من باكو الى البصرة... السفير فاضل الشويلي يتضامن مع فقراء جنوبه المظلوم، ويؤكد عراقيته الناصعة

بغداد- العراق اليوم:

لم تمنعهُ المسافة الشاسعة التي تفصل ببن (باكو) والبصرة، ولا مشاغل التمثيل الدبلوماسي وهموم العمل ويومياته المتعددة في بلد أصبح اليوم قبلةً تعليمية ودراسية للعراقيين، فضلاً عن كون السفارة العراقية محورية جداً في بناء علاقات العراق الدبلوماسية مع دول شرق اسيا النامية بقوة، لم يمنع كل هذا الدكتور فاضل الشويلي سفير العراق هناك، من التماس الروحي مع هموم وطنه الذي يريد الانعتاق من ربقة الفساد والتسلط والفشل، فهذا الرجل العصامي البغدادي المولد، والجنوبي الطعم والنكهة، والعراقي النشأة والتربية والقيم، أبى أن تمر البصرة بمحنة مثل التي تمر بها دون أن يترك في هذه اللوحة بصمة تضامن وطني عراقي فريد، فكان هذا الرجل الأصيل من أوائل المسؤولين العراقيين الذين تبرعوا بمرتباتهم واستحقاقهم المعاشي لبناء محطة تحلية للمياه في البصرة التي تكابد الظمأ، فيما تختزن بطنها الخصبة كل كنوز الأرض التي وهبتها السماء.

الدكتور الشويلي الذي يحمل العراق وطناً وأسماً ومسؤوليةً لم يتردد أبداً في أن يمنح البصرة جزءًا من وفائه لها، كيف لا وهو يحمل العراق كله في مقلتيه، فيطوي الليل بالنهار  ممثلاً له، وحافظاً لإسمه من أقصى الى أقصاه، ليهب كما هب اخوته في العراق في الداخل لنجدة اهله في البصرة، دون أن يفكر أن ما بتبرع به هو  مورد لا غيره، للقمة عيش اطفاله، لكنه يعي بحسه الوطني والإنساني ان ضريبة التخلي عن الاهل أشد ايلاماً ووجعاً على ضميره من عوز اطفاله، إذ كيف ينام عراقي شريف ليله هانئاً وهناك أخ عراقي في اقصى الجنوب يتلوى مسموماً بماء آسن لم تنجح مليارات البترول أن تنقذه من هذا الحال، ولأن الغيرة العراقية سمة مشتركة، وعلامة فارقة فأن ابن مدينة الثورة، اهتزت جوانحه من هناك على البعد فلبى نداء الأنسانية والوطنية مسجلاً مأثرة من مآثر العراقي في وطنه وغربته.

العراقيون الذين يصفهم من يعرفهم بأنهم مثال لقول المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم) "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، فكان جسد الشويلي كما روحه تتألم لآلام البصرة واوجاعها. يقيناً لايمكن أن تكون مبادرة الشويلي المالية كافيةً لسد آلم البصرة والقضاء على اوجاعها، فهو لايملك سوى مرتب وظيفي محدود هو استحقاق من الدولة، وله وعليه مسؤوليات والتزامات كما سائر خلق الله، لكن هذه المبادرة تكشف عن أمرين لابد من الاشارة لهما بهذه العجالة، الأول : أن مثل هذا التحسس الوطني وهذه الروح أنما تدل بقوة على أن ثمة طيفاً واسعاً من شعبنا متراحم ومتواصل ومتضامن مهما ادلهمت الأيام ومهما طالت المحن، ولذا فأن هذا الطيف يعبر عن نفسه بكل الأساليب والطرق المتاحة أمامه، هذا الطيف لا من عامة الناس فحسب، بل من مسؤولين وسفراء واطباء ومهندسين وشعراء وصحافيين ونخب وغيرهم، وما الشويلي الا دليل جلي على ما نقول، مع العلم وللأمانة أن الرجل لم يعلن عن مبادرته هذه ابداً، لكننا نبحث هنا عن كل التماعة عراقية لنشيد بها، ونعرف شعبنا أن ثمة جانباً إيجابياً تهمله وسائل الاعلام الصفراء الباحثة عن كل ما يخرب ويهد ولا يبني.

الامر الثاني : أن في مبادرة الشويلي وهو ابن عائلة عراقية بسيطة طيبة، لكنها كبيرة بمعاني الوطنية والنبل والتضحية، كيف لا وهي أسرة انجبت من النجباء من ستبقى اسماؤهم نبراساً للروعة والنقاء، لا سيما فقيدنا العزيز الراحل، الزميل الصحفي سمير الشويلي مؤسس جريدة كل الاخبار وصاحب امتيازها، ومن بعده الزميل العصامي الشجاع عقيل الشويلي، فهذه الأسرة تكشف أن ابناء عوائلنا البسيطة هم معدن لا تمتلكه اغنى بنوك العالم المركزية نعم فهو  معدن الوفاء والشرف والعصامية.

وفيما يسرق بعض مسؤولي البصرة قوت البصريين ومائهم، يهب هولاء الشرفاء من أقصى الأرض لنجدة اخوتهم في الوطن دون حسابات شخصية أو مخاوف ذاتية، هذه المفارقة التي يجب أن يلتفت اليها، فحين يسرق المسؤول البصري ويهرب – كالنصراوي – وغيره من الفاسدين أموال البصرة، فأن ثمة نماذج مشرقة كالشويلي ومسؤولين اخرين يثبتون أن القاعدة الاساس هي الضمير والمسؤولية والشرف والنزاهة، لكن للأسف فإن في  البصرة تكون المعادلة مقلوبة، وشواذها اكثر من القاعدة نفسها.

شكراً لكل مبادرة تعيد آلق الروح العراقية وترفع منسوب الوطنية الذي تحاول دول وجهات وشخوص ان تخفضه، ولكن آنى لهم ذلك والعراقيون لا يزالون جسد واحد وروح واحدة.

وها هو فاضل الشويلي يؤكدها من على بعد عشرات الاف من الأميال.

علق هنا