حلم مسعود وغطرسته يسقطان معًا في اول نفخة عراقية باتجاه (دولة) كردستان الكارتونية !

بغداد- العراق اليوم:

هناك مقولة متداولة وشائعة بين الاوساط السياسية والتاريخية العراقية، تشير الى ان مصرع الحركة الكردية العراقية ومقتلها دومًا هو في حالة الغرور والعنجهية التي سرعان ما تحلق بالقادة السياسيين الاكراد الى فضاءات شاهقة متخيلة، لكنها سرعان ما تتهاوى مع اول اصطدام بصخرة الواقع الصلد.

هل هناك ادل على صحة هذه المقولة، مما جرى اليوم الذي سيخلده التاريخ العراقي، حيث دقت ساعة المواجهة الكبرى مع الانفصاليين الذين غالوا اكثر منا ينبغي، وتجاوزوا حين ظنوا الحكمة ضعفًا، وتمادوا حين توهموا الصبر جبنًا، واستفزوا بغداد حين ظنوها لم تعد قادرة على فرض قوتها، وتمشية ارادتها المدعومة بشرعية القانون وقوة الشعب.

نعم، لم يك مسعود مدركًا لما حوله من معطيات، ولم يعرف ان الزمن تغير  كثيرًا، وان زمن الانكسارات والهزائم غادره العراقيون الى الأبد، وهذا هو عصر الانتصارات وفرض ارادة السلام بقوة الحق والمنطق.

اخطأ مسعود كعادته في تقدير الموقف، وحساب الواقع، وقراءة المشهد بدقة، خصوصاً بعد ان اجرى استفتاءه ، وبعد ان مرت العملية بسلام دون ان تخدشها اطلاقة منع واحدة من قبل الحكومة المركزية، أي ليس مثلما حصل في اقليم كتلونيا، حيث منعت حكومة اسبانيا اجراء الاستفتاء بالرصاص، والهراوات والدم المباح، وقد زاد مسعود غروراً حين كان العقلاء والوسطاء يحاولون اسماعه صوت الحكمة، وثنيه عن غيه، فكان غروره أشد وقد وصل به الاستبداد والعنجهية حداً لا رجاء فيه، فرد على ناصحيه ومحذريه من خطورة المضي بهذا المسار بالقول : سأمضي بمشروعي للنهاية، وان فشلت فقولوا عني مجنون!.

هكذا ببساطة يقود مسعود الناس الى حتفهم، ويريد زجهم في اتون حرب اهلية مدمرة، كان العراقيون قبل ان يعي هو ابجدية السياسة والحقوق والدولة، قد تجاوزوها حين افتت المرجعية الدينية في النجف في ستينات القرن الماضي بحرمة سفك الدم الكردي، وحرمة الاقتتال العراقي - العراقي.

هكذا هم الطغاة، لا يقرأون التاريخ، ولا يسمحون لعظة ما، او ناصح ان يقول لهم ان الطريق الذي يسلكونه سيقودهم الى حتفهم، وسيقود من  يتبعونهم الى حتفهم ايضًا.

لم يسمع مسعود كل هذا، بل واصر بعناد غريب على اعلان دولته المزعومة، وهو للتو قد رأى كيف مسح العراقيون بكافة تنوعاتهم، الأرض بدولة الخلافة، وجعلوا اتباعها شراذمًا تلتهمها الصحارى والقفار.

وحين وجدت بغداد ان لا مناص من اعادة هذا الرجل الى الجادة، وحين عزمت على اعادة الامور الى نصابها قبل ان يحرق هذا المجنون شعبه - كما يصف هو نفسه -، كأي ارعن، فكانت الضربة الخاطفة التي افقدته قواه، وادارت له رأسه الذي ولاه شطر تل ابيب ليفيق على صوت سرف المدرعات العراقية، وهدير محركات الدبابات ذات اللون الجميل، وهي تدخل كركوك رافعة اعلام العراق الواحد، وتدوس زناجليها على احلام مسعود الكارتونية .

ما حدث في هذا اليوم التشريني الرائع، لم يك انتصارًا لبغداد على اربيل، ولا فرض ارادة عربي على كردي، ابدًا، بل كانت اللحظة التي اُستعيدت فيها الدولة العراقية، واُستعيد فيها الاجماع الوطني على ضرورة التعايش، ونبذ المشاريع الخارجية، والطموحات الشخصية المرضية التي من فرط انانيتها تريد ان تفرط بشعب طيب مثل الشعب الكردي، وتدفعه الى محرقة الحرب الأهلية.

ما صنعته ارادة التعايش اليوم في كركوك، هي ريح عراقية هادرة، نفخت بل وكنست احلام الوهم، واطفأت نار الفتنة التي اريد لها ان تنهي مستقبل البلاد برمتها.

علق هنا