هل ثمة تباطؤ في تحرير الموصل؟

بينما يواصل الجيش وسائر القوات المسلحة الأخرى بمختلف صنوفها، تحقيق الانتصارات الظافرة تلو الانتصارات والتي يستقبلها سكان المناطق المحررة بالترحيب الحار وبهلاهل وزغاريد الموصليات وفرح الاطفال العائدين الى مدارسهم، بينما يحصل ذلك، فإن الجدل والاسئلة التشكيكية لبعض الإعلام وبعض السياسيين يتواصلان حول اسباب تباطؤ معركة تحرير الموصل وحول من يحدد تواريخ بدء ونهاية المعركة،

 ومنها مثلاً اعتبار البعض بسذاجة، ان بدء معركة الموصل في 17 تشرين الثاني الماضي إنما تمت بإملاءات اميركية على القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء كيما يوظف النصر فيها لمصلحة الحزب الديمقراطي الاميركي ومرشحته هيلاري كلنتون، متجاهلاً تأكيدات العبادي نفسه منذ بداية العام بأن التاريخ التقريبي لبدء المعركة سيكون في ايلول او تشرين الاول، وهذا ما حصل، ومثلما يعتبر هذا البعض الان ايضاً ان الوصول المفاجئ لوزير الدفاع الاميركي كارتر الى العراق إنما جاء لحث او الاملاء على الحكومة العراقية للاسراع بتحرير الموصل كي يوظف ذلك لمصلحة الحزب الديمقراطي وقبل مغادرة أوباما البيت البيضاوي واستلام ترامب الرئاسة رسمياً في 20 كانون الثاني القادم!.

لقد أوضح العبادي القائد العام للقوات المسلحة والمعنى الاول بتوقيتات المعركة ووقائعها في تصريح له أمس الاول، حقيقة التباطؤ في المعركة الدائرة الآن لتحرير الموصل بالقول: نحن لا زلنا ضمن الجدول الزمني، بل نحن أسرع من التوقيتات التي وضعت لهذا الجدول ونسير بشكل سليم بمعركة نظيفة ويستقبل المواطنون قواتنا بالفرح والترحيب بجهودهم وتضحياتهم من اجل تحريرهم من قبضة داعش الارهابي، لكن، ورغم هذا الكلام التفاؤلي المشروع لشحذ همم المقاتلين والرأي العام الذي يتابع ويراقب مجريات المعركة ومسارها، الا ان ذلك لا يعني انعدام المصاعب والعراقيل والمتغيرات غير المتوقعة التي يمكن ان تظهر في مسار المعركة. ذلك ان ما هو معروف، بأنه يمكن تحديد ساعة الصفر لبدء الحرب لكن لا يمكن التنبؤ بتحديد دقيق لساعة توقفها التي قد تختلف تقديراتها قليلاً.

لذلك يمكن القول، او الأفتراض بأن هذا التباطؤ النسبي الحاصل انما يعود لثلاثة اسباب، الاول: هو تمسك المواطنين ببقائهم في منازلهم واماكنهم دون النزوح، الامر الذي أبقى نحو 90 بالمئة من سكان مدينة الموصل في داخلها قبل بدء المعركة وخلالها، والذين يبلغ تعدادهم نحو مليون ونصف المليون نسمة، انما اعاق تقدم قواتنا واقتحامها السريع للمدينة حرصاً على حياة وارواح المواطنين وهو الامر الذي يؤكد عليه باستمرار القائد العام وسائر القيادات الميدانية. 

لقد كانت تقديرات الجهات الدولية المعنية بشؤون النازحين ان اكثر من مليون نازح سيغادرون المدينة لتبقى شبه خالية، كما ان التقديرات الحكومية العراقية ووزارة الهجرة والمهجرين ومجلس محافظة نينوى كانوا يميلون الى هذه التقديرات، الأمر الذي دفع القيادات العسكرية والسياسية – كما يبدو – الى الاعتقاد. ان خلو المدينة من الاهالي سيمكن القوات العراقية من تحطيم خطوطها الدفاعية بسرعة ثم اقتحام المدينة بصعوبة أقل مما لو كانت فيها كثافة بشرية.. وهذا ما دفع القيادة الى الإعلان عن تغيير الخطط الموضوعة بخطط جديدة اكثر ملائمة للوضع الميداني. 

اما السبب الثاني، فيتمثل بشراسة المقاومة التي يبديها مقاتلو تنظيم داعش تمسكاً واهياً بمقر الخلافة الخرافية لأبي بكر البغدادي الهارب منها أصلاً، هذا اضافة الى محاصرة هؤلاء المقاتلين داخل المدينة بعد ان تمت السيطرة على طرق امدادهم او هربهم من الحدود السورية بقوات الجيش والشرطة ومتطوعي الحشد الشعبي والعشائري في المحور الغربي من

 المدينة.

اما السبب الثالث للتباطؤ النسبي لسير المعركة وتأجيل اقتحام وسط المدينة فيتمثل، وكما يشير اليه خبراء عسكريون وستراتيجيون عراقيون واجانب، بعدم الاستفادة القصوى من قوات التحالف الدولي والمطالبة بدعم اكبر باسناد قوات متجحفلة منها واسناد استخباراتي اوسع، وذلك، حسب رؤيتهم، بسبب التضييق على حرية القائد العام رئيس الوزراء باتخاذ مثل هكذا قرار في ظل الاتهمات والتشكيك المستمر وغير الواقعي بجهود ودعم ومساندة هذه القوات لقواتنا جوياً ولوجستياً واستخبارياً رغم تأكيد القائد العام والقادة الميدانيون باستمرار على فاعليتها وأهميتها في مساندة قواتنا لتحقيق الانتصارات. 

اخيراً، يمكن اعادة التساؤل: هل ثمة تباطؤ في مسار معركة تحرير الموصل؟ نعم يمكن القول ان تباطؤا نسبياً مشروعاً قد حصل للأسباب التي ذكرت، لكنه كما يبدو للجميع يوجد تباطؤ نسبي مؤقت، حيث تستعد قواتنا وبمساندة ودعم قوات التحالف الدولي لاقتحام المدينة وتحريرها خلال الفترة

 القادمة.

علق هنا