قانون الحشد الشعبي: هل ستخنقه المحاصصة في مجلس الوزراء؟

  السؤال الذي يتبادله العراقيون بعد المصادقة على قانون (الحشد الشعبي) هو: لماذا اعترضت كتلة (متحدون) على القانون ولم تصادق عليه؟ رئيس مجلس النواب د.سليم الجبوري اكد في بداية جلسة المصادقة ان القانون شهد محادثات مراثونية!! وهذا يعني ان القانون ليس فيه عملية (لي اذرع ) كما يقول اسامة النجيفي !! وان المحادثات اذا ماتحولت الى ماراثونية فيعني انها خرجت حتى من سياقاتها الاعتيادية وتحولت الى مجرد جدل فيما ينتظر ابناء الحشد وقياداتهم مكافأة تنظم عملهم وتشعرهم بتفاعل ممثلي الشعب مع الانجازات التي حققوها على الارض ، وتشعرهم بضمان مستقبلهم ومستقبل اسرهم. هذه (الحوارات الماراثونية )تنم عن ضعف المسؤولية اتجاه الاخرين، كما تؤشر ان جهة اما تريد ان تنتهي الحوارات الى التلاشي وفقدان الاهداف وتصيب المفاوضين بالجزع والملل لتملي عليهم الشروط المعدة مسبقا لتحطيم جوهر القانون وافراغ محتواه واضعاف معنويات المقاتلين الذين سيصابون بالاحباط وهم يرون الدولة عاجزة عن انصافهم رغم التضحيات الكبيرة التي قدموها وسيكون الارهابيون هم المستفيدون من ذلك. احد الاخوة الذين كان الرقم المهم في معادلة التفاوض قال (لم يبق سوى ان نقول لهم اكتبوه بايديكم لنرى ماذا تريدون!).لا اريد ان اطيل في ذكر ما اورده من تنازلات لكنهم جعلوا اصابعهم في اذانهم واستغشوا ثيابهم واستكبروا استكبارا. والسؤال لماذا هذا الاصرار على الرفض؟. ببساطة ان الجهة التي رفضت المصادقة على القانون غير معنية بتحرير الارض من دنس الارهاب ،ويزعجها -جدا- ان تتحرر الارض لانها هي من والدته ورعته واسكنته وطمأنته على مستقبل وجوده وعلى حساب الابرياء من ابناء المحافظات المنكوبة بالارهاب. ورب سائل يسأل: ماذا يريدون اذن؟. أقول: هؤلاء يريدون للارهاب ان يبقى وبغيابه سيغيبون فهم ممثلون عن الارهاب وليس عن سكان محافظاتهم وقد انتجتهم ظروف الانتخابات التي كان فيها الارهاب يسيطر على تلك المحافظات ..كما أن المفاوضين وافقوا ان تكون لهم نسبة 40% من العدد ووافقوا بمنحهم اعلى المراتب والامتيازات التي لاتقبلها الحقائق ،لكنهم رفضوا لانهم يريدون هم من يقدم اسماء الفصائل الملتحقة بالحشد وفي مقدمتها حشد (اثيل النجيفي) وهم من يضع اسماء الضباط والمراتب ووووالخ. وفي النهاية ان كل الفصائل التي شاركت من اهالي المحافظات المحررة مع الحشد خارج القوائم لان هؤلاء برأيهم (خونة) قاتلوا مع جيش (المالكي ) او (العبادي)وان هؤلاء ولاؤهم للاخرين وليس لهم. وحتى الحرس الوطني الذي دعوا له ارادوه ان يكون حرسا لهم ولتطلعاتهم واهدافهم يحكمون فيه القبضة على اهالي تلك المحافظات لتكون تحت امرتهم وليس للدولة فيه من سلطة ولا من امر ولا نهي!!

  اقول ان عدم رضا البعض لا يفسد في الامر شيئا، فيكفينا من رفعوا ايديهم للمصادقة على القانون وهم الفئة الغالبة في العدد والتنوع، وان رضا الجميع غاية لاتدرك في كل الاحوال. كما اود ان اشير الى شيء وهو ان تحرير المناطق الغربية من الارهاب لا يكفي، ولابد من تحرير للانسان ايضا ،فقد ادركنا تماما ان هؤلاء (الرافضين) لايصحون ان يكونوا ممثلين لمناطقهم واذا ما اعدناهم للتسلط على رقابهم سنجني على الشعب ونظلمهم ايما ظلم وسيعاد الارهاب ثانية ربما بعناوين واسماء جديدة. وان العراق وطن واحد ودولة واحدة فلا شماتة في الامر، واذا لم تستقر المحافظات جميعها فلا امن ولا امان للجميع، فلنذهب الى حيث مواطن الوطنية والقيم الرفيعة والاصالة، ولنبدأ باولئك الذين وقفوا معنا في سوح المعارك وخلطوا دمهم بدمنا وتعاونوا ليكونوا مشروعا سياسيا في هذه المناطق، ثم ان الايام قد افرزت اسماء وعناوين تستحق ان تكون قيد المسؤولية، وان نبدأ من اليوم بالتحضير للانتخابات المقبلة ..نريد رموزا سياسية تحب اهلها وتحب وطنها وتؤمن بالحق والمؤاخاة وبالمشروع الوطني وادعموهم ولاتخذلوهم كما خذلتم محافظ صلاح الدين رائد الجبوري الذي قاتل هو واسرته وعشيرته ثم بعد انتهاء المعركة، اقلتموه من منصبه باسم (الديمقراطية) و(سقيفة فندق الرشيد)!!

  ان اشد مانخشاه، ان قانون الحشد بعد المصادقة عليه في مجلس النواب سيذهب الى مجلس الوزراء وسيطارده (الرافضون) الذين خبروا الطرق الدبلوماسية والاعيب السياسة وسيفرغونه من محتواه وستضيع حقوق دماء الشهداء باسم (التوافق والمحاصصة والشراكة) وباسم (التسوية التاريخية) وسيظلم ابناء المحافظات الغربية لان اسماء المضحين ستحذف وتحل محلها اسماء (خطيرة) كما سيبدأ مشروع( التوازن) الذي ستقدم فيه اسماء للمناصب ياتي اغلبها من خارج الحدود بدعوى انهم ضباط قدامى معبئين بالحقد والكراهية على الاخر فاحذروهم لانهم سيفشلون المشروع. كما ستستمر المماطلة في الحوار وارسال رسائل الى مقاتلينا بصعوبة التوافق مدعومين باعلام اقليمي حاقد ،لاضعاف معنوياتهم وتقوية عضد الارهاب!! ان المصادقة على قانون الحشد انتصار لارادة شعب وليس لطائفة او فئة وان شرف الحشد ان اضيف له 36 فصيلا من المناطق الغربية هم من قاتل على الارض حتى اللحظة وبكل شجاعة وبسالة. كما ان المصادقة تعني الانتصار السياسي ايضا لانها المرة الاولى التي يمارس فيها البرلمان العراقي تقليدا ديمقراطيا حقيقيا وهو (نظام الاغلبية) بعد ان صنفتنا المحاصصة المقيتة في اخر الطابور ،فمن الضروري المحافظة على هذا التقليد.

  وفي الختام اقول: ان تاخير الترتيبات الادارية لقانون الحشد لما بعد تحرير الموصل سيفقده قوته ومعناه وربما فاعليته لامور كثيرة لامجال لذكرها.

علق هنا