ذو الوزارتين.. لا يهشُّ ولا ينشّ!

بغداد- العراق اليوم:

بقلم:عدنان حسين

يأخذني العجب وأستغرق في الاستغراب، كلّما قرأتُ أو سمعتُ كلاماً كهذا، يُدلي به عضو في الحكومة … وأي عضو؟! .. إنه هذا الوزير المعنيّ مباشرة بالقضية موضوع الكلام.

في بيان نقلته بعض وكالات الانباء المحلية أمس، دعا وزير الصناعة والمعادن بالوكالة محمد شياع السوداني ( وهو أيضاً وزير العمل والشؤون الاجتماعية بالأصالة) إلى “وقفة جادّة لدعم الصناعة الوطنية بكلّ قطاعاتها، العام والخاص والمختلط، للتصدّي للمحاولات والمؤامرات الخارجية والداخلية التي استهدفت إيقاف الصناعة الوطنية منذ عام 2003 كجزء من تدمير هذا البلد وإنعاش مصانع دول الجوار على حساب المصلحة الوطنية”.

مثل هذا الكلام المفروض أن نسمعه من صناعي أو تاجر، أو من صحافي مثلي، أمّا أن يكون قائله ذا وزارتين، يحتلّ مقعدين اثنين في الحكومة أحدهما مقعد الصناعة والثاني مقعد العمل والشؤون، فهنا مكمن العجب والغرابة… المتوقّع من وزير كالسيد السوداني أن يخلع سترته عند بدء كل اجتماع لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء، وأن يشمّر عن ساعديه ليخوض معركة حامية (سلمية بالطبع) في سبيل استصدار قرارات أو اقتراح قوانين من شأنها تحقيق ما يريده الوزير، خاصة أنّ الإرادة الوزارية تصبّ في صالح الاقتصاد الوطني ، وينتهي الى المساهمة في معالجة الخلل المزمن في الموازنات السنوية للدولة الواقعة رهينة للنفط غير الموثوق بوضعه في السوق الدولية.

السوداني قال أيضاً في بيانه إنّ “الأسواق العراقية مفتوحة أمام السلع والبضائع المستوردة ذات المواصفة والنوعية الرديئة والأسعار الرخيصة، وبالمقابل فإن هناك منتجات وطنية مصنّعة على وفق المعايير الدولية ومطابقة للمواصفات القياسية العراقية المعتمدة وتستخدم موادَّ أولية رصينة وما يترتّب على ذلك من كلف إضافية للإنتاج”.

في هذا البيان تتوافر كلّ المعطيات اللازمة لأن يتّخذ مجلس الوزراء في أول اجتماع له قراراً بوقف المستوردات المنافسة لسلعنا الصناعية أو الحدّ من تدفّقها إلى أسواقنا، خصوصاً أن سعلنا أفضل في نوعيتها من السلع المستوردة كما يؤكد الوزير السوداني في بيانه.

نعرف أنّ ثمّة تجّاراً، الكثير منهم يقف وراءهم ويشاركهم في “البيزنس” سياسيون نافذون وقوى سياسية وميليشيات ذات سطوة وإدارات عتبات، ينتهجون سياسة إغراق السوق العراقية بالسلع الرخيصة، الإيرانية والصينية، تحقيقاً للأرباح الفاحشة المترتّبة عن الكميات الكبيرة للسلع المستورة ذات النوعية الرديئة.

شكوى السيد السوداني، ذي الوزارتين، غير مفهومة .. فهل نفهم منها أنه قد طرح هذا الموضوع أكثر من مرة في اجتماعات مجلس الوزراء ولم تحصل الاستجابة لطلباته من المجلس أو من رئيسه؟ .. إذا كان الأمر كذلك فمن الواجب إعلان ذلك صراحة، ليس فقط لإحراج الحكومة ورئيسها وإنّما أيضاً للضغط عليها في سبيل الاستجابة لشكواه.. بل قد يتعيّن عليه تقديم استقالته، كما يحصل في سائر بلدان العالم، مادام غير قادر على أداء المهمة المنوطة به: إعادة الحياة إلى الصناعة الوطنية.

 

 

علق هنا