لماذا نتذكّر ” 200″ الشهيلي؟

بغداد- العراق اليوم:



 بقلم:علي حسين

كان مُعلّم التنوير أسبينوزا يقول : ” التنوّع وحده يبني البلدان، لأنك بمفردك لا يمكن أن تكون كلّ شيء ” وأنا أعيد قراءة سيرة أسبينوزا، أمضي معها متسائلا عن أسباب فشلنا ونجاح سوانا، ولماذا نحن نتقدم قائمة الدول الأكثر فشلاً وفساداً وخراباً؟ والأهم لماذا يختار ساستنا “الأعزاء” السير على طريق الصومال وأفغانستان، ولا يقتربون ولو مرّة واحدة من تجارب سنغافورة والبرازيل وكوريا الجنوبية التي شاهدنا فيها كيف أنّ مواطناً صفع رئيس وزراء بلاده متّهماً إياه بالتقصير في حادث غرق العبّارة الذي راح ضحيته 138 شخصاً. لكنني، أنا المواطن العراقي الذي يعيش في بحبوحة “الشهرستاني”، وينتظر كلّ صباح، آخر ما تجود به قريحة إسكندر وتوت الأمنيّة التي كشفت لنا سراً خطيراً لم تكشفه معظم وكالات الاستخبارات العالمية وهو أنّ “أبو بكر البغدادي” يتنقل بين أميركا ودول العالم بطائرة أميركية خاصة،ترى كم فاجعة مرّت علينا منذ 14 عاماً واجهناها بالكذب وباختلاق القصص الوهميّة ، ثم ذهبنا لنقف طوابير من أجل المالكي والنجيفي وعلّاوي والحكيم والمطلك والفتلاوي وأضفنا لهم ” مؤسِّس المدنيّة العراقيّة ” جمال الكربولي؟..

منذ سنين ونحن نعيش مسرحية قانون “العفو ” الذي عُدِّلَ ثم ّ عُدّلَ ثمّ عُدِّلَ، ثم وجدنا الأبرياء لايزالون في السجون، وأنّ خروجهم يتطلّب دفع ” دفاتر خضراء “، في حين أدت التعديلات التي وضعها البرلمان إلى شمول الكثير من الفاسدين الذين صدرت بحقهم أحكامٌ قضائية ليتمتّعوا بمزايا العفو العام، بل إنّ مجلس النواب ” الموقّر ” أصرّ على أن تبقى أحكام قانون العقوبات الذي شُرِّع قبل أكثر من خمسين عاما نفسها ، ليجد المسؤول السارق نفسه مطالباً بأن يبحث مثل جواد الشهيلي عن عملة ” 200 ” دينار يدفعها غرامة عمّا سرقه من مليارات، أو يختار طريق ماجد النصراوي وصلاح عبد الرزاق وقبلهما فلاح السوداني وهيثم السامرائي ، وأعني به التمتُّع بما سرقوه في لندن وسيدني وأمستردام!

المسؤول السارق تمّ تدريبه وتوظيفه على أنّ الشعب مغفّل دائماً، فلا بأس أن نضحك عليه بصورة يبدو فيها النصراوي في آخر درجات التقوى، ويظهر فيها الشهيلي رافعاً إصبعه وهو يصرخ بأعلى صوته، فيما يخرج علينا صلاح عبد الرزاق ليخبرنا أنّ سبب خراب العراق هو تبرّج النساء! جميع ” الحراميّة ” يُدركون جيّداً أنّ البرلمان سيتعامل معهم بمنهج : لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلّم!

علق هنا