حكومتنا بدون احزام !!

فالح حسون الدراجي

 

الحكومة مثل الزلمة.. يوگع بنطلونها إذا ما تلبس حزام .. باعتبار أن الحزام يسند الظهر، ويشد عضلات أسفله، وهو قوة مضافة للعمود الفقري، ورادع لإصابات الفقرات، خاصة الذين يؤدون عملاً مجهداً، أو يحملون أثقالاً تفوق القدرة، أو اولئك الذين يمارسون ألعاباً رياضية شديدة.. ناهيك عن دور الحزام كمتمم لمظهر الزي الرجالي.. سواء أكان هذا الزي أفندياً غربياً، أو عربياً فلاحياً ..

وبدون هذا الحزام يصبح الرجل (حلل.. ورخاوة) ومهزلة أيضاً، لا سيما حين يسقط بنطلونه أمام كاميرات التصوير، أو أمام تلفونات المتصيدين لمثل هذه المواقف المضحكة ..

إذن، فالحزام الذي يشد العظم، ويحصِّن الظهر، يمسك بالعمود الفقري مسكاً محكماً.. ولأهميته، ومكانته عند العرب، أسموا بعض أبنائهم باسمه.. ويكفي أن أب (أم البنين) رضوان الله عليها اسمه حزام ..

فهي كما معروف : فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابية.. وهناك آلاف الفرسان والقادة، وكبار قبائل العرب من قريش وغير قريش حملوا اسم حزام..

لقد اردت القول إن الرجل بدون حزام ( اخرطي )، مُعرَّض للحرج، والسخرية في أية لحظة.. وإذا كان الرجل، (اخرطي)، أو (خرگة) بدون حزام، فماذا سيكون حال الحكومة التي لا تلبس حزاماً مثل الحكومات الأخرى؟

والجواب لن يكون بغير ما متوقع: ستكون حتماً حكومة طايح حظها.. محتقرة، مستهدفة، يتخطاها الهزيل، ويحتقرها الحقير، ويتوعدها التافه، ويهينها السخيف، ويحتل أرضها الأرعن الرعديد.. يتجاوز عليها من لا شرف له، ولا ناموس، بل وسيركبها حتى الحمار الذي تركبه الناس!!

أما الحكومة التي تلبس حزامها في الليل والنهار، ولا تفكه حتى وهي نائمة، فهي الحكومة المعتبرة التي يحترمها القوي والضعيف، ويهابها سابع جار من جيرانها. وهي الحكومة التي يحسب لها الصديق والعدو ألف حساب. نعم فالحكومة التي تشد حزامها بقوة تكون مضبوطة ومنضبطة وأمينة وحصينة ومحترمة من قبل الجميع، لذلك قال أهلنا في الجنوب بأمثالهم الشعبية: اتحزَّم للواوي بحزام سبع..!!

ومعناها أن لا تذهب للواوي بقوة ومقدار يكفي لردع الواوي فقط، إنما اذهب اليه بحزام سبع، وبقوة سبع، كي يكون ردع الواوي سهلاً عليك.. هكذا ينظر أهلنا في الجنوب للحزام، وقدر الحزام..

ربما سيقول البعض هنا: لعد حكوماتنا شنو .. ما لابسة حزام؟

والجواب: نعم حكومتنا ما لا بسة حزام.. فهي لو كانت لابسة حزام من صدگ، وأقصد به حزام سبع، لما تجرأ الواوي الهزيل أردوغان -وقد رأيناه كيف كان هزيلاً في ساعات الإنقلاب الأولى -على احتقار الحكومة العراقية، والإستهزاء برئيس وزرائها الدكتور العبادي، ولا التحدث معه بهذه العنجهية، والغطرسة، والفخفخة العثمانية الفارغة.. لكن المصيبة أن حكومتنا بدون حزام، والمصيبة العظمى أن حكومتنا ليست وحدها بدون حزام.. إنما دولة رئيسها بدون حزام أيضاً.. وقد خرط بنطلونه أمام الكاميرات أكثر من مرة.. وجُلَّ ما أخشاه ان لا تكون حكومتنا بدون حزام فقط، إنما أن تكون بدون حزام، وبدون (لباس) أيضاً.. وساعتها ستكون الفضيحة على كل لسان، وبكل شفة!!

جريدة الحقيقة

علق هنا