قانون "ادفع واخرج" يحرج القضاء.. والجيش يضع سلاحه في خدمة "الحرب على الفساد"

بغداد- العراق اليوم:

مع انشغال الأوساط الشعبية والإعلامية في العراق، بحملة رئيس الوزراء حيدر العبادي "المنتظرة" ضد الفساد والفاسدين، يطرح مراقبون أسئلة بشأن الأجهزة التي يمكن أن تعتمد عليها الحكومة في تنفيذ هذه الحملة.

ويرهن متابعون للشؤون السياسية في العراق، المستقبل السياسي للعبادي، بنجاح حملته ضد الفساد، التي يتحدث عنها منذ شهور، لكن ملامحها لم تتضح بعد.

وتبدي بعض مؤسسات الدولة حماسا واضحا للمشاركة في معركة العبادي ضد الفساد، في مقدمتها الجهاز القضائي.

وأقر المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى، عبد الستار البيرقدار، بأن قانون العفو العام أتاح لفاسدين الإفلات من العقاب.

وبالنسبة للمراقبين، فإن إقرار البيرقدار باستفادة فاسدين من العفو العام، يمثل انتقادا مبطنا لتشريع البرلمان هذا القانون، فيما يكشف عن إمكانية مضي المؤسسة القضائية نحو إجراءات أشد وقعا في ملف مكافحة الفساد، في حال أطلق العبادي معركة فعلية في هذا المجال.

وسجل الكشف عن دفع محافظ الأنبار السابق، صهيب الراوي، غرامة بنحو مليار ونصف المليار دينار، لقاء إغلاق ملف فساد مفتوح ضده، صدمة للرأي العام. ويقول مراقبون، إن "قانون إدفع واخرج، يحرج أعضاء السلك القضائي، ويفرغ مهمتهم المتعلقة بمعاقبة المجرمين، من مضمونها".

وتصطف هيئة النزاهة إلى جانب القضاء، في معركة الحرب على الفساد. وتحاول الهيئة أن تفعل ملفات كبيرة، لكنها تخشى إغضاب "مسؤولين متنفذين"، بحسب مصادر.

وإلى جانب الجهاز القضائي، وهيئة النزاهة، يمكن للعبادي أن يعتمد على ما يوصف بـ "الولاء المطلق" للدولة، الذي تعبر عنه أجهزة أمنية مهمة وكفوءة، في مقدمتها جهاز المخابرات، وجهاز مكافحة الإرهاب.

وتقول مصادر مطلعة إن جهاز المخابرات مثلاً، يضطلع بدور مؤثر في مجال متابعة المعلومات المتعلقة بشخصيات سياسية كبيرة، متهمة بالفساد.

وفي العامين الماضيين، تشيد أطراف سياسية عديدة بأداء جهازي المخابرات ومكافحة الارهاب، موضحة بأن المهنية تطبع أداء هذين الجهازين، "فالمخابرات ربما توفر معلومات مهمة، عن الأموال العراقية التي هربها مسؤولون وساسة إلى الخارج، طيلة الأعوام الماضية".

ويمثل الإسهام المؤثر لجهاز مكافحة الإرهاب، في الحرب على داعش، والنجاحات المتعددة التي ارتبطت باسمه قياداته، دليلا على ارتفاع أسهمه، لا سيما مع خضوعه التام لسلسلة القيادة وتقيده بالتوجيهات التي يتلقاها، ليتحول إلى موضع إشادة دولية.

ويعتقد مراقبون إن جهاز مكافحة الإرهاب، ربما يمثل رأس الحربة، في أي عمليات داخلية تستهدف اعتقال شخصيات متنفذة.

ويضيف مراقبون إلى هذه الأجهزة، المعونة التي تلقاها العبادي، على شكل خبراء دوليين في مجال التحاسب وملاحقة الأموال. وبالرغم من السرية التي أحيط بها عمل المراقبين الدوليين في العراق، إلا أن إشارات عديدة، تؤكد أنهم يقدمون خدمات مهمة للحكومة العراقية، في شؤون كشف حركة الأموال ومراقبتها.

ولكن التطور الأبرز في ملف الحرب على الفساد، جاء من إعلان أرفع قيادات الجيش العراقي، التزام المؤسسة العسكرية، "أمام مسؤولية وطنية كبيرة تجاه شعبنا العظيم في محاربة الفساد والحفاظ على المال العام".

وجاء هذا الإعلان على لسان رئيس أركان الجيش العراقي، عثمان الغانمي، الذي سلط الأضواء، على الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسة العسكرية في معركة الفساد.

وقال الغانمي، خلال مؤتمر رئاسة الجيش السنوي لعام 2017، بحضور أبرز قادة الجيش العراقي، ان "الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة".

وأشاد رئيس الاركان بـ "الدور الكبير للقائد العام للقوات المسلحة وتواجده في مقر قيادة العمليات المشتركة وميادين القتال"، معتبراً أن "هذا يجعلنا أمام مسؤولية وطنية كبيرة تجاه شعبنا في محاربة الفساد والحفاظ على المال العام".

وبحسب مراقبين فإن إعلان الغانمي "ربما يؤكد استعداد الجيش العراقي لوضع سلاحه في خدمة معركة الحرب على الفساد".

وتخشى أوساط سياسية وشعبية، أن تؤدي عمليات اعتقال شخصيات متنفذة إلى زعزعة الاستقرار الداخلي الهش. وبحسب مراقبين، فإن الجيش العراقي يمكن له ضمان "استقرار الأمن العام للبلاد"، لا سيما في ظل اقتراب الحرب على تنظيم داعش من نهايتها، وإمكانية تفرغ المؤسسة العسكرية لتأمين الوضع الداخلي.

علق هنا