الاستفتاء سيطيح بكل مكاسب الاكراد وتأجيله يطيح ببرزاني

بغداد- العراق اليوم:

لم يتصور حتى الاكراد انفسهم ان يقود العناد والعنجهية مسعود برزاني الى هذه اللحظة الحاسمة في تاريخه السياسي وزعامته الموروثة. حيث كان الاكراد يتوقعون ان ورقة الاستفتاء التي يلوح بها برزاني هي مجرد ورقة ضغط لابتزاز بغداد، لكسب المزيد من التنازلات، ومن ثم الركون الى الهدوء ما دام برزاني يحكم دولة كاملة، عدا الاعتراف الدولي فقط.

ويبدو ان برزاني وبغداد  لم يك يتوقعان ايضًا ان يصل الامر الى ما وصل اليه، فمسعود ظن ان بغداد اسهل مما اعتقد، وان التلويح لها فقط سيجبرها على الخضوع والخنوع امامه، لاسيما وهي تخوض حربًا، استنزفت الكثير من قوتها ومواردها. لذا فأنها ستقبل بأي شروط بارزانية لتخفيف الضغط عنها واستقطاب جبهة مسعود في ظل تنافس سياسي محموم، وسعي لافشال حكومة العبادي .

في المقابل كانت بغداد قد وصلت الى مرحلة لم يعد بيدها شيء اكثر مما منح للبرزاني، والاكراد، ولم تعد قادرة على الدفع بمزيد من التنازلات السيادية والاقتصادية لصالح الدولة الكردية الصامتة، كما ان العبادي لم يك ذلك الرجل الذي يخضع للمساومات والابتزاز بسرعة هائلة، حتى وان بدا منفتحًا، قابلًا للتفاوض، مبتعدًا عن لغة التصعيد. ويبدو ان برزاني لم يقرأ شخصية العبادي بما يكفي فوقع فيما وقع فيه .

ومع اقتراب الموعد المعلن للاستفتاء، كانت بغداد صامتة، لم تحرك ساكنًا، حتى استفز هذا مسعودًا الذي بادر هو للاستفزاز، حين بدأ يتجاوز كل الخطوط الحمراء، وصار ينتقل لنواحي واقضية محافظات بعيدة عن اقليمه، كمحاولاته ضم مندلي وغيرها بالقوة للاستفتاء، الامر الذي اثار الرأي العام ضده، وتحركت كل الاطراف ضد هذه التحركات، فكانت اللحظة المناسبة للحكومة الاتحادية حين اثبتت بالواقع نوايا برزاني التوسعية الانفصالية، ولم يعد الرجل يخفي وجهه القبيح ونواياه المبيتة للعراق واهله .

ومع تزايد الصغوط الدولية والاقليمية على برزاني وبغداد، كانت بغداد الطرف الاكثر وضوحًا في الرد، فلا تنازلات جديدة، ولا قبول بأي اجراء غير دستوري، ولا قبول بفرض الامر الواقع، ولا تأجيل للاستفتاء بل الغائه لانه غير دستوري، هذه المواقف ضيقت الانشوطة على رقبة مسعود التي  لم تعد رقبته تتحمل كل الضغوط الدولية والاقليمية، وحاول جاهدًا ان ينتزع من بغداد تنازلًا واحدًا لحفظ ماء وجهه ولم يستطع الى هذه اللحظة.

ان  اجبار مسعود على التراجع بهذه القوة الناعمة دون اللجوء الى خيارات اخرى، نصر اضافي لبغداد، وقوة ستراتيجية ستستخدمها في قابل الايام في عملية اعادة العلاقة بين بغداد واربيل الى مسار دستوري حقيقي، وما تأجيل مسعود للاستفتاء الإ اعلان هزيمة واضح سيكلفه موقعه السياسي، كما كاد ان يكلف الاستفتاء الاخوة الاكراد كل مكتسباتهم التي تحققت برضا بغداد او غضها النظر لاسباب وطنية بحتة.

 

علق هنا