المعارضة 'المقاطعة' تشارك في انتخابات مفصلية في تاريخ الكويت

بغداد- العراق اليوم:

لا شك في أن المعارضة البرلمانية أمر حيوي وضروري، يعكس صحة الحياة السياسية في بلد ما؛ ولا خلاف في أن دور النواب هو مساءلة الحكومة ومتابعتها لما فيه صالح ممثليهم؛ لكن أحيانا تتعقد العملية وتتحوّل لتفرض الاستغناء عن أحد الطرفين، من ذلك ما تعيش على وقعه الكويت منذ إقرار خطة لإجراء إصلاحات اقتصادية تتطلب بالأساس تقليص الدعم الذي تقدمه الحكومة إلى الشعب.

كانت هذه الخطة محل معارضة وخلافات بين أعضاء مجلس الأمة والحكومة، الأمر الذي أدّى إلى تطبيق المادة 102 من دستور البلاد لعام 1962، والتي تقضي بأن يحتكم الطرفان (مجلس الأمة والحكومة ممثلة في رئيس الوزراء) إلى الأمير الذي يمكن أن يحكم بإعفاء مجلس الوزراء من مهامه أو يطلب حل مجلس الأمة. وإذا ما حل المجلس وصوتت أغلبية المجلس الجديد على عدم التعاون مع نفس رئيس مجلس الوزراء، اعتبر معزولا وشكلت وزارة جديدة.

ونظرا إلى خصوصية المرحلة الراهنة وتعقيداتها السياسية والاقتصادية، رأى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بضرورة حل مجلس الأمة لفك الاشتباك بين النواب والحكومة. وجاء في المرسوم الأميري أن قرار الحل اتخذ “نظرا للظروف الإقليمية الدقيقة وما استجد منها من تطورات وما تقتضيه التحديات الأمنية وانعكاساتها المختلفة من ضرورة مواجهتها بقدر ما تحمله من مخاطر ومحاذير، الأمر الذي يفرض العودة إلى الشعب مصدر السلطات لاختيار ممثليه”.

وحتى لا تتعطل الحركة في الشارع السياسي وتفاديا لتفاقم الأزمة السياسية، تقضي المادة 107 من الدستور الكويتي بإجراء انتخابات لمجلس أمة جديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل؛ وهو ما ستعيش على وقعه الكويت، السبت، بعد حملة انتخابية غابت فيها البرامج مقابل حضور كبير لمعارضة برنامج الحكومة في ما يتعلق بخطة التوفير لتفادي مخلفات تراجع أسعار النفط على اقتصاد الكويت واستقرارها. ويحظى مجلس الأمة الكويتي الذي يضم 50 عضوا، بصلاحيات تشريعية ورقابية، كمساءلة رئيس الحكومة والوزراء وحجب الثقة عنهم بشكل انفرادي لا يشمل إسقاط الحكومة.

وتصدرت القضايا الشعبية المتعلقة بارتفاع الأسعار وتخفيض دعم السلع والخدمات الحكومية خطابات المرشحين من كل الاتجاهات والتيارات السياسية في معركة الانتخابات البرلمانية الكويتية التي ستجرى السبت المقبل. وقال هشام العوضي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالكويت، إن الخطاب السياسي الذي كان نخبويا في السابق تغيّر الآن في عصر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جذري وأصبح أكثر شعبوية وأكثر بساطة.

وأضاف “من أراد أن ينجح في عصر ثقافة النجومية وتويتر وإنستغرام فإن أمامه خلطة خاصة لا بد من الالتزام بها: يجب أن يكون بسيطا جدا، ويكون عاما جدا ويبحث عن كل ما يمكن أن يثير الجدل، حتى يكسب خطابه شيئا من الجاذبية”، مشيرا إلى أن “الانتخابات هي موسم الخطابات الشعبوية”. واعتبر العوضي أن تركيز تكتلات المعارضة في دورة البرلمان المقبلة سينصب على الدور الرقابي وانتقاد الحكومة وليس التشريعي “وأن تجعل الحياة صعبة على من يريد أن يشرع قوانين غير شعبية، على أمل أن يأتي هذا الضغط بالحكومة والمجلس إلى كلمة سواء”.



