ذهب السلطان ولم تذهب حاشيته.. هكذا هو الحال في شركة (سومو) بوجود عصابة فلاح العامري !

بغداد- العراق اليوم:

يبدو أن ملف الإستهتار والفساد في شركة تصدير النفط العراقي (سومو) واسع ومتجدد، ولم ينته بإنتهاء مديرها السابق، ولن يتوقف حتى بعد إبعاد (سلطانها) الأشهر فساداً، والأبرز  فرعنة وجبووتاً، والأطول حكماً وتحكماً في سلطنة (سومو) فلاح العامري !

 وسيظل هذا الملف وجعاً في رأس الدولة العراقية، وكابوساً مظلماً يقلق ويشغل النفوس العراقية النقية الطيبة سواء من كانت تعمل في هيئات النزاهة والرقابة المالية الإتحادية، أو في وسائل الإعلام الوطنية الشريفة، أو في مفاصل القطاع النفطي التي لم تتلوث أياديها بالمال الحرام ..

فهو كما يتضح أنه واحد من أهم الملفات الشائكة والمربكة، إذ ما أن تتناول أحدى حلقاته حتى تنفتح امامك حلقات مضافة، وتكتشف اسراراً خطيرة عن طبيعة العمل في بعض المؤسسات الاقتصادية الكبرى في العراق، لاسيما وأن تقارير الجهات الرقابية تكشف معلومات صادمة عن طبيعة العقليات الادارية التي تدير هذه المفاصل الحيوية من جسد الدولة العراقية وهيكلها الهرمي الذي يعاني من الترهل المتوارث، والعشوائية والفوضوية وشيوع لغة المصالح الذاتية والمحسوبيات والمحاباة، مضافاً الى ذلك التخبط الذي لا يمكن أن يفسر الا باتجاهين، الأول نقص الخبرة والكفاءة، ووضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب، أو أن هناك تعمداً لهذا التخبط الذي ينتج فساداً ومشاكل وأزمات يدفع ضريبتها المواطن البسيط.

فبعد أن نشر (العراق اليوم) أمس الخميس، بيان الخبراء النفطيين الذين شخصوا مكامن الخلل والعلة في شركة  تصدير النفطي العراقي المسماة (سومو)، وبينوا بلغة علمية تخصيصية أهم المشاكل الفنية والادارية في الشركة، واشاروا الى امتلاكهم معلومات تفصيلية عن مواقع الخلل فيها، بدءًا من إدارتها، مروراً بالمفاصل الأخرى، يأتي ايضاً تقرير هيئة النزاهة، ليضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بمفصل مهم، بل نؤكد أنه الحلقة الأهم في حلقات الشركة، ونقصد بذلك (هيئة الشحن والكميات)، وهي الهيئة التي تضم حوالي سبعة اقسام مهمة، يأتي في مقدمتها قسم متابعة استيراد وتصدير المنتجات النفطية، وهي المعنية بالشحن والتحميل والتفريغ، والمسؤولة عن المرافيء الشمالية والمرافيء الجنوبية، وهي ذات الجهة التي اتهمتها هيئة النزاهة بالتسبب بخسائر ذات أرقام فلكية، وبالأدلة الرقمية القاطعة، عبر التقرير الذي رفعته لرئيس الحكومة العراقية الدكتور حيدر العبادي، لكن تقريرها لم تتخذ فيه أية اجراءات عملية رادعة حتى هذه اللحظة.

واذا كانت كل هذه التقارير الرسمية المسؤولة، وكل ملايين الدولارات المهدورة، وكل التوصيات والمحاذير  التي اطلقها المتخصصون بالقطاع النفطي عبر بيانهم المرفوع لدولة رئيس الوزراء، وإذا كانت كل نداءات وتقارير ومقالات وشهادات الكتاب والصحفيين العراقيين، واستغاثات المتضررين من توارث الفساد في هذه المؤسسة الوطنية والإقتصادية المهمة، لا تستطيع إبعاد مسؤولين فاسدين صغار، وتطهير هذه الشركة المحدودة من التلوث المالي والإداري، فكيف سنقدر على ابعاد الحيتان الكبيرة عن منصات السلطة وتطهير البلاد برمتها من عار الفساد الذي بات اليوم حديث المنظمات والهيئات العالمية المعنية بمتابعة الفساد وقضايا النزاهة في العالم؟

 وللغوص في تفاصيل الواقع المؤلم لشركة سومو، سنحتاج حتماً الى وقت واسع كي نروي فضائع هذه المؤسسة، التي حرص، بل واستقتل  مديرها السابق على تغطيتها بكل السبل والوسائل، لكن هيهات ان تغطى عين الشمس بغربال، ففي كل يوم تظهر حقيقة، وتبان فضيحة من فضائح عصابة سومو، المتدربة على يد معلمها المحترف فلاح العامري، مستغلة ضعف مديرها العام علاء الياسري الذي أتى به العامري من وظيفة (محاسب) بسيط، ليضعه خليفة له على كرسي المسؤولية الأول في الشركة، وليسد ملفاته المزدحمة بالفساد والعفونة. فيكفي مثلاً ان تذكر اسم علي نزار  مدير هيئة تسويق النفط الخام والغاز، حتى تنفتح امامك صفحات سود لا تعد ولاتحصى لهذه العصابة فتترك هذا الشخص، بعد ان تشمئز نفسك من سعة هذا السجل الفاسد، وتضطر الى ترك أمر كشفه الى حلقة يوم غد..

