ماذا قال الإمام الخميني لرئيس تحرير جريدة السفير ليلة سقوط الشاه ونجاح الثورة الإيرانية؟

متابعة - العراق اليوم:

نشر في 18/1/1979 حوار أجراه رئيس تحرير «السفير» طلال سلمان مع الإمام الخميني في قرية نوفل لو شاتو الفرنسية. ركزت الحلقة الأولى من الحوار على «شخصية» الخميني والجو المحيط به، وتصوره لـ «الجمهورية الإسلامية». أما الحلقة الثانية فتتضمن موقف الخميني من إسرائيل، وكذا موقفه من العرب، مع وقفة أمام مسألة الخليج ودور إيران فيه. والحلقة الثالثة تتناول موقف الخميني من المرأة، خاصة، ثم من العصر ووسائل التقدم.

بعض مما جاء في مقدمة الحوار:

ما أصعب الحوار مع الخميني: ما أقساه. وما أمتعه. إن مجرد جلوسك إلى هذا الشيخ الجليل الواقف على عتبة الثمانين يحرجك ويكشف لك وجوه النقص في ذاتك، ويدخلك في امتحان حقيقي حول مدى معرفتك لنفسك ووعيك لتاريخ بلادك ومدى استيعابك لحقائق الحياة من حولك.

...الحوار مع هذا العجوز المنفي، البطيء الحركة، الواضح النبرة الحاد النظرات لا يمكن إلا أن يأتي متأثراً بصخب الثورة الهادرة جماهيرها في شوارع طهران وأصفهان وقم ومشهد وشيراز وسائر المدن الإيرانية. إن الهدير يحاصرك هنا أيضاً، وتحس بأنه صوت حركة التاريخ.

لا مجال للتعاطي مع الخميني بفهم مسطح للتاريخ. ولا مجال لحوار معه إذا حاولت حصره داخل حقبة محمد رضا بهلوي ووالده رضا خان. تماماً كما أنه لا مجال لحوار سوي معه إذا حصرته جغرافياً داخل حدود إيران.

الخميني عنوان، رمز لحركة إطارها الإسلام، والإسلام رسالة مواجهة إلى البشر جميعاً في كل مكان وزمان.

لهذا استغرب من حوله إصرارنا على أن نطرح أسئلتنا عليه وحده، وعلى أن نسمع منه مباشرة الأجوبة: - «صدقونا نحن نعرف تماماً بماذا سيجيب. قليلة هي الأسئلة الجديدة. قليلة بل نادرة هي القضايا التي لم يحدد «السيد» موقفاً منها. في الإسلام أجوبة على معظم إن لم يكن على كل ما طرح ويطرح من أسئلة وعلى كل ما عرض ويعرض من قضايا. لذا ارحموا شيخوخته، ولا تطيلوا عليه، وسنجلس معاً ساعات وأياماً حتى تفرغوا من أسئلتكم، وثقوا بأن أجوبتنا ستكون أجوبة «السيد» ذاتها.

وحين دخلنا عليه وانطلقنا نسأل تحققنا من أن ما قالوه صحيح، فهو محصّن ضد الأسئلة ـ المفاجآت. محصّن بالإسلام، يغرف من فيضه ويعطي، ومحصن بتجربة نضاله الطويل الممتد ست عشرة سنة بغير انقطاع كانت كافية بالتأكيد لأن يحضّر خلالها أجوبة تكفي لإقامة جمهوريته الإسلامية العتيدة.

مقتطفات من الحوار:

÷ إن تاريخ الشعب الإيراني تاريخ نضال مرير، وهو قد قام بأكثر من انتفاضة وفشلت. ما هي العوامل الموضوعية التي ترون أنها أدت إلى النجاحات التي تحققها حركة الثورة الشعبية الآن في إيران؟

{ مما لا شك فيه أن الهزائم التي تصيب الشعوب، خلال نضالها الطويل على طريق غدها الأفضل، تزودها بخبرات وتجارب هي من شروط النصر. على أن النضال الإيراني، في هذا الطور، يتخذ صورة أخرى، إنه يتخذ طابعاً إسلامياً مئة في المئة.

إن شعب الإسلام يقوم، هذه المرة، ليدافع عن الإسلام بكل قوته، وليمحو آثار النظام المعادي للإسلام الذي كان يقيمه الشاه. وفي سبيل الدفاع عن الإيمان بالإسلام وتأمين انتصاره، فإن هذا الشعب، وكما تلاحظون ويلاحظ العالم، مستعد للتضحية بكل شيء.

ومن الطبيعي أن يكتب النصر لنضال هذا طابعه، فهو نضال يخوضه الشعب ليس فقط لاستعادة كرامته وحقوقه المنهوبة، بل قبل ذلك لاستعادة وتأكيد هويته، في وجه عدو شرس حاول أن يدمر له هذه الهوية ووجوده العقائدي الإسلامي. وإننا على ثقة من أن الهزيمة ستحيق بهذا العدو، نتيجة لنهوض الشعب ووعيه.

÷ في حال نجاح الثورة الشعبية ضد الشاه (همس وهمسوا معه: إن شاء الله)، هل ترون أن القوى السياسية والقوى الاجتماعية التي تشارك الآن في العمل ستبقى موحدة، وستتابع عملها بشكل مشترك، أم أن الظروف قد تفرض أسلوب تحالف آخر؟!

{ الشعب هو صاحب القرار في كل الأحوال، على أنه من الضروري التأكيد على المؤثرات الأساسية في القرار، وأهمها النسيج الثقافي للشعب والقيم الإسلامية، إن لهذه المؤثرات دورها الكبير في صنع القرار وفي تحديد ماهيته.

نوفل لو شاتو ـ من طلال سلمان، 18/1/1979

 

 

 

علق هنا