بعد ان كانت تتجاوز 100 حالة في الشهر، حالات الخطف تتراجع في بغداد

بغداد- العراق اليوم:

خلال الاعوام السابقة، شهدت العاصمة العراقية بغداد انهيارًا امنيًا واضحًا، لا سيما في السنوات التي سبقت احتلال داعش لمدن غرب العراق، الا ان هذه الاوضاع بدأت بالاستقرار التدريجي، لا سيما بعد ان تمكنت الدولة من اعادة بناء اجهزتها الامنية وفق رؤية جديدة، اعتمدت فيها استراتيجية العمل المركز والكفوء، وتقليص الكم لصالح النوع الجيد.

هذا العمل اظهر نجاحاً مبهرًا، لا سيما بعد ان امسكت الدولة بأطراف بغداد، او ما يسمى بالحزام بشكل لم تدع معه فرصة لنمو التنظيمات او تفريخها، نعني تلك التنظيمات الارهابية.

تدريجيًا بدأت تنمو وتتطور قدرات الوزارات الامنية والاجهزة المختصة في مجال المعلومات الاستخبارية، بفضل تواجد قيادات مهنية على رأس اجهزتنا الامنية البطلة، في الداخلية والدفاع والمخابرات الوطنية والامن الوطني، وكل التشكيلات الرديفة، وايضًا لا نغبن حق المواطن الذي كان النصف المكمل لهذا العمل الجبار، حيث اظهر المواطن استجابة جادة مع القوات واجهزتها بشكل مذهل، واظهر تعاوناً يبعث على التفاؤل بتحقق المعجزة في مدينة آمنة، بعد ان كانت بغداد مؤمنة فقط. والمختص بالشأن الامني يعرف الفرق بين مدينة آمنة وأخرى مؤمنة.

وكنا نحصد هذا التحسن تطوراً في ميادين الاستثمار والنمو الاقتصادي وازدهار قطاع العمل والسياحة والفندقة وكل القطاعات الاخرى. لكن ثمة منغصاً ظل يعكر صفو هذا المنجز الكبير، إذ نمت للأسف- مع انخفاض العمليات الارهابية بشكل ملحوظ- ظاهرة الاختطاف، حتى باتت مخيفة جداً، الى الحد الذي سجلت فيه القوات الامنية 100 حالة في الشهر في بعض الاعوام، والى الحد الذي اجبر رئيس الوزراء القائد العام حيدر العبادي على التصريح علناً أن عمليات الاختطاف تقوض النجاحات، وتسلب المواطن فرصته بالعيش الآمن، والعمل والاستثمار والتحرك والتنقل، وبدا رئيس الوزراء مصمماً أكثر من اي وقت مضى على مكافحة هذه الظاهرة، مهما كان ثمن ذلك.

وبالفعل كان القائد العام قد وجه الداخلية بوزيرها الجديد الرجل الشجاع قاسم الاعرجي بتولي الملف، وقد كانت المفاجأة كبيرة، حيث لم يكن أحد يتوقع ان تنجح الداخلية بهذه السرعة من القضاء على الظاهرة، او لنقل تقليصها بشكل كبير الى هذا الحد، ولكن كيف حدث هذا؟

البعض كان متبرمًا ويائسًا من تحقيق تقدم يذكر، لا سيما مع الصعوبات والالتباسات الامنية والتداخلات في هذا الملف. وصعوبة ان يواجه وزير بمفرده كل هذا التعقيد، واختلاط الامور الى هذا الحد، دون ان يصطدم بحاجز الوضع الامني المعقد، لكن الاعرجي تجاوز ذلك، بقرار حاسم، مفاده الكل تحت القانون، وكان المجاهدون وفصائلهم الاكثر انضباطًا والتزاماً بالقانون والتعليمات من غيرهم، ومن يخالف فليس منهم، ويضع نفسه في موضع الاتهام، وهذا برأيي قرار شجاع جدًا وصادم في آن واحد.

فالأعرجي الذي ترأس خلية ازمة لمواجهة هذا الملف، لم يكن يتوقف طويلاً أمام تبعات اي قرار أمنى يتخذه، او يضع ردود الافعال السياسية في حسبانه، فالأولوية القصوى هي توفير الامن للمواطن، وحمايته من عمليات الاختطاف التي تسيء للدولة ولمؤسساتها، فضلاً عن كونها الشريان الذي يتنفس من خلاله الارهاب.

لذلك كانت الاجراءات والتدابير التي اتخذها الاعرجي ومن يعمل بمعيته على هذا الملف، قوية وفعالة، ولم تستثن احدًا، او تضع في الحسابات اي وضع سوى السيطرة على مخارج ومداخل بغداد، وتكثيف جهد التفتيش والمتابعة وملاحقة عصابات الجريمة المنظمة، وهذا بشهادة جميع المواطنين، الذين شاهدوا لأول مرة بعد سنوات طوال عملًا امنياً حقيقيًا على ارض الواقع، فضلاً عن استجابة سريعة ومدهشة لأية حالة، بل وبسرعة قصوى في حسم ومعالجة مثل هذه الخروقات ان حدثت.

أشهر قلائل فقط كانت كفيلة بتغيير الواقع الامني في بغداد، حيث تسجل الاحصائيات والتقارير الامنية انخفاضًا كبيرًا في عدد عمليات الاختطاف.

وأصبح الجميع امام واقع جديد، لا سيما وان الوزارة لم تنتظر حدوث هذه العمليات، بل فعلت الضربات الاستباقية التي اطاحت بشبكات الخطف داخل بغداد وخارجها، وحتى خارج العراق!

لقد نجح الداخلية في مكافحة هذه الجريمة التي تروع المجتمع وتهد كيان الدولة، وبذا استطاع الاعرجي ان يقص الجناح الذي كان يطير من خلاله الارهاب كغربان شر تحوم فوق رؤوس المواطنين الآمنين.

علق هنا