أزمات متكررة

صدر أول قرار لحل مجلس الأمة الكويتي سنة 1976، بعد أن استقالت الحكومة نتيجة خلاف نشب بينها وبين مجلس الأمة وفقدان التعاون بين السلطتين؛ ثم تكرر المشهد سنة 1986، وسنة 1999. وتحول مشهد حل مجلس الأمة في الكويت إلى عادة سنوية تقريبا، حيث عاش الكويتيون نفس سيناريو الحل سنة -2006 2008 2009- 2011- 2012- 2013، وصولا إلى القرار الصادر في 16 أكتوبر 2016.

وتقريبا، كانت الأزمات تتمحور حول تعديلات دستورية وانتخابية وخلافات سياسية في وجهات النظر بخصوص بعض القوانين وحدود السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية؛ لكن أزمة 2016، والانتخابات المبكرة التي أفضت إليها، (السابعة التي تنظمها البلاد خلال عشرة أعوام)، تحمل سمات مختلفة، بدءا من تنفيذ قاعدة الصوت الواحد، التي كانت محل خلاف وتسببت في مقاطعة البعض من المعارضين لانتخابات سابقة، وصولا إلى حالة الاستقطاب واستغلال الوضع لتنفيذ أجندات خاصة يحذر مراقبون منها، في ظل الوضع الإقليمي المضطرب واللعب على تأجيج الطائفية واستغلال بعض الأزمات الخامدة. وفي حالة الكويت تركز التحذيرات على خطر استغلال البعض لورقة الشيعة الكويتيين وأيضا قضية البدون، وإن لم يسجل لهما حضور في الحملات الانتخابية، باعتبار أن معارضة مجلس النواب المنحل وسياسة التقشف يشكلان ورقة جاذبة للأصوات.

وقاطعت غالبية الأطراف المعارضة دورتي ديسمبر 2012 ويوليو 2013، احتجاجا على تعديل الحكومة النظام الانتخابي من جانب واحد، إلا أن الأطراف المعارضة قررت المشاركة في هذه الدورة، وترشح 30 من المعارضين، بينهم العديد من النواب السابقين، إضافة إلى سياسيين متحالفين معهم. ومن أبرز المرشحين الذين ينتظر أن ترتفع أصواتهم في البرلمان الجديد، النائب السابق وليد الطبطبائي، الذي أعلن أن “كتلة الأغلبية المعارضة عدلت عن المقاطعة، وقررت رسميا المشاركة في الانتخابات التشريعية وبقوة، لأسباب تتعلق بالوطن والمواطن”.

وقد أثارت حملة الطبطبائي بعض الجدل، فيما قال عنها صالح النفيسي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا، إنها “أظهرت عدم وجود استراتيجية متماسكة في صفوف المعارضة الكويتية، وتهدد بإشعال التوترات الطائفية بين السكان من السنة والشيعة في الكويت، الذين يعيشون مع بعضهم في سلام”. وأضاف أن “المعارضة تعيش اليوم نوعا من التشرذم؛ فوراء تشرذمها وعدم وجود قيادة، ليس هناك أجندة واضحة لما تريد تحقيقه”.

ويطرح متابعون للشأن الكويتي الإشكالية التي تنطوي عليها الانتخابات المرتقبة على النحو التالي: إلى أي حدّ يمكن لصناديق الاقتراع أن تفرز برلمانا يكون أكثر وفاقا مع الحكومة من البرلمان الذي حلّ مؤخرا، لضمان قدر أكبر من الاستقرار السياسي في البلاد. ويجيب البعض، بأنّ انتخاب برلمان جديد بحدّ ذاته يحدّ من التوتر لأنّ النواب لن يكونوا مضطرّين للمبالغة في مسايرة المطالب الشعبية على حساب البرامج والمخططات الحكومية لأنّهم لن يكونوا بانتظار انتخابات وشيكة وتحت ضغط الحاجة لكسب الأصوات الانتخابية والخشية من خسارتها.

ومن مفارقات الانتخابات أنّ إجراءات التقشف لا تشملها، إذ يحرص المرشحون على خوض حملات “باذخة” واستضافة الناخبين في خيم مجهزة تقام فيها موائد ترافق خطابات لا تخلو من الحدة. ويبدو ذلك أمرا مقصودا للتغطية بالمظاهر المادية على غياب البرامج الانتخابية، أو على الأقل تشابه أفكار المرشحين مع أفكار منافسيهم على مقاعد مجلس الأمة. وينفق المرشحون الملايين من الدولارات على حملاتهم، كما يتهمهم ناشطون ومحللون سياسيون، بأن جزءا من هذه النفقات يؤول أحيانا إلى “شراء الأصوات”.



