صحيفة أميركية: العراقيون في الحكومة وخارجها أفضل من يجيد المفاوضات السرية أو الخلفية ..

بغداد- العراق اليوم:

سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الضوء على كواليس وأسرار المفاوضات المعقدة بين بغداد وأربيل، بعد استفتاء الخامس والعشرين من أيلول الماضي، فيما نقلت توقعات بشأن إمكانية زيادة حدة الصراع بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، بعد اتهام الكرد للقوات الاتحادية بارتكاب انتهاكات خلال عملية إعادة الانتشار في 20% من الأراضي التي كانت تحت سيطرة قوات البيشمركة حتى منتصف الشهر الماضي.

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، ان مسؤولين كردا يتهمون القوات الاتحادية وفصائل الحشد الشعبي بارتكاب تجاوزات في المناطق التي سيطروا عليها بعد انسحاب البيشمركة، وفي المقابل يطالب نواب في البرلمان العراقي بإصدار أحكامٍ بالسجن على النواب الكرد الذين دعموا استفتاء الاستقلال الذي جرى في 25 من أيلول الماضي.

وأضاف التقرير أنه رغم تصاعد التوتر بين بغداد وأربيل، ظل القادة السياسيون يتبادلون المكالمات الهاتفية يوميا تقريباً، على أمل التوصُّل إلى حلول للمشكلات التي فاقمها الاستفتاء، وتهدئة الآلاف من القوات الاتحادية والكردية المحتشدة على مرمى بصرٍ من كليهما.

وافاد المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء، سعد الحديثي، بان "قنوات الحوار والاتصال بين أربيل وبغداد لم تُقطع"، فيما أكد ثلاثة مسؤولين منخرطين في المحادثات غير الرسمية انهم يناقشون ترتيبات مؤقتة تتعلق بأكثر القضايا إلحاحاً بالنسبة لكلا الطرفين، وهي السيطرة على معبرين حدوديين مع تركيا وسوريا، يمر منهما نحو خمس صادرات العراق.

وأشار تقرير الصحيفة إلى ان مباحثات القنوات الخلفية أسهمت في الحفاظ على تدفّق تجارة النفط والغذاء والسلع الاستهلاكية الحدودية مع تركيا وسوريا – إلى جانب المساعدات الإنسانية من العراق باتجاه سوريا – على مدار الأسبوعين الأخيرين، فإنَّها لا تزال بعيدة عن إحداث أي تقدم كبير.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين قولهم، إن "عادة العراق بإجراء المفاوضات الحساسة سراً، وفي كثير من الأحيان عبر أشخاص يتحركون تماماً خارج مناصبهم وأدوارهم الرسمية، يمكن أن تكون محيرة بالنسبة للغرباء عن السياسة العراقية". وأعلنت بغداد في 28 تشرين الأول الماضي، وقفا لإطلاق النار وجولة من المفاوضات بين القادة العسكريين العراقيين والكرد، وفي اليوم التالي انهارت المحادثات، وسط تصلّب من جانب الكرد بشأن توازن القوى الذي تبدل، وبحسب ما قاله القيادي في قوات البيشمركة، شيخ جعفر مصطفى، فان المفاوضات جمعت بين الأمن والسياسة، وأضاف ان "الطرف الذي يُمثِّله لم تكن لديه السلطة السياسية للموافقة على أي اتفاق مع العراقيين، كان علينا الحصول على موافقة سياسية على أي اتفاق، ولم يكن أي قرار سياسي سيأتي قريباً".

وتابعت الصحيفة بالقول انه في تلك المرحلة، زادت دبلوماسية الهاتف بين القادة أمثال نائب رئيس وزراء إقليم كردستان قوباد الطالباني، ومدير مكتب العبادي، ومدير المخابرات العراقية، حيث ساعدت تلك العلاقات في الحيلولة دون أي صدامات جديدة قرب الحدود، على الرغم من حشد القوات العراقية، وساعد في إبقاء الممر التجاري مفتوحاً وعلى استمرار تدفق صادرات النفط، وإن كان بمعدل أقل، وفقا لمسؤولين أتراك وعراقيين.

واوضحت "نيويورك تايمز" أن "كافة الفصائل في بغداد أو كردستان لا تدعم خفض التصعيد أو اتفاق بشأن الحدود، ومنهم ساسة عراقيون شيعة مقربون من قوات الحشد الشعبي، التنظيم شبه العسكري الذي يتألَّف من عشرات الميليشيات والذي اعترفت به الحكومة العراقية في 2014 باعتباره قوة مساعدة لمحاربة داعش".

كما أكد القيادي في قوات البيشمركة منصور بارزاني، نجل مسعود بارزاني، والذي يقود قوات نخبة كردية أمنية تدافع عن سلسلة تلال تقع بين وحدة مدفعية عراقية ومعبر فيش خابور، الأسبوع الماضي، إنَّه سيفضل القتال حتى الموت على أن يسمح للقوات الاتحادية بالسيطرة على المعبر، لكن ابن عمه، رئيس حكومة كردستان، نيجيرفان بارزاني، يدعم التوصل إلى "اتفاق تفاوضي".

وقال المتحدث باسم حكومة الإقليم سفين دزئي، إنه "بطبيعة الحال، حين يكون هناك توتُّر في الميدان وتحدث مواجهات عسكرية، تكون هناك حاجة لنزع فتيل تلك التوتُّرات. وقد حافظ رئيس حكومة الإقليم، عبر قنواتٍ عدة، على اتصالاتٍ كتلك مع الحكومة الاتحادية"، مضيفاً أنَّ المحادثات "ساعدت على خلق مزيد من التفاهم وبناء الثقة".

وسلطت الصحيفة الضوء على ما يحدث في ثاني أكبر المدن الكردية، السليمانية، حيث يستمر أقارب الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، الذي توفي الشهر الماضي، في خلافاتهم حول السيطرة على حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والقوات الأمنية الموالية للحزب، وقد أدَّت هذه الانقسامات بالفعل إلى إحباط محاولة لتفادي صراعٍ عسكري بين بغداد والكرد، بحسب الصحيفة.

وأضافت أن نجل طالباني بافل، اقترح خطةً تسيطر بموجبها قوات من التحالف الأميركي ضد داعش على قاعدة عسكرية كبيرة قرب مدينة كركوك الغنية بالنفط، إلى جانب القوات الاتحادية والقوات الكردية الموالية لحزب أبيه، حيث أفاد بان "اتفاق القاعدة كان من شأنه أن يمنح العبادي انتصاراً سياسياً في خضم الحماسة القومية في بغداد، بالإضافة إلى السماح للكرد بالحفاظ على موطئ قدمٍ في ما يراه الكثير من القادة جزءاً ضرورياً من أجل خطط استقلالهم"، حسب تعبيره. وأشارت الصحيفة إلى ان أحد مساعدي رئيس الوزراء حيدر العبادي، ودبلوماسيين غربيين أكدوا اقتراح هذا الاتفاق، حيث منح العبادي بافل طالباني حتى 16 تشرين الأول 2017 للحصول على ضوء أخضر من القيادة الكردية لتنفيذ الخطة، وإلا فإنه سيشن عملية عسكرية للسيطرة على المنطقة من قبضة الكرد، وأوضح بافل، انه "لم يتمكّن من الوصول إلى توافق داخل حزب أبيه السياسي والحزب الحاكم في الإقليم، الذي تسيطر عليه عائلة بارزاني"، ومع تجاوز الموعد، أمر العبادي القوات الاتحادية بدخول كركوك، ثم التوجه أبعد شمالا إلى الحدود التركية.

علق هنا