وأخيراً .. الوزير الدراجي يعرض الحقيقة أمام العبادي بكل مرارتها !

بغداد- العراق اليوم:

————————

حيدر العبادي واخلاق الاسلام !

محمد صاحب الدراجي

طالما اتذكر ظهيرة احدى الجمع الباردة في لندن عندما كنت استغل فترة استراحة الغداء في عملي لكي اؤدي صلاة الجمعة في مسجد دار الاسلام القريب من مقر عملي حين، ربت فجأةً على كتفي شخص وقور ذو لحية اسلامية مع بدلة انكليزية راقية الصنع، طالباً مني الحديث على انفراد،  فإجتنبنا المصلين وقال لي (إن في جلوسك اثناء الصلاة اشكالاً شرعياً) فشرحت له بقولي ان في طريقة جلوسي أمراً يحكمه وضعي الصحي حينها، وشكرته لسببين: الاول نصيحته الشرعية، والثاني اخلاقه الاسلامية العالية التي دفعته لأن ينصح اخاه المسلم على انفراد كي لايشهر به او يحرجه!

وعرفته على نفسي وعرفني على نفسه  قائلا (اخوك ابو يسر) . الذي هو الدكتور حيدر جواد العبادي .

قابلته مرة اخرى في اجتماع مشترك للجنة الخدمات النيابية، واللجنة المالية، عندما كنت وزيراً للاعمار والاسكان حول مشروع قانون صندوق الاسكان، وحول مقترحي الخاص بالغاء نسبة الفائدة المترتبة على القرض الفردي  للمواطن ، وقد تفاجأت من موقفه عندما وجدته مصراً على وجوب تضمين القرض فائدة مصرفية معللاً ذلك بنظام الاقراض العقاري العالمي، وناقشته باختلاف الظروف الموضوعية الى ان تدخلت رئيسة لجنة الخدمات النيابية انذاك السيدة فيان دخيل، لإقناعه بالوقوف الى جانب القانون، وذكرّته بان الفوائد نوع من الربا وهو حرام في الاسلام وانت مسلم ومن حزب اسمه حزب الدعوة الاسلامي. ومع ان السيدة دخيل لاتدين بدين الاسلام بل هي من الأخوة الأيزيديين كما هو معروف عنها. ورغم ان هذه الحادثةً لم تأخذ مني  حيزاً من التفكير، لكنها دفعتني الى السؤال مع نفسي فيما اذا كان الانسان ينفصل عن ثوابته حين يتولى منصباً ما، ام أنه يحاول ادخال ثوابته الانسانية عند اداء عمله الوظيفي.

بعد ذلك استوزرت في حكومة السيد العبادي لمدة سبعة اشهر، فعملت بجد لاعادة الحياة للصناعة العراقية وتحسين واقع الاقتصاد العراقي قدر المستطاع، واتمنى من جناب الدكتور العبادي ان يذكر اي خلل او تقصير حصل في عملي معه. ولا اريد ان ادخل في تقييم المرؤوس للرئيس من جانبي حفاظاً على مهنيتي!

ان سبب كتابتي لهذا المقال صراحة يأتي بسبب اعلان خبر احالة الدكتور العبادي لمجموعة من الوزراء - وأنا واحد منهم - على خلفية موضوع كان قد تم التحقيق فيه، وصدور الحكم به عام ٢٠١٣، بعد ان برأت ذمتي ثلاث لجان تحقيقية، وقد ثبت بشكل قاطع عدم مسؤوليتي عن التقصير في  مشروع بناء المدارس (البناء الجاهز)، الذي أحالني السيد  العبادي بشأنه، وذلك للأسباب التالية:

١-لم تكن وزارة الاعمار - التي أنا وزيرها- رب العمل في هذا المشروع ولاعلاقة لها بالإحالات، او الإشراف.

٢-ان شركات وزارة الاعمار تعمل وقق قانونها الخاص ولاعلاقة للوزير بالاعمال التي تنفذها لأرباب العمل الآخرين، مع العلم ان الشركات التابعة للاعمار والاسكان انجزت اعمالها ماعدا شركة الفاو، بسبب عملية نصب قام بها الشريك صاحب المصرف .

٣-انا اول من اثار الموضوع، وقد  طالبت وقتها بالغاء شراكة الفاو مع الشريك، لكن الشريك هذا  اشتكى وقد سانده القضاء حينها، فاستمرت الشراكة بحكم القضاء، وبقرار من مجلس الوزراء ايضاً ، بينما كنت رافضا له!!

٤- معطيات ووثائق اخرى لا مجال لذكرها الان ..

رابط القول هنا ان الدكتور العبادي ومكتبه لم يأخذوا بآراء اللجان السابقة، واحداها كانت في زمن العبادي نفسه، بل اصروا على رأي لجنة ترأسها مفتش عام في وزارة اخرى، له (روابط معينة)مع مكتب السيد العبادي سنأتي على ذكرها . بحيث تم احالة الموضوع فوراً ، وخلال اقل من ١٠ ايام للنزاهة، دون تدقيق او تقرير للرقابة المالية.  

بينما المعروف عن السيد العبادي ترويه وتأنيه في القرارات، فيأخذ مدة طويلة تصل احياناً الى ٤ اشهر كما في بعض الحالات التي تأخر فيها بريد الصناعات الحربية وغيرها بل اني اجزم ان المصادقة حصلت بدون قراءة الحيثيات لان التوصيات متفق عليها، ولاداعي لاضاعة الوقت في خضم الانشغال بمشاورات الكتلة الاكبر والولاية الثانية (المهمتين)، ولابأس بفرقعة اعلامية في هذا التوقيت، بغض النظر عما سيحصل لسمعة انسان بريء،  او ما سينعكس ذلك على رصيد عائلته الوطني والقيمي والمجتمعي، او لتاريخ الشخص المستهدف،  ومستقبله..

 والجواب حاضر عندهم دائماً: (خلي يروح للقضاء وهو يحكم)! يالها من كلمة حق يراد بها منصب.

ختاماً:

اخي ابو يسر (استخدمت هنا كلمة اخي فهي مستوحاة من كلامك في ظهيرة تلك الجمعة، ولك الحق في سحبها إن اردت، احب ان ارجع لك دين النصيحة: ان الانسان الحازم والقوي والشجاع هو من يتبع الحق وينظر في الامور بروية ويفكر بسمعة الاخرين، ولايستخدم التسقيط والايذاء والاعلام والاعلان، ولا يأتي بمحاولات مكشوفة لاسترضاء الاخرين من اجل الحصول على المناصب .

فهل ان الدنيا تستحق ان نغير من اخلاقياتنا حسب تغير الظروف؟ وهل ان التواجد في بعض المنصب لخمسة عشر عاماً كافية لأن تتجه بوصلة الانسان من اصحاب يمين النصيحة بالحق سراً الى شمال التشهير بالباطل علناً؟.

الا لعنة الله على المناصب وطالبيها

مع الاعتذار عن عرض الحقيقة بكل مرارتها، لأني اشعر ان الظلم أشد مرارة منها ..

علق هنا