إذا صحت تحليلات الخبراء، وصدقت استطلاعات الرأي، فإننا مقبلون على معركة سياسية شرسة بين العبادي والعامري

بغداد- العراق اليوم:

يحتدم التنافس في الانتخابات النيابية الأولى في العراق بعد دحر تنظيم داعش  بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته، وسلفه قبل أربع سنوات، إلى جانب أبرز قادة قوات الحشد الشعبي البطلة، التي كان لها دور حاسم في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي

واذا صحت تحليلات الخبراء المختصين بالشأن السياسي العراقي، وصدقت استطلاعات وتوقعات الشارع الشعبي العراقي، فهذا يعني إننا مقبلون على معركة سياسية شرسة حول منصب رئاسة الوزراء، إذ يتوجب على الفائر في الانتخابات المرتقبة في 12 أيار/مايو اولاً أن يبرم تحالفات مع قوائم أخرى، شيعية أو سنية أو كردية، للحصول على غالبية برلمانية تضمن له تولي رئاسة الوزراء.

وينفرد اثنان من المتنافسين الثلاثة في هذه المعركة بالحظوظ الأوفر ، لكونهما مهندسي "النصر" على تنظيم داعش  الذي سيطر عام 2014 على ثلث مساحة العراق.

وفي أيلول/سبتمبر 2014، وصل رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي (66 عاما) إلى السلطة في بلد كان على شفير الانهيار.

وبدعم من المرجع الأعلى والمجتمع الدولي، أسكت حامل شهادة الهندسة المدنية من إحدى جامعات بريطانيا العضو في حزب الدعوة الذي ينتمي إليه سلفه نوري المالكي، المشككين الذين انتقدوا قلة خبرته العسكرية وليونته في السياسة.

انتصارات عسكرية:

استطاع العبادي، الذي يرأس وفقاً للدستور القيادة العامة للقوات المسلحة، إعادة الروح المعنوية لعشرات الآلاف من المقاتلين بمساندة مدربين غربيين.

وتمكنت القوات العراقية الشجاعة، بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، من دحر "الدولة الإسلامية" التي أعلنها تنظيم داعش الإرهابي على مساحات واسعة من العراق وسوريا، واستعادة السيطرة على مناطق متنازع عليها مع الأكراد، أبرزها محافظة كركوك الغنية بالنفط.

ويرى خبراء أن للعبادي الحظ الأوفر. حيث يؤكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية في بغداد عصام الفيلي أن العبادي "لديه قاعدة جماهيرية تتجاوز الأطر التقليدية الطائفية والمذهبية والعرقية. كما لم تكن هناك إشارات فساد ضده، ولديه خطاب رجل دولة".

من جهته، يرى الباحث في معهد شؤون الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة فنر حداد أن العبادي يعد "المنافس الأبرز، ولكنه ليس قوياً بما يكفي للفوز بالغالبية".

لكنه يضيف أن لرئيس الوزراء الحالي "أفضلية بسبب المنصب الذي يشغله، إذ يمكنه استثمار وتوظيف انتصاره على تنظيم داعش (...) كما أنه مقبول من جميع الأطراف الأجنبية اللاعبة في العراق، من الإيرانيين وصولا للأميركيين".

أما منافسه الرئيسي فهو هادي العامري (64 عاما)، أحد أبرز القادة العسكريين لقوات الحشد الشعبي التي لعبت دورا بارزا في القضاء على تنظيم داعش.

والعامري الهادئ صاحب النظرات الباردة، ينحدر من محافظة ديالى شمال شرقي بغداد، وحاصل على إجازة في الإحصاء من جامعة بغداد. التجأ إلى إيران بعد إعدام نظام صدام حسين آية الله السيد محمد باقر الصدر في العام 1980.

انتخب العامري بعد عودته نائبا في البرلمان، وعين وزيراً للنقل في حكومة نوري المالكي في دورة عام (2010-2014).

"دور حاسم" للعامري

بعد اجتياح تنظيم داعش للعراق في العام 2014، خلع العامري ثيابه المدنية ليرتدي الزي العسكري ويعود إلى خط الجبهة .

يعتقد حداد أنه سيكون للعامري "دور حاسم في مفاوضات ما بعد الانتخابات، لكن تشكيل الحكومة سيبقى بيد (حزب) الدعوة وعلى الأرجح بيد العبادي".

إضافة إلى الانتصار العسكري، يتباهى الحشد الشعبي اليوم باستخدام آلياته في خدمة إعادة تأهيل البنى التحتية في البصرة مثلا أو في مدينة الصدر في بغداد في ظل عجز الدولة.

ويرى الفيلي أن "العامري ينظر إليه على أنه الأقدر لأن يكون البديل المناسب في ما يتعلق بالخلاف في حزب الدعوة، ليصبح رئيس الوزراء المقبل، وينجح في بناء دولة مدنية كما نجح في موضوع القيادة العسكرية".

أما المنافس الأخير، فهو نوري المالكي (68 عاما)، شغل منصب رئيس الوزراء ثمانية أعوام منذ 2006 حتى 2014، واتهمت حكومته من قبل البعض بالفساد.

ويعتقد الفيلي أن المالكي "يحاول تركيز جهوده على المناطق التي يكون حزب الدعوة فيها قوياً، كما أنه يلجأ إلى الفصائل المسلحة بهدف البقاء تحت الأضواء".

لكن حداد يعتبر أن "فرص المالكي أصيبت بضربة قاصمة لأن حقبته لم تترك ذكرى جيدة لدى العراقيين"، مضيفاً أن "الحد الأقصى الذي يمكن أن يتأمل فيه، هو أن يلعب أدواراً ثانوية قرب العامري، ولكنه لن يكون رئيساً للوزراء لاسباب عديدة اهمها كثرة خصومه، والرافضين لتوليه المنصب، واغلبهم لاعبون رئيسيون في الملعب السياسي العراقي مثل مقتدى الصدر وعمار الحكيم والعبادي والنجيفي والبرزاني، فضلاً عن امريكا والسعودية وغيرهما".

علق هنا