وطبعاً فإن مسؤوليتك المهنية والوطنية والأخلاقية تدفعك دفعاً نحو متابعة شخص آخر من افراد هذه العصابة، بل الجرثومة السرطانية الخطيرة التي زرعها العامري في جسد سومو، فتمضي لأخطر الفاسدين وأشرسهم في هذه الشركة، وهو محمد سعدون، مدير هيئة الشحن والكميات، وأحد أهم مخالب فلاح العامري في سومو .

فقد كشف مصدر مطلع من لجنة الخبراء المتخصصة في متابعة اداء القطاع النفطي العراقي، اليوم، عن وجود علامات ودلائل تؤكد عدم أهلية مدير هيئة الشحن محمد سعدون بادارة هذا المفصل، بعد ان تسببت ادارته بخسائر مالية وصلت الى 140 مليون دولار امريكي، كما تسببت بغرامات للشركات النفطية تجاوزت الستة عشر مليون دولار امريكي، فضلاً عن خسائر معنوية لسمعة العراق النفطية.

وبحسب المصادر فإن " الادارة الحالية للشحن لا تلتزم بمواعيد واستحقاقات الشركات العاملة في  الشحن أو التفريغ، وإنما يجري التلاعب بالجداول المعدة لهذا الغرض، وتقديم ناقلات شركة على ناقلات شركة أخرى بعد تقاضي اموال ورشى من شركات أو مقاولين او متعهدين لصالح سعدون وعصابة الادارة التي تم تعيينها كما ذكرنا في عهد "الحوت الكاسر" فلاح العامري، المحسوبين عليه ايضاً.

وبينت المصادر أن " هذا التلاعب أو التسيب الاداري، وضعف المتابعة والمراقبة على هذا المفصل قد أدى الى أن يخسر العراق ملايين الدولارات، ومن المحتمل ان يخسر المزيد اذا ما استمر نهج الشركة على ماهو عليه في ظل عدم قدرة مديرها الضعيف والهزيل علاء الياسري على وضع حد لنفوذ وسطوة جماعة المدير العام السابق داخل الشركة".

ولفتت الى أن " هذا الملف خضع لتدقيق ورقابة مكثفة من قبل هيئة النزاهة، وفريق متخصص من ديوان الرقابة المالية الاتحادي اللذان شخصا الخلل، وحملا في تقريرهما المشترك هذه الادارة مسؤولية ما يجري، وطالبا الجهات التنفيذية المركزية بضرورة التحرك الفاعل والجدي لمعالجة الخلل فوراً".

وكانت هيئة النزاهة قد اعلنت، الأربعاء، أن تأخر تحميل وتفريغ ناقلات النفط يكلف سومو غرامات تزيد على 100 مليون دولار، مشيرة إلى استمرار وتكرار حالات ذات الأعضاء في مجلس الإدارة للشركة كعضو أصيل معين.

وقالت الهيئة في بيان تلقى (العراق اليوم)نسخة منه ان"التأخير الحاصل في تحميل وتفريغ الناقلات الخاصة بالمشتقات النفطية كلف شركة سومو خلال عام 2017 مبلغ 100 مليون دولارٍ، إضافة إلى 13 مليون و620 الف دولارٍ كغراماتٍ ماليةٍ على الشركة فيما يخصُّ عقود الخدمة للنفط الخام خلال المدة ذاتها".

وأضافت الهيئة، أن "شركة سومو لم تلتزم بكميات النفط الخام المصادق عليها للتصدير لاستمرار انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في الموانئ الجنوبية بشكل يضر بالجداول المعدة للتصدير وتحميل الناقلات، وقصور سعات الخزن وشبكات الأنابيب، إضافة إلى ضعف إجراءات التحميل في موانئ الجنوب، بالرغم من أن نفط خام البصرة يشكل نسبة (85%) تقريباً من مجمل صادرات العراق، بسبب توقفاتٍ متكررةٍ للـ(توربينات) نتيجة مشاكل فنية وأعمال صيانة، مما أدى إلى عزوف الزبائن عن التحميل منه، وقلل من معدلات التصدير"

وتابعت الهيئة أنها شخصت، "ضعف الإجراءات المتخذة من شركة تسويق النفط (سومو) بشأن متابعة تنفيذ الملاحظات التي شخّصها التقرير السابق، وأن نسبة الاستجابة دون المستوى المطلوب الأمر الذي يتطلب استمرار المتابعة مع الجهات المعنية بغية معالجة السلبيات، خدمة للمصلحة العامة".

هذا ماجاء في تقرير هيئة النزاهة، وفيه كما نرى تأشير واضح للخلل والتقصير، بإعتبار أن هيئة النزاهة، الجهة القانونية الرسمية المختصة في تأشير الخلل، وتحديد هوية المقصر في مثل هذه الحالات.

وبما ان محمد سعدون هو مدير هيئة الشحن، والمسؤول عن جميع امور التحميل والتفريغ وحركة ناقلات النفط، فضلاً عن  شيوع فساده لدى جميع الشركات الناقلة فإن المسؤولية الأثقل تقع عليه، وهنا يجب ان تحمله الدولة دفع كل الخسائر المالية، والتعويضات الفادحة التي دفعتها شركة سومو للشركات النفطية، وتقديمه للقضاء لينال جزاءه، ويكون عبرة للفاسدين.

علق هنا