تقرير : آبار النفط المحترقة تخنق سكان العراق

بغداد- العراق اليوم:

عندما انسحب تنظيم داعش من هذه المنطقة، حولها إلى هذا المنظر المروع. فجّر التنظيم 90 بئر نفط في بلدة القيارة.

لا نعلم ما الذي دفعهم لهذا التدمير، ربما كانوا يأملون بأن يحجب الدخان رؤية الطائرات. النيران مشتعلة منذ أغسطس/ آب الماضي، وحجب ذلك السماء وأخفى الشمس، وغطى الأرض ورئات الناس بالمواد السامة السوداء. 

الحرارة التي تأتي من هذه النيران فظيعة.. ذابت إثرها الأراضي التي تحيط بالبئر.. الهواء كثيف وملوث.. هو فعلاً رهيب، يُدمّع العيون. هذه هي الأجواء السامة التي يتحملها ويتنفسها العراقيون منذ شهور. 

هناك جهود يائسة لإصلاح الآبار الآن، لكن المهندس الرئيسي، إخلاف محمد، يقول لي إن العملية صعبة ومعقدة. 

يقول إنه من الصعب إطفاء نيران الآبار لأن ذلك سيطلق كميات كبيرة من الأدخنة القاتلة. 

أولاً، يستخدمون معدات تحريك التربة للحد من النار وتوجيه تدفق النفط الفوّار.

ثم يحفر العمال من بين النيران، محاولين إبقاء النفط ومعداتهم باردة، خلال حفرهم في الطين اللزج والتراب. 

إذا حدقت في اللهب، تستطيع رؤية مركز النيران الأحمر الساخن. 

عليهم أن يفعلوا كل هذا ليجدوا رأس البئر، من خلال ذلك يستطيعون معرفة مدى الأضرار وما عليهم فعله لإغلاقه. 

يقول العمال هنا إن طبيعة العمل دائماً خطرة ومليئة بالتحديات، وفي بداية عملهم، كان عليهم التغلب على داعش أيضاً. 

يقول هذا الرجل: "خلال محاولتك حفر النيران يبدأون بإطلاق النار عليك، ثم يبدأ قصف الهاون." 

كما ترك التنظيم ألغاماً حول الآبار المشتعلة، وأغلبها لم يُستأصل حتى الآن. 

ما زال الوقت مبكراً على تقدير قيمة النفط الذي خُسر أو تكاليف أعمال الإصلاح بشكل دقيق. لكن الأرقام الأخيرة ستبلغ الملايين والملايين من الدولارات. 

لكن التكاليف البشرية هي أكر مدعاة للقلق. فهناك عائلات تعيش على بعد بضع كيلومترات من هذا الدخان وسماؤهم تبدو كالشفق. 

وجوه وأيدي الأطفال ملوثة بذات الهواء الذي يتنفسوه.. فهناك ظل داكن يغطي صحتهم ومستقبلهم.. بسبب إرث سام آخر تركه داعش خلفه.

علق هنا