كردستان تدخل عصر العقوبات اليوم... ووفود من أربيل للخارج

بغداد- العراق اليوم:

تدخل العقوبات المفروضة على إقليم كردستان، اليوم الجمعة، حيّز التنفيذ، في ظلّ استعداد بغداد للإعلان رسمياً عن حظر جوي على الإقليم، في حال لم تُسلّم المنافذ والمطارات فيه لبغداد. كما وافقت حكومة الإقليم على وجود مراقبين عراقيين في مطاري الإقليم الدوليين، أربيل والسليمانية، وأعلن مطار أربيل تعليق جميع الرحلات الدولية من المطار وإليه، اعتباراً من مساء اليوم، الجمعة، غداة قرار في هذا الصدد من الحكومة العراقية. وبموازاة ذلك، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، عن اتفاقه مع نظيره التركي بن علي يلدريم، على "التعاون والتنسيق الكامل" بين البلدين، في شأن بسط سلطات بغداد على المنافذ البرية والجوية في إقليم كردستان العراق، وذلك خلال اتصال هاتفي بينهما. وأعلن يلدريم أن "العراق وتركيا وإيران قد يعقدان اجتماعاً ثلاثياً في هذا الصدد". في المقابل، ردّت أربيل برفض إجراءات بغداد وأنقرة وطهران، ووضع الإقليم خطة اقتصادية لمواجهة التحديات التي قد تفرضها الأزمة بالتعاون مع القطاع الخاص، وأرسلت وفود عدة لدول عربية وإقليمية وغربية. كما تمّ إبلاغ الكتل الكردية بأن الأزمة الحالية متوقعة وقد تطول ما بين عامين إلى ثلاثة.

وكانت قد دخلت بعض العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الحكومة العراقية في بغداد ضد إقليم كردستان حيز التنفيذ، مع إقرار البنك المركزي العراقي منع جميع أشكال المعاملات المالية بالعملة الصعبة مع كردستان، كما تم منع البنوك والمصارف والشركات المالية من تحويل الدولار إلى مدن الإقليم الثلاث (أربيل، دهوك، السليمانية). ووفقاً لخبراء اقتصاد عراقيين ومراقبين، فإن "وقف تدفق العملة الصعبة من البنك المركزي والبنوك العراقية، سيظهر بشكل واضح بعد 24 ساعة فقط". وبحسبهم أيضاً، فإن "حظر الرحلات الجوية في الإقليم، يتسبب أيضاً في حدوث خسائر كبيرة في قطاع النقل والسياحة. وتُقدّر الخسائر بنحو 250 ألف دولار. ونحو 6 آلاف عامل في قطاع النقل الجوي سيخسرون وظائفهم".

في المقابل، أكد أحد قياديي حركة التغيير الكردية إصابة الإقليم بالشلل، وقال إن "إقليم كردستان يواجه شللاً عاماً في مفاصل الحياة كلها، والحكومة التي اتخذت قرار الاستفتاء لم توفر الظرف المناسب له من أجل التغلب على عقوباته". وبيّن أن "البارزاني بدأ بمتابعة خطة الإقليم لمواجهة العقوبات بشكل غير معلن، وقد كلّف لجاناً خاصة بمتابعة ملف العقوبات، وإرسال تقارير يومية".

وكان قائمقام محافظة أربيل، نبز عبد الحميد، قد أعلن، في وقت سابق، عن "خطة وضعت تحسباً لأي طارئ قبل إجراء الاستفتاء". وأضاف، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "عقدنا اجتماعاً مع تجار الإقليم، ولدينا خطة مسبقة، كما أنّ المواد الموجودة في المخازن تكفي لأكثر من ستة أشهر، ناهيك عن أنّ الإنتاج المحلي في الإقليم قادر على سد الحاجة اليومية".

من جهته، كشف القيادي في الحزب الديمقراطي، سعيد سنجاري، "، عن "بدء أربيل إجراءات عدة للرد على عقوبات التحالف الثلاثي بين العراق وتركيا وإيران ضد الأكراد، من بينها تسمية ستة وفود لمغادرة الإقليم إلى دول عربية وإقليمية وغربية خلال الساعات المقبلة، لشرح الموقف وتدويل قضية العقوبات التي فرضت على الإقليم بسبب ممارسة ديمقراطية نفذها الشعب". وأضاف أن "الإقليم وضع خطة اقتصادية كاملة لمواجهة أسوأ الظروف، من بينها الحصار الطويل، في حال تم الإقدام على إغلاق منافذ دخول المواد الغذائية وغيرها".

ولفت إلى أن "رئيس الإقليم عقد سلسلة اجتماعات مع قيادات كردية من السليمانية وأربيل ودهوك، لمناقشة ذلك مساء الخميس"، مشيراً إلى أن "أي تواصل لم يتم بين بغداد وأربيل منذ عشية الاستفتاء (25 سبتمبر/ أيلول الحالي)، إلا أن هناك حراكاً لسفراء الولايات المتحدة وبريطانيا في هذا الاتجاه".

