الشاعر احمد عبد السادة يسقط تبريرات الفنانين والمثقفين الذاهبين الى السعودية في سيرك ال MBC عراق

بغداد- العراق اليوم:

الذاهبون للسعودية وتبرير العمل مع الوحـوش!!

أحمد عبد السادة

بعد موجة ردود الأفعال ضد زيارة بعض الفنانين العراقيين إلى السعودية الداعمة للإرهــــاب والمعتدية على شعب اليمن والمعادية للعراق وجيشه وحشده الشعبي - حسب منطوق إعلامها الرسمي نفسه -، بدأ هؤلاء الفنانون وداعموهم ومؤيدوهم بحملة تبرير لهذه الزيارة ولعمل بعضهم في قناة "mbcالعراق" السعودية، ولا شك أن تبريرهم هذا ينطلق من فكرة أن الفنان العراقي مهمل ومسكين ولم تحتويه الدولة ولم تدعمه ولم توفر له العمل المناسب والوضع الذي يليق به، وبالتالي فإن هذا الأمر يتيح له أن يعمل مع أي جهة يمكن أن تمنحه المال!!، حتى لو كانت هذه الجهة معادية لبلده ومسيئة له وداعمة للإرهـــاب فيه، وحتى لو كانت تقوم بشن حرب ظالمـــة على شعب أعزل كالشعب اليمني وتستمر بتجويع أطفاله، وحتى لو كانت تنتهك حقوق الإنسان بشكل منظم وتتعامل مع منتقديها بالمنشـــار الكهربائي!!.

في الحقيقة أن هذا التبرير يسهم في تجريد الفنان والمثقف من المبادئ والثوابت والمواقف الأخلاقية والإنسانية الكبيرة، ويسهم في تحويل الفنان إلى "حصالة" أو "خزينة" تريد أن تمتلئ بالمال بأية وسيلة بحجة العوز والفاقة بدون أدنى اعتبار للثوابت الوطنية والإنسانية والأخلاقية، علماً أن أغلب الفنانين الذين ذهبوا للسعودية لا يعانون العوز إطلاقاً بل أن وضعهم المالي ممتاز جداً ويكادون لا يتنفسون من كثرة انشغالهم بمشاريعهم وأعمالهم الفنية، ولكنهم في الحقيقة يعانون من "فقر دم" في الضمير، ويعانون من "جفاف" في المبادئ، ولا يملكون نفوساً كبيرة تتيح لهم اتخاذ مواقف أخلاقية مشرفة كموقف الشاعر الكبير أدونيس الذي رفض زيارة العراق في زمن الدكتاتـــور صدام، وكموقف الفنان الملتزم فؤاد سالم الذي رفض الغناء لصدام رغم الملاحقات والمضايقات وكموقف العديد من الأدباء العراقيين الذين غادروا العراق أو الذين بقوا داخل العراق ودفعوا الأثمان لكي لا يصبحوا ضمن جوقة المدح والردح البعثية.

تبرير هؤلاء الفنانين ومؤيديهم خطير جداً، وخطورته تكمن في صناعة أرضية خصبة للارتزاق وبيع الضمائر من خلال الاعتراف والاستسلام بأن "كل شيء" يمكن أن يباع ويشترى بالمال، بما في ذلك روح الفنان وكرامته وضميره وصوته وفنه، الأمر الذي يدعونا لطرح التساؤل التالي:

إذا كان المال هو المعيار الوحيد للفنان فمن الذي سيمنع هذا الفنان مستقبلاً من العمل مع إسرائيل أو داعـــــش مثلاً إذا قدمت له إسرائيل أو داعـــــش عرضاً مالياً سخياً؟!!.

إن الذي يبرر عمل الفنان العراقي مع دولة "عــدوة" للعراق كالسعودية ومع مجـــرم دمــوي كمحمد بن سلمان بذريعة الفاقة والعوز، فإنه سيبرر بالتأكيد غناء هذا المطرب أو مديح ذاك الشاعر سابقاً لدكتاتـــور متوحــش كصدام حسين بذريعة الفاقة والعوز أيضاً، وقد يصل به الحال - ضمن هذه الرؤية - إلى تبرير عمل الفنان حتى مع إسرائيل أو التنظيمات التكفيريـــة والإرهابيـــة كداعـــــش!!، فالفنان جائع حسب رؤيتهم ولا بد أن يأكل حتى لو اضطر لتناول الطعام من صحون الوحـــوش!!.

حسب هذه الرؤية الخطيرة سيتحول الفنان إلى "مسخ"، وسيختفي أي أثر للقيم والمبادئ والضمير، وسيصبح من الطبيعي جداً أن ينام الفنان الرقيق أو الشاعر الحساس في سرير واحد مع وحـــش كصدام أو مع جـــزار كمحمد بن سلمان أو مع قاتـــل كنتنياهو أو مع سفـــاح وذبــــاح كأبو بكر البغدادي من دون أن يشعر بوخز الضمير ومن دون أن تزور نومه الكوابيس!!!.

علق هنا