بغداد- العراق اليوم: على بُعد 70 كيلومترا فقط إلى الجنوب من مدينة كركوك، تقع بلدة الزاب، التي حررتها القوات العراقية، مطلع الأسبوع الجاري، من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي، بعد معارك عنيفة استمرت عدة أيام، تمكّن على إثرها الجيش من دخولها بدعم من طائرات التحالف الدولي العاملة في ممظومة الحرب على الإرهاب. الداخل إلى البلدة التي يشق نهر الزاب طريقه بين منازلها، يجدها أقل ضرراً بفعل المعارك، مقارنة بالمدن الأخرى، حيث إن الدمار لا يتجاوز أكثر من 30 في المائة في المدينة، فالسوق ما زال عامراً بدكاكينه، إلا أن الأحياء السكنية القريبة منه تبدو وكأن زلزالاً ضربها، وهي الأكثر تضرراً.
"خلافة على منهاج النبوة"، شعارات "داعش" ويافطاته وقوانين الحسبة التي يصدرها معلقة على الجدران والمباني ما زالت شاخصة، بينما يسعى الجيش إلى إزالتها من كل مكان، إلا أنها كثيرة إلى درجة أن إزالتها تتطلب أياما عدة. بينما بدأ السكان في داخل المدينة بالاحتفال بتحررهم من خلال حلقٍ جماعي للّحى في الشوارع، تعبيراً منهم عن رفض أحكام "داعش". وأكد قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد جودت، أن "الشرطة الاتحادية والقوات المتجحفلة معها تمكنت من الدخول إلى بلدة الزاب، وقد عثرنا في البدء على مركز لتدريب عناصر داعش، ومبنى المكتب الإعلامي للتنظيم، ثم أكملنا مهام تحرير البلدة". علماً ان سكان البلدة لم يخرجوا وما زالوا فيها بعد إصدار الحكومة قراراً بإبقائهم في منازلهم وتقديم مساعدات لهم. من جهته، قال المقدم في الجيش العراقي، أحمد الجبوري"، إن "القوات الأمنية عثرت على الموقع الرئيسي لتنظيم داعش، وفيه جميع الإصدارات الإعلامية له ورسائل ووثائق مهمة تركها التنظيم"، مبيناً أن "الأضرار قليلة في البنى التحتية، وأن الأهالي لم يخرجوا وأبقيناهم ولم نسجل نزوحا كبيرا حسب تعليمات القيادة العسكرية، التي طالبت بإبقاء الأهالي في المناطق المحررة، والتي تستوجب الإخلاء نقوم بإخلائهم إلى مواقع أخرى". وأعلنت خلية الإعلام الحربي التابعة للجيش العراقي، أمس الأول، عن تحرير بلدة الزاب بشكل كامل، مؤكدة أيضاً مقتل أكثر من 500 عنصر من التنظيم خلال المعارك ذاتها مع 63 قرية مجاورة لها.
المواطنون يتحدثون : تحدث المواطن حامد عبيد، من سكان المدينة، قائلاً "إننا لم نغادر منازلنا، فالوضع أفضل الآن، لكن ينقصنا الماء والكهرباء، وهو حتماً أفضل من الخيام. مضيفاً"الحمد لله مدينتنا أقل تضرراً". أما الحاج ابو ابراهيم، فقد قال عن المقاتلين العراقيين: لقد رأيت جنودنا الالطال بأم عيني وهم يطاردون الدواعش من سارع الى شارع، وشاهدتهم كيف يقتحمون النار بصدورهم الفتية، واقسم بالله العظيم إني ما رأيت في حياتي هكذا شباباً مدهشين، إنهم فخرنا، وفخر الجندية العراقية. بينما يتحدث المعاون الطبي سمير جاسم من نفس الموقع قائلاً: لن أنسى مدى الحياة ذلك المقاتل العراقي وأظنه من الشرطة الإتحادية وقد أصيب في بده، ولم يتوقف عن التقدم نحو الدواعش رغم الدماء النازفة، وقد حاولت تضميد جراحه بما متوفر لدي في البيت من مستلزمات طبية بسيطة، لكنه رفض ، وغادرني مسرعاً نحو الأمام. ويكمل سمير حديثه، لا أخفي عليكم فقد شعرت بالفرح والحزن معاً، الفرح لان هذا المقاتل البطل عراقي مني ومن بلادي، وحزنت لاني لست مع هؤلاء الأبطال، ولا في صفوفهم اقاتل دفاعاً عن مدينتي، وبلدي. يعود تاريخ المدينة لأكثر من ألف عام، حيث ورد ذكرها في كتب حضارات العراق القديمة على أنها محطة استراحة لأحد الملوك الآشوريين. ويبلغ عدد سكان البلدة حالياً 56 ألف نسمة، ويعمل غالبية سكانها بمهنة الزراعة وتربية الماشية وصيد الأسماك، والبعض الآخر يعمل في المهن الحكومية، كالتعليم والمهن العسكرية كالجيش والشرطة والصحوات، وغالبية سكانها من العشائر العربية (الجبور – الجنابين - الجميلة – السبعاويين)، وفيها العديد من العشائر والمكونات التي اندمجت مع سكان المنطقة.
*
اضافة التعليق