الاستفتاء في كركوك، احتفالات واعتراضات وأياد على الزناد

بغداد- العراق اليوم:

بين مجموعة كردية تشكل غالبية سكان كركوك وأقليات مترددة أو رافضة للاستفتاء على استقلال كردستان، انتهى يوم الاقتراع في كركوك المتنازع عليها بين الحكومة العراقية المركزية والسلطات في كردستان العراق، بإعلان حظر تجول في المدينة.

وانتشرت القوى الأمنية في وسط كركوك والأحياء ذات الغالبية العربية والتركمانية التي شملها حظر التجول حصرا، لمنع أي احتكاك بين المحتفلين باستفتاء يريدونه مقدمة لتحقيق الحلم بدولة مستقلة في المستقبل وأقليات رافضة للانفصال عن بغداد.

وخلت شوارع هذه الأحياء من المارة والسيارات تماما بعد إعلان حظر التجول عصرا، فيما لم تكن مراكز الاقتراع قد أقفلت بعد.

وفي الأحياء الكردية الواقعة إلى الأطراف الشمالية لمدينة كركوك، كان المشهد مغايرا تماما، حيث تواصلت عملية الاقتراع حتى إقفال المراكز وعجت الشوارع بالسيارات والمواطنين المحتفلين على وقع الأغاني والطبول والمزامير.

وأضيئت السماء بالألعاب النارية وكان بعض المحتفلين يحملون أسلحتهم ويطلقون النار بشكل كثيف في الهواء ابتهاجا، بينما يجوب آخرون بسياراتهم الملونة بألوان العلم الكردي الشوارع رافعين الأعلام الكردستانية.

وبرر العقيد افراسيو قادر من شرطة كركوك قرار فرض حظر التجول الذي جاء بأمر من المحافظ بضرورة "ضبط الأمن ومراقبة الأوضاع وحماية مواطني كركوك"، مشيرا إلى أنه مستمر "حتى اشعار آخر".

وقال ضابط برتبة نقيب في القوى الأمنية، طالبا عدم كشف هويته "هذا إجراء احترازي. لدينا مخاوف من أن يقدم أحد المحتفلين على استفزازات في المناطق التي لم يشارك أهلها في عملية التصويت".

وحمل بعضهم لافتة كتب عليها "باي باي العراق" باللغة الكردية.

وكانت عملية الاقتراع بدأت بهدوء في الصباح، إثر ليلة طويلة من الاحتفالات قام بها الأكراد في المدينة. وما لبثت أن نشطت خلال النهار.

وشهدت الشوارع انتشارا أمنيا كثيفا لقوات الاسايش (قوى الأمن الكردية)، لا سيما عند أبواب مراكز الاقتراع إلى جانب قوى الشرطة المحلية التابعة لحكومة بغداد.

وفي مركز اقتراع أقيم في مدرسة المتوكل الابتدائية في وسط المدينة، شوهد ناخبون وناخبات يرتدون الزي الكردي التقليدي يدخلون بفرح واضح للإدلاء بأصواتهم.

وقالت ابتسام محمد بعد الادلاء بصوتها "صوت بكل شرف. لو كان لدي 20 إصبعا لكنت صوتت بالأصابع العشرين من أجل دولتي".

ورفعت إصبعها الذي بدا عليه الحبر الأزرق للتأكيد على أنها أدلت بصوتها. ووضع عدد من الناخبين وشاحا على أعناقهم بألوان علم كردستان.

وقال توانا عبدالدين (33 عاما) من قوات الاسايش "صوتت للدولة التي أريدها، لمستقبل أفضل، ولأمان أكثر"، مضيفا "كل شخص يتمنى أن يكون له وطن يعيش فيه بأمان".

وارتفعت من المآذن هتافات التكبير وكأنه يوم عيد.

رقص وزغاريد

وكانت كركوك انفجرت فرحا مساء الأحد بعد إعلان رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني المضي في استفتاء يثير غضب الحكومة الاتحادية في بغداد.

وبدأت السيارات تجوب وسط المدينة رافعة الأعلام الكردية ومطلقة أبواقها إيذانا بـ"فجر جديد"، كما قال مواطن كردي يدعى نوزاد حميد.

وقال حميد الذي لف نفسه بالعلم ذي الألوان الخضراء والبيضاء والحمراء وتتوسطه شمس، "هذه الشمس ستشرق غدا. غدا فجر جديد للأكراد ولكل أهالي كركوك وكردستان".

ووقفت فتيات على سيارة بيك آب بيضاء اللون لوّنن وجوههن بعلم كردستان يرقصن ويهللن ويطلقن الزغاريد.

ويتألف سكان المدينة من أكراد وتركمان أعلنوا رفضهم لإجراء الاستفتاء وعرب رافضين أيضا بغالبيتهم للاستفتاء.

ولا تشكل محافظة كركوك جزء من إقليم كردستان، لكن الأكراد يريدون ضمها اليه، الأمر الذي ترفضه الحكومة العراقية المركزية.

وكان محافظ كركوك نجم الدين كريم الذي أقاله البرلمان العراقي قبل أسبوعين ردا على تأييده للاستفتاء، عقد مؤتمرا صحافيا الأحد قال فيه "غدا هو اليوم الحاسم. أدعو جميع مواطني كركوك من التركمان والعرب والأكراد والكلدان والآشوريين والمسلمين والمسيحيين والسنة والشيعة إلى أن يتوجهوا لصناديق الاستفتاء ويصوتوا بنعم لاستقلال كردستان".

وصباح الاثنين، كان سامي عبدالرحمن (22 عاما) وهو طالب هندسة معمارية أحد الذين لبوا النداء.

وقال بعد خروجه من مركز الاقتراع "كنت انتظر هذا اليوم منذ ولدت. هذا عيد مولد جديد بالنسبة الي. أنا سعيد جدا".

وأضاف "جدتي لم تستطع الحضور لأنها مريضة جدا. قالت لي عليك أن تصوت بنعم لأن اعمامي استشهدوا من أجل هذا اليوم، فكيف أقول لا لاستقلال كردستان؟".

لكن من الواضح أن الاستفتاء لا يحظى بالإجماع في المدينة التي أطلق عليها يوما الرئيس العراقي السابق جلال طالباني اسم "قدس كردستان"، بسبب القلق من تداعيات سلبية محتملة لنتائج الاستفتاء ووسط تحذير البعض من أن يكون شرارة لانطلاق حرب أهلية.

وقال متين عبدالله اوجي وهو مدرس تركماني (42 عاما) "لم أشارك في التصويت لأنه يشعرني بأن هويتي وقوميتي ومكانتي وتراثي وتاريخي سيضيعون".

وقال خلف مجبل العبيدي (عربي 51 عاما) من جهته "العرب هم الحلقة الأضعف بين مكونات كركوك بسب احتلال مناطقهم من داعش وفقدانهم لجغرافيتهم أو وجود مواطنيهم في مخيمات النزوح".

وأضاف "نحن نحترم حق الأكراد بتقرير مصيرهم، لكننا نرفض أن تفرض إرادة مكون على حساب مكونات كركوك الأخرى".

علق هنا