مفارقة كبيرة في الوضع العراقي.. جماهير الشيعة (تعيد) غداً السبت، وأغلبية سياسييهم (يعيدون) اليوم !

بغداد- العراق اليوم:

مفارقة كبيرة، وملفتة للنظر تلك التي تركها الاختلاف الفقهي في مسألة تحديد رؤية هلال عيد الفطر المبارك، فقد كشفت فيما كشفت عن هوة عميقة هي الاخرى في الوجدان الديني بين النخبة السياسية بالتحديد، والجمهور الشيعي في العراق، حيث ظل السياسيون الشيعة على الدوام ينافقونه على انهم من اتباع المرجعية في النجف، وانهم في ملاكها الديني والعقيدي، ويطيعون اوامرها في كل صغيرة وكبيرة، بل ان بعضهم (كقوى اسلامية شيعية) يبادر بعد كل اعلان او فتوى من مرجعية النجف الى اصدار البيانات وخطب التأييد في محاولة لاظهار قربه من مرجعية السيد السيستاني التي تحظى باجماع عراقي من الناحية الشعبية.

طبعاً، المرجعية ذاتها تدرك، ويدرك المطلعون، ان هذا النفاق السياسي لا قيمة له، كونه ينطلق من رغبة هذه القوى استثمار اسم مرجعية النجف في باب الكسب الانتخابي ورفع الرصيد السياسي، فيما تبقى مرجعيات هذه القوى الروحية غير معلنة، لكنها فاعلة ومؤثرة في داخل قرارها السياسي والتنظيمي، لكن ما يطرح غير ما يبطن بطبيعة الحال، وهو ما تسميه هذه القوى بانه تقية سياسية!

هذا العيد الذي اختلفت فيه مباني السيد السيستاني الفقهية مع مباني غيره من الفقهاء، بل ومن ذات الخط الذي تخرج منه، نعني به مرجعية السيد الخوئي الذي اعلن طلبته والمراجع الاخرون عن كون اليوم الجمعة عيدًا، الا السيستاني فقد خالفهم جميعًا. إذ كشف فيما كشف ان ٩٠٪؜ من جمهور الشيعة العراقيين على الاقل لم يكسروا صيامهم وبقوا ليكملوا عدة الشهر الفضيل، طاعة وتعبدًا بأمر المرجع الذي يقلدونه ويطعيونه في امورهم العبادية، فيما ان ٩٠٪؜ من الطبقة السياسية الشيعية احتلفت اليوم الجمعة باول ايام عيد الفطر، بعد ان انحازت الى اراء مرجعياتها غير المعلنة.

فمثلاً حزب الدعوة الاسلامية بكل تفرعاته وجماعاته احتفل بعيد الفطر اليوم الجمعة، مستندًا على راي مكتب العلامة الراحل محمد حسين فضل الله الذي يقلده الحزب بقادته، فيما احتفل سياسيو التيار الصدري الذين يقلدون الحائري في ايران بعيد الفطر، وكذلك فعل سياسيو الفتح الذين يقلدون السيد الخامنئي، وايضا سياسيو الفضيلة الذين يرجعون لليعقوبي. فيما بقي اقل من ١٠٪؜ من سياسي الشيعة ممسكين برأي المرجعية التي يتبعونها ظاهرًا وباطنًا.

طبعًا، يمكن تبرير ذلك من الجانب العقائدي، ويمكن القول ان حرية التعبد الديني والرحية متاحة، وهي مجرد قناعات شخصية للافراد، لكنها في الواقع قناعات سياسية جماعية مؤثرة، ثم ان هذه القناعات في الغالب تتقاطع مع رغبات وطموحات الشارع الشيعي، ولا تنتمي له حتى في ابسط هذه المشاعر الوجدانية، على الرغم من كل محاولات النفاق السياسي، او محاولات التضامن الاعلامية التي يحاول هولاء السياسيون ترويجها وتسويقها، لكنهم في الحقيقة يبقون مهما حاولوا منفصلين عن الواقع الشعبي الشيعي !

علق هنا