لا للمساس بنظام الرعاية الاجتماعية

 

* حراك سياسي

في العام 1962، كانت الكويت أولى الدول الخليجية التي تقر دستورا نص على انتخاب برلمان يضم خمسين عضوا لولاية مدتها أربع سنوات. وفي 1963، حظيت الكويت بأول برلمان منتخب في دولة خليجية. وبقي حق الاقتراع والترشح مقتصرا على الذكور لعقود، إلى أن أقرّ حق المرأة بذلك في العام 2005. وشاركت الكويتيات في العام اللاحق بالانتخابات ترشحا واقتراعا.

ويحظر القانون تشكيل الأحزاب، لكن العديد من التيارات السياسية تنشط وفرضت نفسها بحكم الأمر الواقع. وبعد مقاطعتها الانتخابات في العامين 2012 و2013، قررت أطراف معارضة عدة منها الحركة الإسلامية الدستورية التي ينظر إليها على أنها مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، المشاركة في الدورة الانتخابية المقررة السبت.

ومنذ منتصف العام 2006 وحتى 2013، وخصوصا في أعقاب اندلاع الاحتجاجات في دول عربية عدة في 2011، شهدت الكويت سلسلة من الاضطرابات السياسية شملت استقالة حكومات عدة وحلّ مجلس الأمة ست مرات. واتخذ الأمير صباح الأحمد الصباح الذي يحكم البلاد منذ 2006، قرارا الشهر الماضي بحل مجلس الأمة، للمرة السابعة، إثر تباينات بين البرلمان والحكومة على خلفية قرار هذه الأخيرة رفع أسعار مشتقات نفطية.

* أوضاع اقتصادية ضاغطة

الكويت دولة صغيرة المساحة (17,818 كلم مربعا)، لكنها تتمتع بواحد من أعلى مستويات الدخل الفردي في العالم (28,500 دولارا) بحسب صندوق النقد الدولي سنة 2015. وحتى اكتشاف النفط في الثلاثينات، كان اقتصاد الكويت يعتمد على صيد اللؤلؤ والتجارة. ونالت الكويت استقلالها عن بريطانيا في العام 1961. وفي الثاني من أغسطس 1990، اجتاح الجيش العراقي الكويت واحتلها إلى حين إخراجه منها عبر تحالف عسكري دولي تقوده الولايات المتحدة في 26 فبراير 1991.

وفي يوليو من العام نفسه، استأنفت الكويت العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تصدير النفط الخام بعدما تمكنت من إصلاح المنشآت التي تضررت من الحرب وحفر آبار جديدة. ولا يزال النفط يعدّ المورد الرئيسي لخزينة الدولة، ويبلغ إنتاجه زهاء ثلاثة ملايين برميل يوميا. كما يقدر احتياطها بحوالي سبعة بالمئة من مجمل الاحتياط العالمي. وفي ظل تراجع أسعار النفط، أعلنت الكويت في السنة المالية 2016/2015 تسجيل عجز للمرة الأولى منذ 16 عاما، بلغ 15 مليار دولار. واتخذت الحكومة إجراءات تقشف شملت رفع أسعار مشتقات نفطية بنسب وصلت إلى 80 بالمئة، كما تعتزم رفع أسعار الكهرباء والمياه للمقيمين للمرة الأولى منذ 50 عاما. وفي منتصف 2016، باتت الكويت أول بلد خليجي يفرض حدا أدنى لرواتب العمالة المنزلية.

* تحديات أمنية

تنعم الكويت بوضع أمني مستقر، إلا أنها تعرضت في 26 يونيو 2015 لأكثر الحوادث دموية في تاريخها، إذ قتل 26 شخصا على الأقل عندما فجر انتحاري نفسه في مسجد يؤمه الشيعة في العاصمة. وكان التفجير أول هجوم يتبناه تنظيم الدولة الإسلامية في الكويت. وانعكس توتر العلاقات بين إيران ودول الخليج على الوضع في الكويت، حيث يتبع المذهب الشيعي عدد من مواطنيها يقدر بـ1,3 مليون شخص (يبلغ إجمالي عدد السكان في البلاد 4,4 ملايين شخص). وفي يناير 2016، استدعت الكويت سفيرها من طهران في ظل تضامن دول خليجية مع السعودية إثر قطعها العلاقات مع إيران. وفي الشهر نفسه، حكم القضاء بإعدام اثنين من الشيعة (كويتي وإيراني)، ضمن مجموعة أدينت بالتخابر لصالح حزب الله اللبناني.