من جانبه، أفاد كفاح محمود، المستشار الإعلامي لرئيس إقليم كردستان  المنتهية ولايته مسعود البارزاني، بأن "لا تراجع عن الاستفتاء ولا إلغاء لنتائجه، ولن يكون هناك تسليم لأي أراضٍ كردية"، لكنه أكد في الوقت نفسه "أن لا طريق إلا الحوار ولن ننجر لتصريحات عدائية على غرار بغداد". وأضاف أن "عملية الاستفتاء قانونية وسلمية وديمقراطية وكنا نتوقع ردة فعل بغداد هذه منذ البداية، وخلال الأيام الماضية، تصرفت بغداد بشكل غير منطقي وكنا نأمل أن يذعنوا للمنطق والواقع".

في هذه الأثناء، أفاد عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، محمد العبد ربه، بأن "بغداد تفضل الحوار بالتأكيد، لكن لا حوار بناء على ما يريدون من اعتماد نتائج الاستفتاء. فالاستفتاء هذا غير شرعي ولا نعتبر أنه موجود أصلاً، والحوار يكون ضمن سقف الوطن الواحد ولا شيء غير ذلك".

 

من جهته، كشف عضو البرلمان، محمد العبيدي، عن "لقاء مرتقب بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ونظيره التركي بن علي يلدريم خلال أيام، لبحث الأزمة والتنسيق أكثر بخصوص ملفات عدة، من بينها فتح معبر ثانٍ بين العراق وتركيا عبر طريق الموصل وكذلك ملف النفط العراقي المصدر لتركيا"

بدوره، شنّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، هجوماً حاداً على البارزاني، وعلى الولايات المتحدة لعدم تسليمها الداعية فتح الله غولن، زعيم "حركة الخدمة" المتهمة بإدارة المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2015، وذلك قبل ساعات من زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى أنقرة.

وفي كلمة ألقاها في احتفال تخريج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة، قال أردوغان إن "ما يحدث في شمال العراق أمر مؤسف، ولكنه ليس بالأمر الذي لا يمكن التغلب عليه. لقد بدأت إدارة شمال العراق مبادرة للانفصال من دون أي معنى، كمن يريد أن يلقي بنفسه وسط النار"، مضيفاً أن "إدارة الدولة لا يمكن أن تتم عبر رئيس عشيرة".

وتابع أردوغان: "هذه المغامرة التي أصروا عليها لا يمكن أن تنتهي إلا بالخسارة. اليوم قرأت في إحدى الصحف أن أحد مسؤولي إقليم شمال العراق يقول إنه لا علم لهم بوجود علم إسرائيل. في الماضي كانوا في حالة تعاون مع الموساد، والآن عاد وتضاعف هذا التعاون".

وشدّد على أنه "كلما قامت أنقرة بإفشال واحدة من خطط تقسيم المنطقة، قاموا بإنتاج سيناريو آخر"، في إشارة إلى إفشال عملية "درع الفرات" ومحاولات "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) للسيطرة على كامل الشمال السوري بدعم من الولايات المتحدة. وأضاف أردوغان أن "الحوادث التي نعيشها في كل من سورية والعراق، لا أراها منفصلة عن الحسابات التي يتم إجراؤها لتركيا، ولو كانت تركيا قد حققت لهم نياتهم، لكنا نتحدث الآن في المنطقة وبالذات في كل من سورية والعراق حول أمور أخرى، ولأننا خربنا ألاعيبهم يقومون باستمرار بإنتاج سيناريوهات جديدة ويضعونها قيد التنفيذ".

بدوره، قال يلدريم إن "أنقرة لا تتردد في الرد الحاسم والصريح على أي تهديد يمس أمننا القومي، سواء كان هذا التهديد من داخل حدود بلادنا أو خارجها"، مؤكداً أن "استفتاء الانفصال لا يجلب السلام والاستقرار للمنطقة وهو بحكم الباطل بالنسبة لتركيا".

في السياق، أكدت صحيفة "حرييت" التركية وقف القوات الخاصة التركية لعمليات التدريب التي كانت تقوم بها لمصلحة قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق في عدد من المواقع. وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، قد أكد، في 25 سبتمبر الحالي، أن "تركيا قد توقف برنامج تدريب قوات البشمركة"، مشيراً إلى أنه "استفاد من هذا البرنامج حوالي 10 آلاف عنصر، تدربوا على القتال في الأماكن المأهولة بالسكان، والتدخل ضد المفخخات، واستخدام الأسلحة المضادة للدبابات وكذلك السلاح الثقيل والمدفعية وكذلك على عمليات المراقبة وتقديم الإسعافات الأولية".

علق هنا