الغارديان: احتجاجات البصرة هي الأخطر لهذه الاسباب !

بغداد- العراق اليوم:

أكدت صحيفة "الغارديان" البريطانية، بأن الاحتجاجات الحالية في العراق هي الأخطر التي تشهدها البلاد منذ سنوات لأنها تحدث في قلب بعض أكبر حقول النفط في العالم، فيما حذرت دول العالم من تجاهل أوضاع العراق مثلما حدث قبل ظهور داعش قبل أربع سنوات.

وقالت الصحيفة في تقرير أعده الصحفي باتريك كوكبيرن،إن "الاحتجاجات الأخيرة شهدت اضرام النيران في مقر الحكومة المحلية في البصرة، وكذلك مكاتب الأحزاب والفصائل التي يلقي السكان المحليون باللوم عليها بسبب ظروفهم المعيشية البائسة"، مشيرة إلى ان المحتجين قاموا بحصار وإغلاق الميناء البحري الرئيسي في أم قصر، الذي يتم استيراد معظم إمدادات الحبوب وغيرها من الإمدادات عبره.

وأوضح التقرير ان أزمة البصرة تزامنت مع إطلاق 3 قذائف هاون على المنطقة الخضراء في بغداد لأول مرة منذ سنوات، فيما لقي 10 أشخاص على الأقل مصرعهم برصاص قوات الأمن خلال الأيام الأربعة الماضية في محاولة فاشلة لقمع الاضطرابات، بحسب الصحيفة البريطانية.

 وحذرت "الغارديان" من إهمال التركيز على أحداث البصرة الأخيرة، حيث أشارت إلى أنه لو كانت هذه المظاهرات حدثت في العام 2011 خلال الربيع العربي، فمن المؤكد أنها كانت ستتصدر نشرات الأخبار، إلا أنها تتلقى حتى الآن تغطية محدودة للغاية في وسائل الإعلام الدولية، التي تركز على ما قد يحدث في المستقبل في إدلب السورية، وليس على الأحداث التي تحدث الآن في العراق. .

وأكدت الصحيفة، أن "العراق سقط مرة أخرى على الخريطة الإعلامية في نفس اللحظة التي تغرق فيها أزمة قد تزعزع استقرار البلد بأكمله"، مبينة أن عدم اهتمام الحكومات الأجنبية ووسائل الإعلام بتلك الاحتجاجات يتشابه كثيرا مع موقفهم قبل خمس سنوات من الأحداث التي مهدت لظهور تنظيم داعش في الموصل وفي مقدمة ذلك موقف الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما.

وحذرت من ان "استمرار العراق في التضييق على يد حكومة ضعيفة مختلة، قد يفتح الباب أمام مخاطر مختلفة، حيث يمكن لداعش أن يحشد قواته، ربما في مظهر مختلف وان يقوم بتصعيد الهجمات، واستثمار الانقسامات داخل المجتمع الشيعي".

 وبحسب " الغارديان" فان "أسباب الاحتجاجات  بحكم طبقة سياسية تدير جهاز الدولة العراقية كآلة لنهب الأموال، حيث أصبح الأثرياء سياسيا أكثر ثراء، حيث يمثل سكان البصرة البالغ مليوني نسمة ضحايا لـ 15 عاما من سرقة الجملة، فبعد تمجيد اسم المدينة باسم "فينيسيا الخليج"، تحولت قنواتها إلى مجاري مفتوحة، وأصبحت إمداداتها المائية ملوثة إلى حد يجعلها سامة في واقع الأمر".

وبينت الصحيفة أن "الاحتجاجات اندلعت في وقت سابق من هذا العام بسبب نقص الكهرباء والمياه وفرص العمل وكل الخدمات الحكومية الأخرى، لكن الظلم في البصرة أكثر فظاظة لأن شركات النفط حول البصرة تصدر كميات من النفط الخام أكثر من أي وقت مضى، حيث بلغ إجمالي صادرات النفط  في شهر آب الماضي، أربعة ملايين برميل يوميا، مما وفر للحكومة في بغداد إيرادات بحوالي 7,7 مليار دولار على مدار الشهر.

وركز تقرير الصحيفة على عدة أمور في البصرة تجسد فشل إدارة الدولة العراقية بشكل صارخ، منها أن البصرة رغم ثروتها النفطية الهائلة، مهددة الآن بفعل تفشي الكوليرا، وفقا لمسؤولي الصحة المحليين، حيث عالجت مستشفيات البصرة بالفعل 17500 شخص بسبب الإسهال المزمن وأمراض المعدة خلال الأسبوعين الماضيين، بعد أن أصيبوا بالمرض بسبب شرب المياه الملوثة، كما يتم في البصرة خلط المياه المالحة بالمياه العذبة، مما يجعلها معتدلة الملوحة وتقلل من فعالية الكلور الذي يمكن أن يؤدي إلى قتل البكتيريا، وهناك الكثير من البكتيريا المحيطة لأن نظام المياه لم يتم تحديثه لمدة 30 عاما، وتمزج مياه الصرف الصحي من الأنابيب المكسورة بمياه الشرب.

وأشارت الصحيفة إلى ان احتجاجات البصرة الأخيرة تتزامن مع احتدام الخلاف بين الكتلتين السياسيتين الرئيسيتين وفشلهما في تشكيل حكومة جديدة في أعقاب الانتخابات البرلمانية في 12 أيار الماضي، كما تأتي تزامنا مع فشل البرلمان من انتخاب رئيس له هذا الأسبوع ما دفعه الى اتخاذ قرار أن يأخذ عشرة أيام كمهلة.

  وختمت الصحيفة بالقول إنه "حتى لو تم تشكيل حكومة جديدة في ظل رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، أو شخصية أخرى، قد لا يكون هناك فرق كبير، لأن المشكلة ليست فقط الفساد الفردي بل الآلية السياسية ككل حيث يتم تقاسم الوزارات بين الأطراف التي تستخدمها بعد ذلك كمصادر لوظائف وفق المحسوبية"، مشيرة إلى ان " العديد من أولئك الذين تسلقوا قطار الحكم على مدى السنوات الـ15 الماضية لم يعرفوا كيفية تحسين الأمور حتى لو أرادوا ذلك الآن، ورغم تحقيق الحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة وإيران وحلفاء آخرين أكبر انتصار لها العام الماضي عندما استعادت الموصل من داعش بعد حصار دام تسعة أشهر إلا أن الكثير من العراقيين لم يعودوا منشغلين بالتهديد الذي يمثله داعش لأنفسهم وعائلاتهم، فقد ركزوا بدلا من ذلك على الحالة المتداعية لبلدهم من عدم وجود الطرق والجسور والمستشفيات والمدارس، فضلا عن نقص الخدمات من الكهرباء والماء".

 

علق هنا