قبل أن تدخل البلاد مرحلة الصمت الانتخابي، (اليوم الجمعة)، علت أصوات المرشحين متحدثة بلسان حال الناخبين الكويتيين، الذين لم يستوعبوا فكرة أنهم سيدفعون أكثر مقابل الحصول على البنزين والطعام والسكن والتعليم والدواء، وغير ذلك من امتيازات نظام الرعاية الاجتماعية التي كانت الدولة تتكفل بها، الأمر الذي يدفع بالبعض من المتابعين إلى القول إن تنفيذ سياسة التقشف لا يحتاج إلى سلطة تشريعية داعمة بقدر ما يحتاج إلى حملة لتغيير عقلية الاتكال على الدولة المترسخة في طبع المواطن الكويتي.

وعُرفت الكويت، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بتقديم امتيازات واسعة وسخية لمواطنيها والمقيمين فيها من الأجانب. وأتت خطوات التقشف لتمثل تغييرا بعد عقود من الدعم الحكومي وضمن خطة شاملة تتعهد باتخاذ إجراءات إضافية مماثلة. ويقوم عدد من دول الخليج النفطية بتخفيض الدعم عن الوقود والخدمات العامة والمواد الغذائية وكذلك تجميد أو إبطاء نمو مرتبات القطاع العام في محاولة للحد من العجز الكبير في الميزانيات العامة الناتج عن انخفاض أسعار النفط. ولقد اتخذت كل من السعودية والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان مثل هذه الخطوات خلال الأشهر الماضية، لكن الكويت، التي تمتلك سادس أكبر احتياطي من النفط في العالم، كانت أبطأ في السير في اتجاه الإصلاح الاقتصادي.

وتحاول الحكومة منذ بداية هبوط أسعار النفط قبل نحو سنتين إجراء إصلاحات اقتصادية تقول إنها ضرورية بالتشاور مع صندوق النقد الدولي. وفي مارس الماضي قال وزير المالية الكويتي أنس الصالح إن مجلس الوزراء أقر خطة للإصلاح الاقتصادي والمالي تتضمن فرض ضرائب بنسبة عشرة بالمئة على أرباح الشركات وإعادة تسعير بعض السلع والخدمات العامة وكذلك إعادة تسعير استغلال أراضي الدولة، التي تعتمد على إيرادات النفط في تمويل أكثر من 90 بالمئة من ميزانيتها العامة.

وحصلت الحكومة في يونيو على موافقة البرلمان على الخطة التي أعلنتها لإصلاح أوضاع الاقتصاد على المدى المتوسط وعرفت بوثيقة الإصلاح الاقتصادي وتهدف إلى إصلاح الميزانية العامة وإعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص وتفعيل مشاركة المواطنين في تملك المشروعات العامة وإصلاح سوق العمل. لكن، هذه الموافقة البرلمانية، وجدت معارضة من قبل نواب، قال متابعون، إن سببها الخفي كان محاولة للاستعداد للانتخابات البرلمانية، التي كان من المفترض أن تجرى السنة القادمة، لو لم يتم حل مجلس الأمة بصفة مبكرة، على خلفية هذه الأزمة التي افتعلوها.



الصعود على أكتاف انتقاد المجلس

يتهم المرشحون المعارضون نواب المجلس السابق بأنهم كانوا “مهادنين” للحكومة على حساب المواطن وسمحوا لها بتمرير سياستها التي يرون فيها مساسا غير ضروري بالمواطنين بينما سكتوا على ما يصفه المعارضون بأوجه “الهدر” في الكثير من جوانب الصرف الحكومي. وتعرض أعضاء البرلمان السابق ورئيسه مرزوق الغانم لهجوم شديد من المرشحين الذين اتهموهم بفشله في منع الحكومة من فرض إجراءات تقشفية. ورد الغانم على منتقديه مؤكدا أن البرلمان السابق نجح في تحقيق استقرار سياسي نسبي وأقر عددا غير مسبوق من القوانين وساعد على تحريك عجلة مشاريع التنمية.

