ابعدوا وزارة النفط عن مخالب (السيد) وتياره، وهيئته الاقتصادية

بغداد- العراق اليوم:

وزارة النفط، وزارة الحياة العراقية، وزارة الخبز الذي يتناوله الجميع، أخر نقاط دفاع العراق عن اقتصاده، وبوابته الوحيدة – للأسف- على الأسواق العالمية، فلا سلعة ينتجها هذا البلد بعد أن دمرت الصناعة والزراعة، وصار العراق مجرد بلد ريعي مستهلك، يبيع النفط، ليحول أمواله الى سلع وخدمات مشتراة من الخارج وحسب.

هل هذه الحقيقة موجعة، بالتأكيد، ولكنها على كل حال الحقيقة الأكثر صدقًا، والاكثر واقعيةً من جميع ما يجري، والمشكلة الأكبر في عراق اليوم، ولعلها تكون المعضلة لعراق الغد، حين ينتهي دور البترول في بناء اقتصاديات العالم، وينجح العالم في التحول الى الطاقة البديلة، فيكسد النفط، وتموت صناعته، وحينها لا يمكن أن نتصور شكل العراق الذي لا يصدر أي شيء، ولا يصنع أي سلعة، ولا يزرع أي محصول، كيف سيكون العراق الغني انذاك، وكيف لنا أن نتدبر امرنا في ذلك الوقت.

هذه الحقيقة المرعبة، مغيبة كجزء اساس ومشترك مع حقائق كثيرة تُغيب عن الناس، وتتناسها الحكومات الواحدة تلو الأخرى، ولا يذكر أي شخص مسؤول، لسبب بسيط، أنها بحاجة الى حل جذري وواقعي وستراتيجي، ومعالجات رجال دولة، فيما الكل يتخلى عن هذا لصالح التحول الى رجل سلطة يحاكي الشارع ويكسبه بأي شكل.

لكن الأمر والأدهى، أن غياب الاستراتيجية وعدم وجود رؤية للتعامل مع هذا الملف، لم يكف هذه الاحزاب المتغانمة على السلطة، فراحت للأسف تعبث بهذا المورد الوحيد فسادًا، سواء اكان فسادًا ادارياً أو مالياً. بل وأن هذه الاحزاب التي تدعي بعضها الوطنية حولت هذه الوزارة الى غنيمة يقتسمها اتباعهم، ويعيثون بها وبمقدراتها، بداعي أنها الاستحقاق الانتخابي، والحصة السياسية، ولذا تراهم يديرون أمورها بلا رؤية، ولا هداية ولا ستراتيجية، حتى وأن كان الوزير مختصًا، فأنه عاجز عن ايقاف هذه المهازل في الوزارة، ولا يستطيع منع يد التسلط الحزبي من اللعب بمقدرات أهم وزارة عراقية على الاطلاق.

مناسبة هذا القول، ما يجري الآن في وزارة النفط التي حاول العبادي رئيس الحكومة اخراجها من سيطرة حزب الحكيم عبر اصلاحاته الوزارية، الا أنه للأسف لم يتمكن سوى من تغيير الوزير عادل عبد المهدي، مع أن الرجل كان عادلاً، ويمكن وصف ادائه بالجيد والمهني جداً، الا أن تغييره صب في عكس ما اراد العبادي، حيث أتى هذا التيار بشخصية وزارية مكبلة، ولم يستطع الوزير التخلص من تبعات أن تكون الوزارة حصة لهذا التيار الذي سلط اتباعه، ونشب مخالبه فيها، فصارت فريسة للصفقات والعمولات والتلاعبات، وهذه كارثة بكل المقاييس، فكيف يمكن أن يتصور شخص ما أن وزارة تدخل للعراق اكثر من 80 مليار دولار سنويًا هي لعبة بيد مراهقي السياسة، وهواة العمل الحكومي.

كيف يمكن أن يتصور شخص، أن أهم وزارة عراقية تخصصية، تدار من شخصيات لا علاقة لها بهذا التخصص، فينصبون من يشاءون ويعزلون من يشاءون، ويبرمون العقود والصفقات والتجهيز.

كل هذا في ظل عجز مؤسسي عن مجابهة السطوة الحزبية لشخصيات مجهولة كحيدر الحلفي وأحمد الفتلاوي وبعض امعات الوزارة التابعين لجبايات (السيد) الذين اصبحوا اليد النافذة في الوزارة، دون وظائف أو عناوين رسمية، بل بصفة حزبية سياسية، بحتة. الامر الذي دعا مختصين في الشأن النفطي وخبراء في قطاع البترول الى مطالبة رئيس الوزراء المقبل والكتل الكبرى الفائزة ومنها تحالف سائرون بقيادة السيد مقتدى الصدر، والفتح بقيادة هادي العامري، وكل من له غيرة على مصلحة الوطن، ولقمة عيش الشعب، الى أبعاد وزارة النفط عن سكة التحاصص الحزبي، وتخليصها من مخالب الفساد التي اوغلت عميقًا في جسد الوزارة.

وطالب المختصون والخبراء في بيان وقعوه، رئيس الوزراء المقبل بتحرير وزارة النفط من أي سطوة حزبية أو سياسية، وتحويلها الى هيئة أو مجلس اعلى تديرها احدى الشخصيات المختصة في مجال صناعة النفط، حتى نوقف الهيمنة الحزبية على مقدرات البلاد، وبخلافه فأن الأمور تسير الى الهاوية، أكثر مما هي سائرة عليه الآن. مناشدين كل الكفاءات الوطنية المتخصصة برفع صوتها ضد الحزبية والعمل الحزبي في القطاع الاقتصادي لما يجلبه هذا من دمار وتدمير لحاضر العراق ومستقبله.

لقد سأم، بل وكره  أبناء القطاع النفطي صور وأشكال هؤلاء الجهلة والدخلاء والغرباء على المؤسسة النفطية، وهم يتحكمون بشؤونها، ويحلبون ضرعها حتى جف تماماً، وبعد أن يأسوا من الشكوى والنشر والتظاهر ضد (سركالية السيد) يبدو انهم وصلوا الى آخر الحلول، إذ اعلن الكثير منهم عن النية لإعلان العصيان المدني في جميع شركات ومؤسسات وزارة النفط تعبيراً عن رفضهم وسخطهم على ما يجري في وزارة (السيد) عفواً وزارة النفط

علق هنا