكري يا بلادي –

كأنّ أطوار بهجت السامرائي قد لخصت بكتابتها هذه حياتها الفاجعة بكاملها؛ فنشرت مجموعتين شعريتين (غوايات البنفسج – على جناح ليلكة) ونشرت رواية يتيمة هي (عزاء أبيض.)

وبين الحب والحرب وقفت مراسلة العربية على مشارف المدينة التي تنتمي إليها (سامراء) في محاولة أخيرة لنقل صورة بيضاء عن المدينة التي ارتدت الدم والرماد بعد حادثة تفجير (الإمامين العسكريين)، لكنّ القتلة كمنوا للحقيقة في جسدها فأردوها قتيلة وليتردد خبر مقتلها عبر كل وكالات الأنباء العالمية.

نعت قناة العربية مراسلتها أطوار بهجت -30 عاما- والمصور خالد محمود الفلاحي -39 عاما- ومهندس البث عدنان خير الله -36 عاما- معتبرة أنها تدفع مرة أخرى ضريبة السعي وراء الحقيقة.

فيما اعتبر مرصد الحريات الصحافية قتل أطوار مرحلة تحول في نوع الاستهداف ضد الصحافيين العراقيين وأن مقتلها يمثل فاجعة غير مسبوقة بسبب الطريقة التي قتلت فيها، برغم أنها كانت تقوم بتغطية صحافية محايدة، وقد شكلت الحادثة تلك تحولا في طريقة الاستهداف ونوعه وطبيعة تأثيره السلبي على وجود الصحافيين ووسائل الإعلام في العراق .

وفي آخر ظهور على نشرة أخبار السابعة بتوقيت دبي، اختتمت أطوار كلامها بقولها «رسالة يبدو العراقيون أحوج ما يكونون إلى تذكرها، سنياً كنت أو شيعياً، عربياً أو كردياً لا فرق بين عراقي وعراقي إلا بالخوف على هذا البلد، من على مشارف مدينة سامراء العراقية.. أطوار بهجت – قناة العربية.

  ولينقطع البث بعدها مرة واحدة وإلى الأبد.

وهكذا انطفأت جذوة أطوار بهجت بعد أن أرادت أن تبكي على صدرالعراق لكن العراق هو من بكى على ذكرى (عذراء الصحافة ) فنامت قريرة العين مهضومة الخاطر .

علق هنا