وقال المرشح بادي حسيان الدوسري إن المجلس “لم يكن على قدر طموحات المواطنين، بسبب مهادنته للحكومة، وعدم ممارسة دوره الرقابي في محاسبتها”، وإن الحكومة نفسها “اتجهت نحو المواطن كي يدفع الفاتورة”، في إشارة إلى تعويض إيرادات النفط. وأضاف “نطمح في المرحلة المقبلة إلى وجود مجلس يقوم بمهامه كافة”. الخطاب ذاته تبناه المرشح محمد الدلال الذي قال إن تعاطي الحكومة مع عجز الميزانية يتسم بقدر كبير من “العمومية والضبابية وضياع الأولويات”، حيث بدأت بالضغط على المواطن لسد عجز الميزانية عن طريق تخفيض الدعم وزيادة الرسوم.

وأضاف أن الحكومة “لم تبدأ بالإجراءات الأكثر أهمية والمتعلقة بالهدر القائم في أجهزة الدولة وعدم إعادة هيكلة المشاريع التي تستنزف الكثير من أموال الدولة. إضافة إلى وجود الفساد في الكثير من مشاريع الدولة وضياع الأولويات كذلك في ما يتعلق بالقروض والمنح التي تقدم إلى الخارج على حساب ميزانية الدولة”.

وأكد الدلال أن “هناك مطالبات جادة من الكثير من أفراد الشعب والكثير من المرشحين -بل معظمهم إن لم نقل كلهم- بضرورة إعادة صياغة الوثيقة بالكامل. وأعتقد أن ذلك سيتحقق في المجلس القادم”. ويرى محللون أن مثل هذه الانتقادات الموجهة ضد المجلس السابق هي التي قد ترفع من حظوظ المعارضين. ويعتقد المحلل عايد المناع أن “عودة المعارضة هي أهم تطور في هذه الانتخابات”، مضيفا أنه “اعتمادا على نتائج المعارضة في الانتخابات فإن عودتها قد تؤدي إلى إطلاق مصالحة وطنية لتنهي سنوات من الخلافات الشديدة”.

وتترافق الانتخابات مع آمال متواضعة بأن تساهم في تحقيق الاستقرار السياسي المنشود. فقد شهدت الكويت منذ منتصف 2006، سلسلة من الأزمات الحادة، شملت حل مجلس الأمة خمس مرات من جانب الأمير ومرتين أخريين من جانب القضاء. ويرجح المحلل داهم القحطاني أن تنال المعارضة حوالي 15 مقعدا، إضافة إلى ثمانية مقاعد لمؤيدين لها، ما قد يمنحها كتلة وازنة. ويضيف “هذا سيجعل الحكومة ومؤيديها يتمتعون بأغلبية هشة ما يشكل سببا مهما في عدم الاستقرار السياسي”.



مصلحة البلاد أولا

طبقا للنظام المعمول به، سيكون رئيس الوزراء المقبل فردا من الأسرة الحاكمة يعينه الأمير، أيا تكن نتائج الانتخابات. وعادة يسمي رئيس الحكومة وزراء من خارج مجلس الأمة، إلا أنهم يصبحون أعضاء فيه يتمتعون تقريبا بالصلاحيات نفسها للأعضاء المنتخبين (50 عضوا)، ما يمنح الحكومة قدرة تصويت ذات ثقل. وبموجب الدستور، يجب ألا يتخطى عدد أعضاء الحكومة (بمن فيهم رئيسها) 16 شخصا، وان يكون بينهم عضو على الأقل من البرلمان.

ولا يخشى متابعون أن تؤدي عودة بعض المعارضين، الذين تقيدهم التوجهات الأيديولوجية، وبعض الذين، حصروا الأزمة في تصفية الحسابات مع رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم، إلى تعقيدات تعيق طريق الحكومة في تنفيذ سياسة التقشف، بقدر ما يخشون من توترات الأوضاع بعد الانتخابات، وفي حال تيقن الناخبين أن الكثير مما جادت به قريحة المرشحين بشأن سياسة التقشف لم يكن سوى جوكر انتخابي لجذب الأصوات، وأن الإصلاح الاقتصادي أمر لا بدّ منه.وفي حين يظل من المحتمل استمرار الجدل بين المعارضة والحكومة ضمن مناخ سياسي منفتح في الكويت، فإن الأوضاع الراهنة تفرض على كافة اللاعبين السياسيين تطوير استراتيجيات جديدة تنتهي كلها عند مصلحة البلاد.

علق هنا