العراق وسوريا يحفران قبرًا لداعش، يدفنان فيه اسطورة التنظيم الذي اوقف العالم على قدم واحدة

بغداد- العراق اليوم:

سريعة وخاطفة تلك هي المعارك التي خاضتها القوات العراقية ضد داعش، التنظيم الذي صنع في غرف مخابراتية عالمية، واريد له ان يكون كيانًا سرطانيًا في قلب خط الحرير القديم، ويفصل العراق وما خلفه عن الشام وما بعدها. تنظيم ولد كبيرًا وجاهزًا لاداء مهمته، ولم يتشكل رويدًا رويدًا كما هو الحال مع التنظيمات الارهابية الاجرامية التي تظهر في بلدان مختلفة.

مع تفجر الاحداث في سوريا نهاية ٢٠١١، كان داعش قد ظهر في جزئها المحاذي للعراق، وهذا الظهور له دلالاته طبعًا، ومكنتهُ جهات دولية كتركيا وقطر حينها من الاستيلاء على مدينة الرقة السورية التي نسيت اعوامًا طويلة، وتجاهلها الاعلام العالمي، كيما تختمر عجينة داعش سريعًا وتتمدد.

في العراق كانت الخطة تسير وفق ما تشاء تلك الاطراف، فبحسب شهادة القائد العام للقوات المسلحة السابق نوري المالكي، فأن الجهات المخابراتية العراقية رصدت معسكرات التنظيم في وادي حوران والجهات الغربية الصحراوية في الانبار، ورصدت عمليات تسليح وتدريب، وحين طالبت بغداد حليفتها واشنطن بضرب هذه التجمعات الارهابية، لان بغداد لا تمتلك سلاحًا جويًا قادرًا على معالجة هذا الظهور السرطاني، ردت الولايات المتحدة بطلب غريب من العراق، تريد من مجلس الأمن تفويضًا لضرب داعش في العراق !

ظلت داعش تتجمع في اودية ومناطق صحراوية بين العراق والاردن وسوريا، وباعتراف الخبير السياسي ابراهيم الصميدعي، فأن دول داعش دفعت لجهات سنية عراقية نصف مليار دولار امريكي لتشكيل ما سُمي حينها ب ( جيش العزة والكرامة) الذي تحول لداعش فيما بعد بحسب رواية الصميدعي.

في صيف ٢٠١٤ اجهز التنظيم على المناطق الغربية والشمالية من البلاد، ليحتل ٤٠ في المائة من مساحة العراق، وسط ذهول الجميع، وصدمة شكلت انتكاسة حقيقية، لم يعرفها الا من ذاق مراراتها. كانت حزيران العراقية موجعة، وتنشر اليأس في النفوس، خصوصًا مع التصريحات الامريكية التي قدرت ان وقت سحق التنظيم وطرده من البلاد سيحتاج الى ٣٠ عامًا من الحرب!.

شكل هذا الكسر النفسي والاحباط حاجزًا مضافًا الى هذا التمدد السريع في الاراضي العراقية وذوبان القوات المدافعة عن المدن، الامر الذي كان يدفع المختصين للبحث عن عامل يوازن هذا الانكسار ويملأ النفوس المحبطة بالعزم ، ويعيد الثقة لقواتنا المتقهقرة انذاك .

فكانت فتوى المرجعية ترياقًا شافيًا من هذا الاحباط، واعلنت البلاد الجهاد ضد التنظيم، فكان الحشد الشعبي البطل اول مفاتيح الانتصار العراقي، مع بروز ( جهاز مكافحة الإرهاب) كقوة ، وتنظيم، وكفاءة، وشجاعة غير طبيعية، ولم يطل الوقت حتى مُني التنظيم بأول هزائمه في آمرلي الصامدة وجرف النصر وديالى، هنا انتقلنا من ستراتيجية تمدد داعش الى عملية كنسها عن الارض العراقية، واستعادة المدن من سطوتها المدينة تلو الاخرى، وقبل نهاية الاعوام الثلاثة من هذه النكسة استعاد العراقيون ارضهم، واوقعوا بداعش مقتلة لم يعد فيها قادرًا على احتلال شبر من الارض، بل لم يعد قادرًا على الاحتفاظ بشبر من الارض، حول العراقيون ارضهم الى قبر يلتهم الدواعش، وسمائهم الى ابابيل ترمي الأشرار بصواريخ ماحقة ساحقة.

في العراق الذي اريد له ان يبقى اسيرًا لابشع احتلال، كتبت نهاية داعش، فما كان من التنظيم المنتشر في سوريا الا ان خارت قواه، فبات يتلقى الضربات تلو الضربات هناك، بل ان معلوماتنا المؤكدة تشير الى ان فصائل عراقية مقاومة بصحبة الجيش السوري، والقوة الداعمة والساندة، له تلاحق الدواعش  في  شتى بقاع الارض السورية .

وما هي الا ايام قليلة حتى يعلن العراق تطهير كامل جغرافيته من دنس داعش الى الابد، وتستعاد الرقة السورية ودير الزور، وتنهى اسطورة رعب صنعتها الغرف المظلمة والاقبية المخابراتية، لاهداف لن تتحقق ما دام العراقيون مؤمنون بقدراتهم وقوتهم كشعب حر يأبى ان يصبح ضحية لاجندة خبيثة ومخططات فاسدة.

نعم سيدفن العراقيون واشقاؤهم السوريون خلال ابام معدودة مشروع داعش الأسود، وينقذوا البشرية من كابوس ارعبها لسنوات، بل وأوقف العالم على قدم واحدة خوفاً ورعباً .                       

 

علق هنا