قصة "رهبان نينوى" مع "داعش": المخطوطات النادرة أهم من الحياة

بغداد- العراق اليوم:

يدعو كينيث تيمرمان، مؤلف كتاب “بداية داعش: رواية عن الحرب العراقية”، القوات الأميركية في العراق لحماية المسيحين من الانقراض، بعدما هاجر كثيرون منهم إثر اجتياح تنظيم داعش، مساحات شاسعة من البلاد، صيف العام 2014.

وعندما اقتحم عناصر داعش دير “الأب عفران” في نينوى، في حزيران 2014 حاملين معهم بنادقهم وسكاكينهم، سارع وأخوته لحماية ممتلكاتهم.

مخطوطات

يقول تيمرمان، في مقال واسع عن هذه القصة، إن تلك الأشياء الثمينة، لم تكن قطعاً ذهبية ولا تحفاً، بل بعضاً من أقدم المخطوطات في العالم المسيحي. ولمدة شهرين، أسر الإرهابيون أولئك الرهبان، وناقشوا علناً ما إذا كانوا سيقتلونهم، أم لا، لرفضهم التخلي عن ديانتهم. لكن الأب عفران كان أكثر حرصاً على إنقاذ نصوص مسيحية قديمة من حرصه على نفسه.

وفي وقت ما، استطاع برفقة بعض من إخوته الهروب إلى قرية مجاورة، تحت جنح الظلام، حاملاً تحت عباءته أثمن المخطوطات القديمة. ولكن داعش اعتقله عند نقطة تفتيش، وأعاده إلى الدير. وهناك وضع خطة جريئة.

إنقاذ تراث ثمين

وقال الأب عفران: “بنينا، تحت سمعهم وبصرهم، جداراً وهمياً داخل غرفة صغيرة خالية من نوافذ، وملأنا براميل بكتب يعود تاريخ بعضها إلى القرن الرابع الميلادي. وقد استطعنا إنقاذ 750 كتاباً ومخطوطاً قديماً”.

وأطلق داعش سراح الرهبان في 20 تموز، 2014، وبقي التنظيم في الدير لمدة عامين دون العثور على المخطوطات. ولكن كلما كان المقاتلون يجدون أيقونة مسيحية أو صليباً أو قبراً، كانوا يحطمونه أو يشوّهونه، وشمل ذلك ضريح القديس بينهام وساراه، وهما شهيدان عاشا قبل أكثر من 1600 سنة.

انتقادات

وبعد 15 عاماً، لم يعد معظم الأميركيين مهتمين ببذل جهد لإحلال السلام والاستقرار في العراق. وكرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقاده لدخول الرئيس الأسبق جورج بوش في حرب العراق، عام 2003، واصفاً الحرب بأنها “أسوأ قرار اتخذه بوش”.

ومع ذلك، للولايات المتحدة مصالح طويلة الأمد في العراق، إلى جانب إخلاء المنطقة من أسلحة دمار شامل، وفي مقدمها قضية أهملت حتى تاريخه، وهي ضمان وجود الأقلية المسيحية في العراق، والمسيحيين في الشرق عموماً، بحسب كاتب المقال.

ويقول كاتب المقال إن المسيحية في العراق، ظلت أديرتها وكنائسها القديمة سليمة، إلى حد كبير، قبل وصول داعش. ويضيف، “اليوم هناك في العراق حوالي 150 ألف مسيحي، يقيم معظمهم في شمال العراق، ويمثلون أقل من 10٪ من أبناء طائفة عاشوا بسلام حتى عام 2003. ولكن مذذاك، صار كل يوم جديد يقرب المسيحيين من خطر الانقراض في العراق”.

أسوأ وضع

وقبل أيام، وصف كبير أساقفة كانتربري التهديدات اليومية بقتل مسيحيين بأنه أسوأ وضع منذ الغزوات المغولية للمنطقة في القرن الثالث عشر، وفقا لكاتب المقال، الذي يقول إن القس جوستين ويلبي، كتب في صحيفة “صاندي تيلغراف” البريطانية، قائلا “رحل عدد كبير من مسيحيي الشرق بعدما أجبر مئات الآلاف على ترك بيوتهم. كما قتل عدد كبير منهم، واستعبد واضطهد آخرون. وحتى من بقي منهم باتوا يتساءلون عن سبب بقائهم”.

علق هنا