150 ألف متخرج جامعي سنوياً، والموازنة تخلو من فرصة لتعيينهم، بينما المسؤولون يعينون اقاربهم، ومرجل الغضب يغلي

بغداد- العراق اليوم:

الكاتب والمحلل السياسي محمود الهاشمي

خلت موازنة ٢٠١٩م من توفير فرص عمل للعاطلين  ،خاصة بالنسبة للخريجين من الجامعات ،حيث باتت تزدحم بهم المنازل وهم في حال لايحسدون عليه ،بعد ان حلموا كثيرا ،ان يحصلوا على فرصة لتطبيق ماكانوا قد تعلّموه اولا وللمشاركة في خدمة وطنهم .

التقارير تقول ان معدل عدد الذين يتخرجون من الجامعات سنويا يصل الى (١٥٠)الف متخرج في مختلف العلوم والاختصاصات سواء العلمية او  الانسانية ومن الجامعات الحكومية والأهلية ، وان هؤلاء بازدياد مطرد ،بعد ان تكون الأسر العراقية قد انتزعت من جلدها ولقمة عيشها لدفع اجور الجامعات !!

واذا كان الذكور قد اضطروا للعمل في ابسط المهن ،من الحمالة في الاسواق الى (الجنابر) فإن الإناث مكثن في بيوتهن ولازمن (الموبايل) او قدور الطبخ والمكنسة ،كفسحة للحرية وانتظرنَ قدرا مجهولا لخطيب قد يأتي ولايأتي ، فيما يعيش الوالدان حزنا على جهود واموال بذلت دون جدوى وهم يتوسلون بالقريب والبعيد لاقل الفرص من العمل وبالاقل من الاجور !!

بعض المنازل وصل عدد الخريجين فيها أربعة ،واذا كانت الجامعات قبل التخرج تسمح لهم بالحرية والحياة فإنهم الان أشبه بالمعتقلين في بيوت تضيق مساحاتها كل يوم !!

العمل لايعني فقط ،الاجور والرواتب إنما الشعور لدى الانسان بالحيوية والانتماء الى الحياة والحركة والنشاط والمشاركة في بناء الوطن ،ناهيك عن العلاقات الاجتماعية واهميتها .

ان حرمان الانسان من فرصة العمل تجعل منه إنسانا سلبيا ،وتدفع به آلى فقدان الثقة بالانتماء الى المجتمع والوطن ،فكم هو محزن ان يرى الاخرين في حركة ونشاط لممارسة أعمالهم صباحا فيما هو فاقد لمعنى الوقت ومعنى ان يعمل .

مشهد المتقدمين الى طلب التعيين في مديريات التربية سواء بصفة معلمين او مدرسين او كتاب يثير الالم  كثيرا،حيث تزدحم مراكز استلام التعيينات بالالاف من الشباب ذكورا وإناثا من حملة الشهادات ،ومنهم من يواصل التقديم منذ  سبع سنوات او اكثر دون جدوى ،فيما تنتشر الدعايات عن مبالغ تدفع هنا وهناك  

لاشك ان انتشار الجامعات الأهلية بهذا العدد الكبير دون دراسة وتخطيط ،يمثل فوضى بعينها ،فالمعلوم ان البلدان المتقدمة لديها خطط خمسية وعشرية وصولاً الى مائة عام ،يتم فيها الحساب الدقيق لعدد المتخرجين بما تقتضيه الحاجة في المشاريع والمؤسسات وغيرها ،كي تكون فرصة العمل جاهزة ويكون المتخرج مشاركا في الخطط المعدة . واذا كان البرنامج الحكومي الذي تلاه رئيس الوزراء قد ازدحم بالمصطلحات والمشاريع فهي مجرد وهم حيث أستلبت الميزانية التشغيلية ٨٠٪‏ منها والباقي تنتظره الديون الخارجية ،فيما تصطرع الأحزاب على مغانم الوزارات ولو اطلعتَ على حواراتهم بهذا الشأن لوليت مدبرا !!

ان هذا العدد الكبير من الجامعات دون تخطيط شكّلَ ظاهرة عامة ،وتحول الى ثقل سياسي واجتماعي ،فسياسيا باتوا هم المرشح الاكبر لأي مشروع احتجاج ،واجتماعيا باتوا الأكثر ترشحا للعقد الاجتماعية  والانفجارات  النفسية ،فأعمارهم من العشرين الى الثلاثين)هي إعمار العمل والزواج والاستقرار وليس إعمار البطالة والانكسار .

نأسف ان عددا غفيرا منهم باتوا ينفقون أوقاتهم في المقاهي وليس في ميادين العمل ،فنسوا المعارف التي تلقوها ،ونأسف ان الكثير منهم راحوا اما ان يعملوا كسواق لسيارات الأجرة  او يقدموا الأطعمة في المطاعم وووالخ

بالامس تم عقد قران لشاب  وشابة عاطلين عن العمل ،ترى من اين سينفق الزوج على (العش الذهبي )وقد فرض البنك الدولي على الحكومة العراقية تقليص عدد موظفي الدولة

وإيقاف فرص العمل حتى عام ٢٠٢٢

والحبل على الجرار !!؟ في ذات الوقت  فان فشل الاستثمار وشيوع الفساد منع من إقامة المشاريع للقطاع الخاص ،وأضاع فرص العمل ايضا !!

لقد وصل بمجلس النواب انه لم يستطع ان يعالج المعلمين والمدرسين (المتطوعين) بلا راتب رغم انهم يقومون بمهمتهم وواجباتهم بالمدارس على افضل مايكون وفقا لبيانات وزارة التربية ،ومازالوا بانتظار (گودو)!!

بشكل عام يبدو ان طبقة السياسيين اكتفوا بتعيين (ذويهم) بافضل المناصب والمواقع الحكومية وضمنوا مستقبلهم وادخروا لهم من الأموال ومن الذهب والفضة مايكفي لقرون ومن مال (!!!!!!!). ونسوا ان إهمال الشباب بهذا الشكل وتجاوز طاقاتهم

سيتحول الى سيل جارف من الاحتجاج اقل مافيه انه سيجعل الذين (أهملوه )يتقيّؤون ماكانوا التهموه من مال (سحت)،كما ان (خصومكم)سيجدون فيهم مشروعا

مفتوحا على كل الاتجاهات .

علق هنا