ياس خضر … رحلة نحو المگير للبحث عن البنفسج !

بغداد- العراق اليوم:

بغداد-  العراق اليوم:

يا طعم … يا ليلة من ليل البنفسج

يا حلم … يا مامش بمامش

طبع گلبي من اطباعك ذهب

ترخص واغليك واحبك

انا متعود عليك هواي …

يا سولة سكتي

 تحيلنا هذه الكلمات الى عقد السبعينات الذهبي، عصر التفتح العراقي بكل ما للكلمة من ابعاد، انه عصر الذروة الذي تكللت فيه أغلب مخاضات التحديث ووصلت لحالتها القصوى، هذا العقد الفريد فعلًا كان يتأهب لولادات كبرى ستغير والى الابد شكل الحياة في العراق، سيتغير الايقاع تمامًا وستنحو مفاصل الحياة نحو طرق جديدة لم تألفها، ثمة يسار ناهض يستثمر حينها بذور الوعي المبكر التي بذرها في الارض، وهنا وكي لا نبتعد عن اصل البدء، فهذه الكلمات اعلاه من وجدان شاعر عملاق يساري الهوى والهوية اسمه مظفر النواب، وثمة ملحن جنوبي اخذته نشوة الالحان المصرية الصاعدة انذاك كي يكتب نوتاته الموسيقية المطولة، انه طالب القره غولي، وفي هذه الاثناء ثمة صوت في مطلع عقده الرابع يدعى ياس خضر، يتفجر ابداعًا وهو يؤدي كلمات النواب التي تحمل الكثير من الشوق والمشاعر لحبيبة ما، لكنها كما يقول العارفون باسرار النواب لم تكن حبيبة انما (كانت) حزبه العريق الحزب الشيوعي العراقي المناضل.

تظهر هذه الاغنية من خلال متنفذ البث انذاك فتقلب الدنيا والموازين معاً، مطولةً كهذه تجهز على ما تبقى من اعراف الاغنية القديمة المتسمة بالخفة وسذاجة النص.

الثلاثي ياس مظفر وطالب القر غلي

 يواصلون هذه العطاءات المدهشة، لكن قبل هذا من هو ياس خضر؟

بدأ ياس خضر مشواره الفني عند منتصف الستينيات، جاء من النجف الأشرف من اسرة ال القزويني المعروفة، وكان ياس يقرأ القرأن بصوته القوي الرخيم، لكن هذا الفتى ذو الصوت المميز والخاص سيطبع فيما بعد علامة فارقة في فضاء الاغنية العراقية، فيلتقيه الملحن المليء بقدر ابداعه حزنًا محمد جواد اموري ليلحن له اغنية الهدل، التي تبث من اذاعة القوات المسلحة انذاك فتقلب الدنيا،  ثم يتلوها باغنية ابو زرگة، ثم يتلقفه كمال السيد بكلمات زامل سعيد فتاح لينتج هذا الفريق الشبابي  اغنية المگير، وتلك علامة فارقة في مسيرة ياس الفنية، ثم يتوالى النتاج  الغنائي المبهر، ليردفها ايضا باغنية ( مرينا بيكم حمد)، وهي من روائع النواب ومن عطاءات طالب القره غولي، ويتبعها باغنية (اعزاز) ايضا وهي من روائعه الخالدة، حيث كانت من كلمات زامل سعيد فتاح.

ولان ياس الشاب انذاك لا تحده رغبة ولا توقف نهمه نجاحات تترى يبحث عن تعاون جديد فينتج مع الملحن نامق اديب أغنية (تايبين)،   وهذه ايضاً حصدت من الشهرة ما ملأ الآفاق واطار الالباب،  وقبلها كان قد غنى (ولو تزعل) التي لا تقل شهرةً عن اخواتها.

ويواصل ياس خضر عطاءاته التي لا تنضب، فيعود الى طالب والحانه التي نضجت اكثر فينتج هذا الثنائي ايقونات فنية خالدة كاغنية (چذاب) واغنية (حن وانه حن)، وغيرها.

في رصيد ياس خضر قاطع التذاكر في ابو صخير في النجف حيث ولد هناك، مئات الاغان التي قطعت تذاكر الشهرة وحلقت في الافاق مثل مجروحين ولا يولدي واه ياليل وعلى مودك وشيصير  ويا حسافة ودوريتك وعلى شط الفرات ووداعا يا حزن ومسافرين وغيرها العشرات من الايقونات الفنية.

ياس خضر كوكب اخر من كواكب العطاء العراقي الذي بدأ نجمه في سبيعينات القرن الماضي ولم ولن ينطفئ ما دامت الذاكرة العراقية حية تحفظ كل ما هو جميل، ينتمي لفن راق اسمه فن الحياة.

علق هنا